جميل أن نبدأ نهاراتنا بنغمة فرحة، وأغنية تحكي قصة حب رقيقة كانت حقيقة ذات يوم، و«كمشة» تفاؤل، وكلمة تبعث الأمل في النفوس المتعبة من مشقات سفر العمر المضني.
.. وما أجمل أن نبدأ أيامنا بإرادة التحدي لكل الظروف، ورغبة عارمة في ترف العشق الممنوع والمسروق و.. المسحوق.
سوف نحيا، سمعت صباح اليوم الرائعة فيروز تشدو: سوف أحيا و.. نحيا، فلماذا لا ننضم إلى حزب الحياة، وشلة الحب، وفريق الأمل والتفاؤل، ومعاً سوف نحيا.
تعرفون أن الأيام الحلوة والسعيدة قليلة في حياتنا، فلماذا نسمح للحظات الفرح القليلة أن تتسرب من حياتنا كما تتسرب الماء من بين أصابعنا، هل نحن عاجزون عن صنع لحظة فرح، ويوم سعادة؟.
أكتب من أجل الحياة مع علمي الأكيد بصعوبة الأيام التي نمر بها جميعاً، لكن عذري أننا نعيش في مركب واحد، فإذا كتب علينا أن نعاني الضغوط الهائلة التي نتعرض لها، فلماذا لا نمنح أنفسنا لحظات مهما كانت قليلة ننسى فيها جبال السلبيات ونتذكر فقط تلك الإيجابيات القليلة المتبقية في جعبتنا، ونعتبرها استراحة المحارب؟.
ابحثوا عن سعادة ولو كانت عابرة، وعن عمل مميز يشعرنا بقيمة الحياة ومتعتها ولذتها، فنحن على الأقل على قيد الحياة نتمتع بنعمة الصحة وسلامة العقل والقدرة على الحركة، ووجود أصدقاء وأقارب يغيثوننا في أوقات الضيق، وتذكروا الحكمة التي قالها الفيلسوف الإغريقي أفلاطون منذ نحو أربعمئة سنة قبل الميلاد والتي تقول: «الحياة أمل، فمن فقد الأمل، فقد الحياة».
كثيرة هي الحكم التي تتحدث عن فضائل الأمل، ونحن اليوم نتمسك بهذا الأمل، فالأمل يعني الحياة نفسها، ومن لا يملك الأمل يفقد مقومات الحياة.
نعرف أن الشمس على جبروتها غير قادرة على منح قلب متعب نعمة الدفء، وأن القمر لم يعد رفيق السهر ونديم العشاق والشعراء، أصبح كتلة من حجارة وصخور ورمال، عرفنا أنه صحراء قاحلة كبيرة غير صالحة للعيش.
صحيح أننا لا نملك استعادة الزمن الذي نقول عنه «الزمن الجميل» ولا أيام الأحلام الوردية الجميلة، لكن ذلك لا يعني أن نرفع راية الاستسلام والإقرار بالهزيمة قبل أن تقع، لكننا على قيد الحياة وبإمكاننا تحقيق انتصارات صغيرة وأفراح معقولة تسعفنا قبل الوقوع في دوامة اليأس.
أكتب اليوم عن الحياة، وأعرف أني لست فيلسوفاً، لكنني أكتب عن موضوع يهم جميع الناس، والحياة تبقى حلوة وفسحة زمنية محددة يجب أن نعيشها ولو كانت صعبة ومتعبة.
وعندما نبلغ «سن التعب» فعلينا أن نبحث عن فرص حياة جديدة، أو متجددة، فيها صخب الشباب وحيويتهم، وفرح الدنيا وحرارة الحب وأيام المرح، صحيح أن لكل سن حلاوته وجماله، لكننا طماعون عندما نقرر تجديد الشباب في سن الكهولة، وليس بمقدور أحد أن يصادر أحلامنا، أو أن يلغم دروبنا الوردية المزروعة بالورود والألوان والألحان، هي دروبنا في أي مرحلة من مراحل عمرنا.
اليوم تحدثت عن دروب الحياة، ولم أدخل في تفصيلات حياتنا اليومية، فذلك أفضل، على الأقل هناك من يسمع ويقرأ، أما في الموضوعات اليومية.. فلا حياة لمن تنادي.