كشفت صحيفة «جروزليم بوست» الإسرائيلية الصادرة بالإنكليزية في الـ 11 من آب الجاري أن موقع «تويت» الخاص بـ«لجنة التدقيق بصحة تقارير الشرق الأوسط الصحفية في الولايات المتحدة» المعروفة اختصاراً بمنظمة «كاميرا – CAMIRA» أكد أنه فُرض على قناة «فرنسا 24» أن تطرد الصحفية دينا أبو صعب اللبنانية الجنسية، من العمل في قناتها الإعلامية بعد اتهامها بمعاداة السامية، وهي رابع صحفية يتخذ قرار بطردهم من العمل بالقنوات الفرنسية لأنهم سمحوا لأنفسهم عبر صفحاتهم في موقع «إكس» أو «تويتر» سابقاً، بانتقاد إسرائيل والاحتلال وخاصة «لأن دينا أبو صعب أطلقت صفة الشهيد على فلسطيني قتله جنود إسرائيليون» في موقع «إكس» الخاص بها بموجب ما ذكر موقع لجنة «كاميرا – CAMIRA» اليهودي الأميركي، بعد أن كانت الصحفية اللبنانية جويل مارون العاملة لإحدى مؤسسات الإعلام الفرنسية قد أقيلت لأنها انتقدت إسرائيل بعبارات عديدة من بينها ما ذكرته في رسالة عام 2017 على «إكس» بـ«أن تدفق اليهود إلى فلسطين هو سبب النزاعات في الشرق الأوسط».
يبدو من المؤكد أن منظمة «كاميرا» ولجانها المنتشرة في مختلف أرجاء العالم تقوم دائماً بمراقبة وتدقيق أي انتقاد يوجهه الموظفون والإعلاميون الذين يعملون في وسائل الإعلام العالمية وخاصة الأوروبية والأميركية حتى لوكان هؤلاء الموظفون ينشرونه في وسائل التواصل الاجتماعية الخاصة بهم والفردية مثل «إكس» و«واتس أب» و«فيسبوك»، فرقابة الحركة الصهيونية تلاحقهم وتبلغ المؤسسات الحكومية الأوروبية عن «معاداتهم للسامية» خاصة حين يكونون موظفين في وسائل إعلام ذات صلة بالحكومات الأوروبية مثل «فرانس 24» وغيرها.
يشير موقع «كاميرا» الإلكتروني وكذلك المصادر الأميركية، إلى أن مهمة هذه اللجنة هي تحذير وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من أي سرديات تصف إسرائيل بالسوء وبالعنصرية وتطلب تعديل هذه السرديات أو الامتناع عن ترويجها، وتضم هذه المنظمة أكثر من 65 ألفاً من الأعضاء الذين يتقاضون رواتب مالية على مهمات الرصد والمراقبة ونقل التقارير لقيادة منظمة «كاميرا» التي تعد من بين أهم أربع منظمات يهودية صهيونية في الولايات المتحدة، وتشارك باجتماعاتها الدورية أو الطارئة، وذكرت في بعض تقاريرها أنها فرضت على 46 موقعاً إعلامياً تصحيح ما نشره، وهذا ما جعل وسائل الإعلام تصفها بـ«أكثر مجموعات الدفاع عن إسرائيل تطرفاً» وبأنها تتبنى سياسة اليمين الإسرائيلي المتشدد.
وتأسست هذه المنظمة قبل أكثر من أربعين عاماً على إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ووصفت مجلة «فوروورد «اليهودية الأميركية رئيس منظمة «كاميرا» أندريا ليفين بـ«واحد من أهم خمسة من قادة اليهود الأميركيين الأكثر نفوذاً ونشاطاً في الدفاع عن إسرائيل، وسياساتها في العالم».
ويبدو أن نشاط هذه المنظمة الواسع في أوروبا والولايات المتحدة في مراقبة ورصد ما ينشر من انتقاد لإسرائيل سيتسع تدريجياً ليشمل العالم العربي والإسلامي ووسائل إعلامه، فما تفرضه هذه المنظمة على الغرب ووسائل إعلامه، ستحاول من دون شك فرضه على العالم العربي وعلى كل ما ينشر بالعربية في وسائله الإعلامية بهدف ترسيخ أكاذيبها وافتراءاتها على العرب والمسلمين ولا بد في هذا السياق من أن تستعين بضغوط أميركية لابتزاز الحكومات العربية.
وتزداد الخطورة التي تنتج عن نشاط هذه المنظمة في العالم حين نرى أن ضحيتها من الشعب الفلسطيني والشعوب العربية سيواجهون هذه المنظمة وسيتصدون كجبهة مضادة للدفاع عن حقائق هذا الصراع العربي – الصهيوني ومن أجل حماية ثقافة مقاومة الاحتلال بكل الأشكال وخاصة في وسائل إعلام هذه الأمة.
الحركة الصهيونية يزداد يوما تلو آخر عدد منظماتها الميدانية السياسية والإعلامية التي تستخدم مئات الآلاف من المستخدمين الصهيونيين لهذا الغرض، ويتعاظم انتشارها وتأثيرها في تزييف الوقائع في العقل الأوروبي والأميركي، وتشير الإحصاءات إلى وجود مئات المنظمات الإعلامية الصهيونية التي تتفرع عنها آلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من المواقع الإلكترونية في وسائل التواصل الاجتماعية والإعلامية لترسيخ الاحتلال الإسرائيلي وشرعنته في العقل الغربي ومسح دماغ الأجيال العربية بوسائل التزييف والإرهاب والابتزاز.