ثقافة وفن

ورقيّات

| منال محمد يوسف

عندما نتحدث عن الورقيات… وفلسفات خاصّة بها، عن شيءٍ اعتدناه في الماضي، وعناوين تأتي الذاكرة في بعض الأوقات.

ومن ثمّ، نحنُّ إلى فلسفة تلاقي شيئاً من الثقافات الورقية، وإلى فلسفة القراءة الخاصة بذواتنا، الخاصة بتلك المنهجية، التي ما زلنا نسألُ عنها، وعن الزمنيّة، زمنيّة الشيء المقروء.

هل تندثر تلك الأزمنة، وكأنها شيء لم يكن؟!‏

أزمنة الورقيّات، هل نقرأ منها، وما زلنا على تلك العادة الحميمة التي تترك في أنفسنا ذكرى ما؟

وتترك لنا قصاصات من التوهّج اللحظي، لا يمكن إلا الوقوف عندها، بين ضفتي أي كتاب:‏

في أي الأوقات قرأنا صفحات؟‏

وفي أي الأزمنة دخلنا تلك الصفحات؟‏

دخلنا ماهية تلك السطور، التي تبدو ربما شاردة عتباً، وحكايات محتواها لاتستأنس فينا، كما أيام زمان، كأنها في غربة ما، ومن يعرف كم تطول هذه الغربة؟‏

ومن ثمّ، كم ستطول غربتنا نحن، عن عادات، كانت هي الأجمل، والمحبّبة إلينا أيام زمان؟!‏

ولكن، لا عتب على هذا الزمان وذاك، العتب على من يستقرىء كل شيء، إلا الاحتفاظ بتلك العادات، التي يجب أن تكون لها المرتبة الفُضلى لدينا.. ‏

المرتبة المُثلى وفق تقويمنا نحن، وفق تقويم الكتب والورقيّات، التي ما زلنا نحتفظ بها، ويحتفظ بها البعض، ولكنها، في معظم الحالات، لا تُقرأ، لا يزال بعضها مصفوفاً فوق بعض، يناجي من يقرأ بعضه، ومن يحاول أن ينفض غبار الزمن عنه، ويحاول أن يبحث عن بواعث مشرقة في هذا الكتاب أو ذاك، أن يبحثُ عن أنوار ثقافيّة لا تزالُ تحاكي العقل البشري في كلّ زمان ومكان، تحاكي الاستشراق الوجودي الإنساني، وتسألنا بلهجة الاستغراب، الذي يحتاج إلى دليل ما، تسألنا: كيف لا نحاكي تلك الورقيات، بلغة الاستفهام المنطقي، عن كلّ شاردة وواردة في بطون الكتب، بطون المعرفة الإنسانية التي نحتاج إلى شعاع حرفها، نحتاج إلى أشرعة سُفنها، كما نحتاج إلى أن نحفظ ماء الوجه، وجهها هي، أو وجه التعارف بيننا وبين كل إصدار جديد؟!‏

بين ذواتنا وبين شيءٍ ما، يجعل الكتب هي الأقرب إليها، إلى بوصلات أوقاتنا نحن، أوقاتنا التي يجب أن تكون لها حكاية أخرى، تُروى من الشيء المثالي، الذي يشبه الشوق المعرفي، الشوق الجائع إلى المعرفة الحقّة، المعرفة التي يجب أن تكون قنديلنا الهادئ المستنير، ولكن أين نحن ممّا نتحدث عنه من كتب، أصبح بينها وبين مجتمعاتنا فرقة دهرٍ، وغصّة زمنٍ. ‏

أصبح الوقت سريعاً، وقراءة الكتاب تأخذ منا الوقت الطويل؟ تلك فلسفة أخرى، قد نُفضّل التمركز على شمّاعتها، قد يُفضّل البعض التعلّق بأهدابها.. ‏

ولكن، إلى أين نذهب نحن، عندما نهجر العديد من العادات الجميلة، ونستبدلها بتوافه الأمور؟!

نستبدلها، ولكن هل لنا أن نفكّر في ماهيّة الاستبدال المنطقي الإيجابي، قبل كلّ شيء؟‏!

هل لنا أن نُفكّر بماذا تمّ استبدال عادة القراءة مثلاً؟‏ وبماذا تمّ الاستبدال أو الحذف؟!

كلّنا يعرف الجواب تمام المعرفة، يعرف أن لغات التواصل الاجتماعي، هي الأقوى الآن. ‏

ولكن، إلا نمتلك ميزة الاحتفاظ بذواتنا، لكي نحفظ عادات، كانت محبّبة إلينا؟!‏

عادات، تجعلنا نقرأ أكثر، ونستلهم المعرفة الثقافية من هنا وهناك، ومن ثمّ، نستطيع أن نستقرىء كلّ ما حولنا، بشكل واع وصحيح إذ رجعنا صادقنا أشياء قد تبدو عوالمها مدهشة وقد تسمّى فيما تُسمّى «عوالم الورق المطبوع وعظيم ما يتركه من ثقافة لا يخفت ومضيها على مرّ العصور».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن