برعاية السيدة أسماء الأسد انطلاق البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة … السيدة الأولى: سلامة أطفال أي وطن تعبر عن سلامة مجتمعه وأجيالهِ وبالتالي سلامة مستقبله
| محمود الصالح
برعاية وحضور السيدة الأولى أسماء الأسد انطلق رسمياً البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة أمس، في حفل رسمي كبير على مدرج جامعة دمشق.
وتحدثت السيدة الأولى بكلمة قالت فيها: لا يخفى على أحد منكم أن الرعاية الصحية هي واحدة من أهم معايير تقدم ورقيِ المجتمعات لكونها تعبر عن الوجهين الإنساني والإنتاجي لها وما يحملان من مضامين تنموية واجتماعية على اعتبار أن بناء الإنسان السليمَ المعافى هو مسؤولية إنسانية وأخلاقية.
وأضافت: لقد كان توفر العلاجات الطبية للمرضى هو المحور الأهم لقياسِ التقدم في مجال الصحة العامة عبر العقود الماضية، لكن التطور العلمي الكبير الذي تحقق عالمياً في هذا المجال قد بدل المعايير بحيث أصبحت الوقاية من الأمراض اليوم هي المعيار الأهم متفوّقة على العلاج والعناية الطبية اللاحقة، فالوقاية تخفض من نسبة حدوثِ المرض في أحسن الاحتمالات، وتجعل العلاج أكثر فاعلية في أسوئها.
كما أنها تسهمُ في تخفيض التكاليف الباهظة للرعاية الصحية والتي تُشكّل عبئاً كبيراً جداً حتى على موازنات الدول الغنية، فكيف ستكون الحال لِدول محدودة الموارد، محاصرة، محاربة؟ ستكون أهمية الوقاية مضاعفة بكلِ تأكيد.
وقالت: إذا كان الإنسان هو منطلق ومستقر أي عمل إنساني أو خدمات طبية تُقدَّم فإن الأطفال يحتلون المرتبة الأولى في هذه الخدمات، فسلامة أطفال أي وطن تعبر عن سلامة مجتمعه وأجيالهِ، وبالتالي سلامة مستقبله، وبمقدارِ ما يتّسمُ الطفلُ بشدة التأثر وسُرعةِ العطب يتميز بسُرعةِ التجدد والشفاء، وأكثر الأمراض شفاء لديهِ هي نفسها أكثر الأمراض إعاقة لِصحَته، وهي بالطبع الأمراض المتعلقة بالحواس لِما تشكّل من أساس النمو المعرفي والتواصلي للأطفال، وفي مقدمة هذه الحواس أهمية حاسة السمع، فالطفل الفاقد لها –كما ذكر السادة الأطباء والمختصون منذ قليل– هو فاقد للكلامِ أيضاً، غير قادر على التواصل ولا التفاعل مع محيطه، غير قادرٍ على التعلمِ ولا التطور، لكنه وفوق كلِ ما سبق هو عِبءٌ على ذويه ومجتمعه ووطنه من دون ذنب منه، بل بتقصير منا عائلةً أو مجتمعاً أو دولة وخاصةً أن الكشف المبكر لهذا المرض ممكنٌ ومتاح، ونتائج العلاج فعالة إلى حد كبير في حال تم التدخل المناسب في الوقت المناسب، فإذاً المسؤولية تقع علينا جميعاً بدءاً من الأهل والمؤسسات المعنية، مروراً ببروتوكولات تشخيص الحالة في مراحلهِا المبكرة، وصولاً إلى المعالجة التخصصية.
إن هذه المسؤولية المشتركة بين كل الجهات السابقة هي التي تشّكل روح البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة الذي نطلقه اليومَ، والذي لا ينطِلق من الصفر، إنما من مرحلة متقدمة مبنية على تجربة وطنية عمرها سنوات، تراكمت عاماً بعد عام، واستندت إلى تأهيل عالٍ للكوادر الطبية والفنية التخصصية، وإلى مراكز جديدة وتجهيزات حديثة.
وإذ يشكل البرنامج الوطني خطوة مهمة إلى الأمام في المجال الصحي، فهو أيضاً تجسيد حي للسياسات الصحية العامة التي بدأت سورية بانتهاجها وبخطا متسارعة.
ورغم أن التحديات على المستوى الوطني كبيرة ومتعددة إلا أنها لم ولن تكون مبرراً لعدم السير قدماً والإنتاج والإنجاز على مختلف الصعد وفي شتى المجالات، فاعتلال قطاعٍ أو جزءٍ من قطاع لا يعني عدم التقدم في قطاعات أخرى، وكما المرض بحاجة لعلاج مناسب وفي وقت مناسب، كذلك الأزمات مهما تعقدت فالخروج منها لن يكون إلا بالعمل الصحيح، والتوقيت المناسب، والعمل الدؤوب.
وختمت بالقول: إن هذه الدقائق القليلة التي استمعتم مشكورين فيها لكلمتي هي نفسها مُدة الفحص، هي نفسُها -إن أغفلناها- ما تفصل هذا الطفل عن عالمه لبقية حياته، سمعاً وتواصلاً وكلاماً، هي دقائق ستُمكّن آلاف الأطفال أن يكونوا أطفالاً كاملين في مجتمعاتهم بدل أن نحرمهم حقهم بالكشف المبكر، بالتقصير أو الإهمال.
فلنقم بواجبنا تجاههم أسرة، مجتمعاً ومؤسسات لكي تتحقق الغاية الأسمى، وليكون لكل طفل صوت يُسمع.
وزير الصحة: نعمل في برنامجِ مسحٍ وكشفٍ سمعيٍّ وطنيٍّ شامل للوصول إلى جميع المواليد الجدد في سورية
تحسين المؤشرات الصحية
بدوره وزير الصحة حسن غباش قال في كلمته: لمّا كانت وزارة الصحة هي المسؤولة عن تحسين المؤشرات الصحية للفرد والمجتمع وانطلاقاً من سعي الدولة السورية إلى توفير أفضل الخدمات الصحية للمواطنين أعلن إطلاق البرنامج الوطني للكشف والتدخل المُبْكر لنقص السمع عند حديثي الولادة والذي يقوم جوهرهُ على ضمانِ المسح والكشف والتشخيص المُبْكر لنقص السمع لدى جميع المواليد الجدد في سورية، بحيث يحصل كل المواليد على هذا المسح والتشخيص الضروري لمستقبل حياتهم أينما كانوا وفي أي محافظة سورية. ويهدف البرنامج إلى إجراء المسح لجميع حديثي الولادة قبل بلوغ شهرهم الأول من العمر، وتشخيص نقص السمع في حال وجوده قبل عمر الثلاثة أشهر، وبالتالي إتاحة الفرصة للتدخل المُبْكر والصحيح قبل عمر الستة أشهر.
وأضاف وزير الصحة: إن الوزارة مع شركائها جميعاً في البرنامج الوطني للكشف والتدخل المُبْكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، تتطلع ليكون المسح السمعي لحديثي الولادة شأنه شأن برنامج اللقاح الوطني الذي يقدم اللقاحات الضرورية، التي يلتـزم بها الوالدان تجاه طفلهما الرضيع، وسنعمل على تحقيق الالتزام من الوالدين بإجراء المسح السمعي لحديثي الولادة.
وأضاف غباش: إن هذا البرنامج استغرق إنجازه سنوات عديدة، وعَملت فيها أجهزة الدولة الرسمية ومؤسساتها المدنية والجمعيات الأهلية وخبراؤها، على وضع بروتوكولات طبية معيارية للمسح السمعي والكشف والتدخل المُبْكر لدى الأطفال المصابين بنقص السمع، منذ ولادتهم وحتى عمر الأربعة عشر عاماً، وبروتوكولاتٍ لتأهيلهم في مجال اللغة والكلام، وتم اعتماد هذه البروتوكولات كدليل عمل وإجراءات للمعنيين في مواجهة نقص السمع، بحيث تضمن هذه البروتوكولات الطريقة المعتمدة عالمياً للوصول إلى النتائج المرجوة لدى الأطفال الذين يعانون نقص السمع.
وتابع قائلاً: هذا البرنامج يعني وصولنا إلى برنامجِ مسحٍ وكشفٍ سمعيٍّ وطنيٍّ شامل لجميع المواليد الجدد في سورية، بجميعِ المحافظات ضمن إطار زمني وعملي، للكشف المُبْكر عن نقص السمع لديهم قبل بلوغهم الشهر الأول من العمر، وبالتوازي مع المسح والكشف المُبْكر، نعمل ضمن برنامج تشخيص سمعي للمواليد الذين يتبين أن لديهم نقصاً في السمع، لتحديد ماهيةِ هذا النقص قبل بلوغهم الشهر الثالث من عمرهم، وعلى الخط الوطني ذاته نتحرك ببرنامج تدخلٍ طبيٍ لهؤلاء المواليد عبر المعينات السمعية ومنها عمليات زراعة الحلزون.
وختم وزير الصحة بقوله: عند الحديث عن العمل الإنساني والإنجاز النوعي، العطاء وتذليل العقبات، متابعة الخطط والبرامج، وخصوصاً تلك الرامية إلى تعزيز صحة الفرد والوقاية من الأمراض الخطرة، ودعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للحصول على فرصٍ متكافئة، لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل، للسيدة الأولى، أسماء الأسد، التـي رسمت المسار ودعمت تنفيذه منذ قرابة عقدين عبـر رعايتها لأهم برامج للتأهيل السمعي طبياً ونفسياً واجتماعياً، لنصل اليوم لبرنامجٍ وطنيٍ متكامل للكشف والتدخل المُبْكر لنقص السمع.
بروتوكلات الكشف المبكر
وتحدثت مديرة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة رزان طرابيشي عن بروتوكولات الكشف المبكر لحديثي الولادة، موضحة أن هناك 39 مركزاً للمسح السمعي مزودة بالأجهزة اللازمة وهناك 12 مركزاً للتشخيص السمعي، وهناك 140 مختصاً يعملون في هذا البرنامج في مراكز المسح والاستقصاء منهم 107 ضمن وزارة الصحة و16 في مشافي الدفاع والتعليم العالي والداخلية و12 مختصاً في منظمة آمال و8 مختصين في الهلال الأحمر.
نقص السمع عالمياً
وتحدث البروفيسور ديفيد ماكفرسون عن نقص السمع عالمياً، فيما تحدث عضو مجلس الأمناء في المنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة «آمال» علي تركماني عن تجربة «آمال» خلال عشرين عاماً من العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما استعرض الاستشاري عبد الرحمن العوض بروتوكولات التدخل الوطني المتعلقة بنقص السمع، فيما تطرقت المدير التنفيذي للمنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة «آمال» رنا المنجد إلى النهج الشامل في التأهيل السمعي اللفظي.
وتوقفت السيدة الأولى بعد انتهاء مراسم الاحتفال مطولاً مع لوحات تعبيرية شرح لها مضامينها أطفال استعادوا حاسة السمع، وعبروا لها عن شعورهم بعد أن تمكنوا من ذلك وأثر هذه الحاسة على علاقتهم بذويهم وبمحيطهم الاجتماعي.
حضر الإطلاق عدد من الوزراء والسفراء المعتمدين في دمشق والمستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية لونا الشبل، إضافة إلى بعض معاوني الوزراء والمديرين المعنيين وعدد كبير من الإعلاميين.