أم كلثوم كوكب الشرق… معرض توثيقي أرشيفي … محمد المصري: «أحتفظ بالكثير من الوثائق منذ خمسة عقود وأنا شغوف بذلك»
| مصعب أيوب
من أجل الاحتفاء بالفن الجميل ورواده وللحفاظ على ما تبقى منه أقامت مديرية الثقافة في دمشق معرضاً توثيقياً للباحث الموثق محمد المصري تحت عنوان: «أم كلثوم كوكب الشرق» وذلك يوم الأحد في السادس من آب في المركز الثقافي في الميدان، وقد جمع المعرض الكثير من الأدلة والوثائق التي تحكي عن أم كلثوم وعن أغنياتها والأفلام التي شاركت فيها وأشرطة الكاسيت والأسطوانات التي سجلت عليها الأغاني التي أدتها.
شغف التوثيق
أنا حريص دائماً على ارتياد الندوات والمحاضرات التي تدور حول زمن الفن الجميل لأن ذاك الزمن يعجبني كثيراً وأنا شغوف به وأنا أبحث كثيراً وأحاول أن أوثق كل ما يتعلق في زمن الفن الجميل لأنه لن يتكرر ولا بد من تخليده لكي لا يندثر ويتلاشى.
بهذه الكلمات افتتح الباحث محمد المصري حديثه للزوار الذين جاؤوا ليستمتعوا برائحة الفن الأصيل التي انبعثت من أوراق وحبر الوثائق التي جمعها وأعدها لهم.
وأشار المصري إلى أنه بعد المعارض التوثيقية التي أقامها سابقاً والتي منها معرض لسميرة توفيق ومعرض لليلى مراد وجد أنه لم يقم أي معرض توثيقي عن الراحلة أم كلثوم بعد البحث في كثير من مصادر المعلومات وشبكة الإنترنت حيث لم يجد ما يلبي طلبه فبدأ بعمليات البحث والتقصي وجمع كل ما يتعلق بالراحلة من أشرطة كاسيت ومقالات في الصحف وإعلانات الحفلات الغنائية وبطاقات الدخول وأجهزة العرض السينمائي التي استخدمت في عرض أفلامها وكذلك الأجهزة التي تشغل أسطوانات الأغاني منذ عام 1930 والتي كانت تستخدمها وصور نادرة لها أثناء الحفلات بالإضافة إلى وثائق تتضمن تواريخ الحفلات وتوقيتها وأسماء المشاركين فيها والكادر الفني وأهم الشخصيات التي حضرت ومناسبة الحفل ومكانه ما تطلب وقتاً طويلاً لعدة عقود من البحث.
وأكد المصري أن التوثيق الورقي والشهادات الرسمية تبقى ذات وقع كبير ولها رونق خاص يختلف عن التكنولوجيا الحديثة حيث تعج بالأصالة وتفوح منها رائحة الزمن الجميل على عكس التخزين الإلكتروني الذي يفتقد إلى الوجدانية والحميمية.
أرشيف فني كبير
من جانبها مديرة المركز الثقافي في الميدان ليلى صعب بينت أن المعرض يندرج ضمن خطة وإستراتيجية وزارة الثقافة للحفاظ على التراث وإعادة إحيائه بمختلف أنواعه، وأكدت أن الباحث محمد المصري صاحب أرشيف فني كبير جداً وضخم وجزء من مهمة الثقافة هو التشجيع على هكذا مبادرات ورعايتها من خلال إعادة نشر هذه المواد المؤرشفة وتعيد التذكير بهذه الأسماء الكبيرة، ونوهت إلى أنه من اللافت في توثيق الباحث المصري أنه يحرص دوماً على التمحيص والتدقيق والتوثيق بمهنية عالية لكل من صور العظيمة أم كلثوم وأغانيها وبطاقات العرض وأذون الدخول للعروض الفنية التي كانت تحييها وحتى أسطواناتها والأجهزة التي كانت تشغل تلك الأسطوانات ويحرص دائماً على الاهتمام بها لتحافظ على جودتها وهو ما يؤكد شغف هذا الرجل الكبير بالفن الجميل حيث إننا نفتقد مثل ذلك كثيراً اليوم. ونوهت أن جيل الشباب عندما يرى أو يحضر هكذا معارض فهي تثير لديه حمية لتقدير هذه الأشياء وتثمينها في وقت تغيب فيه الحميمية بين الفن والجمهور ونحن في مركز ثقافي الميدان نحرص على استضافة هؤلاء الأشخاص النخبويين وهم من الشغوفين في الفن الجميل ولعل وجودهم مغنم وقيمة مضافة لهذا المركز وللفن بأكمله.
عمق وبعد حقيقي
الدكتور كامل قداح أوضح أن الباحث المصري قدم صورة حقيقية عن الفنانة أم كلثوم وعن الفنان العربي بوجه عام حيث أن أعماله عميقة ولها أبعاد كثيرة ولاسيما أنه سوري يؤكد الأهمية التاريخية والحضارية لسورية باهتمامها بالفن وأهله
ولفت إلى أن هذه الصور والوثائق وكل المقتنيات عن هذه الفنانة الكبيرة تعني شيئاً كبيراً للسوريين وللعرب أجمعين وللذين يهتمون بالثقافة المادية وغير المادية.
وعليه ناشد الدكتور قداح المعنيين بتكريم المهتمين بالشأن الثقافي والاهتمام بهم لأنهم يجسدون الصورة الحقيقية للفنانين حيث إن الفنانين في سورية حتى الآن لم يأخذوا حقهم الريادي والتقديري حيث إن الفن هو الصورة الأبهى والأجمل لأي حضارة
وتابع أن أم كلثوم كانت مغنية عظيمة ولا يفيها حقها معرض توثيقي أو فيلم سينمائي ولا بد لنا من الاحتفاء بها مراراً وتكراراً ولا بد لجيل الفنانين الشباب اليوم من أن يحذوا حذوها لأنها وأمثالها عكسوا صورة الفن الأصيل الذي نحتاجه بشدة اليوم.
إنجاز مهم
شيخ كار الفنون التراثية والنحاسية عدنان التنبكجي بين أن المعرض يعد إنجازاً مهماً ولا بد للتاريخ أن يوثق مثل هذه الأعمال التي تعد مفخرة لكل عربي فهو أرشيف ذو قيمة عالية تمتد على مساحة الوطن العربي كله حيث تندر مثل هذه المعارض أو تكاد تكون شبه معدومة.
وشدد على أن المصري بذل الكثير من الجهد والتعب في سبيل الحفاظ على هذا التراث ليوثق الماضي الجميل بطريقة فنية وإبداعية واحترافية عالية
ولفت التنبكجي إلى أن الباحث المصري لديه أرشيف كبير أيضاً للراحل فريد الأطرش حيث إن هؤلاء المبدعين يندر تسليط الضوء عليهم أو يقل الإحتفاء بهم ولا بد للثقافة والمهتمين بها من مواظبة العمل للتذكير بهم وتخليد أسمائهم والوقوف عند منجزاتهم لأن الجيل الجديد يكاد يكون لا يملك أدنى فكرة عن تاريخ هذه الأعمال حتى وإن كان البعض منهم يستمع إلى تلك الأغاني ولكن حالة من الملل تصيبه بعد وقت قليل وينصرف عنها لأنه لم يعش لذة تلك الأوقات ولم يشعر بالروحانية والوجدانية التي كانت في تلك الحقبة.