من دفتر الوطن

لماذا نخشى التغيير؟

| عبد الفتاح العوض

علاقتنا مع التغيير ملتبسة جداً، ففي الوقت الذي يؤمن الجميع في قوانين الحياة والسياسة والكون أن التغيير أمر ضروري قبل أن يكون أمراً حتمياً إلا أننا بشكل أو بآخر نتوجس منه.

ربما تاريخ التغيير في المجتمع السوري لم يحفل بالسمعة الطيبة، وارتبط بكثير من الفوضى وقبل وبعد كل شيء يبقى التغيير مجهولاً والإنسان كما يقولون عدو ما يجهل.

ما أريد أن أناقشه هنا تغيير الوزراء والمديرين ومدى أن يكون لذلك أثر كبير في تغيير الحالة الاقتصادية التي نعيشها.

وفي المسألة وجهتا نظر:

الأولى تقول تغيّر كثير من الوزراء ولم يتحسن شيء، بل الأمور زادت سوءاً، ومن الأمثلة الحية على ذلك وزارة التموين التي انتقلت من شخص إلى شخص بمعدل كل عام وزير جديد، التي تسمى محرقة الوزراء، ولم يتمكن أحد من تخفيض الأسعار، ولم يستطع أحد أن يراقب الأسعار ولا أن يحفظ الصفقات من الفساد.. تغيّر الوزراء ولم يتغير شيء، ولا يمكن الحديث عن قدرات خاصة قام بها أحدهم إلا بحدود ضيقة.

وكمثال آخر وزارة الكهرباء لم يتغير بها شيء وكل وزير يكرر الكلام نفسه والتبريرات والتغيير الوحيد أن ساعات الظلام تزداد مع كل وزير، وهذا يعني أن الحالة أكبر من قدرات الوزير كفرد، والحديث يكون عن ضعف الإمكانات العامة وليس عن ضعف الأشخاص.

ومثال ثالث حكّام مصرف سورية المركزي، لم يتمكنوا من الحفاظ على سعر الليرة، لأن القضية لا تتعلق بقدراتهم الشخصية فقط، بل بمعادلات اقتصادية لا تستوي الآن في هذه الظروف الصعبة.

وجهة النظر الأخرى تقول إن الأفراد لهم دور كبير وإن التغيير حاجة ضرورية وعندما نجد وزيراً لم يستطع أن يقدم شيئاً فمن المفيد تغييره، لأنه غير جدير بالمكان ولأن شخصاً آخر يمكن أن يصنع الفارق.

والأمثلة -في العالم- على ذلك كثيرة عن شخصيات استطاعت أن تجعل شركات وأحياناً دولاً بكاملها تنتقل من حالة إلى حالة بفضل رؤية شخص اختار فريقه وقدم النجاح واضحاً مثل عين الشمس.

فلماذا لا يحدث الوزراء في بلدنا أي فارق في العمل إلا بنسب قليلة جداً…

ربما لأنهم لا يمارسون دورهم كوزراء، بل كموظفين وفارق كبير بين العملين.. كذلك إن اختيارهم يكون من النوعية والقدرات الشخصية ذاتها، بل في كثير من الأحيان بالطباع ذاتها.

بكثير من المباشرة والاختصار، الذين يدعمون فكرة التغيير يقولون إنه على الأقل يخلق أملاً جديداً، والتغييرات المتقاربة تجعل الوزير أو المسؤول أكثر حرصاً على النجاح، لأن الفشل سيدفع ثمنه هو أولاً.. والفريق الآخر يقول إن التغيير ليس بتغيير أشخاص وإن تواتر التغيير هو الذي يقضي على الأمل بل يحول خيبة الأمل إلى يأس؟.

آخر ما أقوله إن الواقع السيئ لا يتغير من تلقاء نفسه، ثمة مقولة بليغة: «إذا لم تغير أي شيء، فلن يتغير شيء».

أقوال:

• لا يمكنك إيقاف الأمواج، لكن يمكنك تعلم ركوبها.

• يمكنك تغيير العالم أو نفسك. والثاني أصعب.

• عندما تهب رياح التغيير، يقوم البعض ببناء الجدران والبعض الآخر طواحين الهواء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن