قضايا وآراء

الكيان بين اعترافه بفشل إستراتيجية «المعركة بين الحروب» وخطته البديلة

| تحسين حلبي

في شهر تموز الماضي نشر «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» دراسة عسكرية سياسية بعنوان مثير هو: «إستراتيجية المعركة بين الحروب أمام مفترق طرق (2013-2023) فماذا بعدها»؟ تعرض باختصار الأهداف الرئيسة لهذه الإستراتيجية التي قامت خلال عشر سنوات الحرب الكونية على سورية على «شن غارات حربية بين فترة وأخرى من عام 2013 حتى الآن على مواقع داخل الأراضي السورية بحجة منع نقل السلاح لحزب اللـه ومنع التموضع الإيراني في سورية ولإضعاف القدرات العسكرية السورية وتفكيك المحور الإيراني- السوري ودعمه لحزب الله».

تعترف الدراسة باختصار بفشل الكيان الإسرائيلي في تحقيق أهداف هذه الإستراتيجية، موضحة أن «مجموعة من التغيرات الإقليمية التي فرضت نفسها جعلت إستراتيجية «المعركة بين الحروب» تخفق في تحقيق أغراضها، بل إن نتائجها تسببت بمضاعفات سلبية غير محسوبة لا تزال آثارها تزداد للأسباب التالية:

1- انتصار الرئيس بشار الأسد على المجموعات المسلحة واستعادة السيطرة على معظم أراضي سورية.

2- تسوية العلاقات بين الرياض ودمشق.

3- استمرار وجود المحور الإيراني- السوري مع حزب اللـه والمنظمات الفلسطينية.

4- تراجع الدور الأميركي في المنطقة.

وبناء على هذه المقدمة التي عرضتها الدراسة الإسرائيلية بشكل موجز، انتقلت الدراسة إلى عرض مقترحات تستعيض عن إستراتيجية «المعركة بين الحروب» بمجموعة توصيات على شكل خطة إسرائيلية لتحقيق أهداف إسرائيل الإقليمية والدولية، لأن إستراتيجية «المعركة بين الحروب» أعدت لتحقيق أهداف إقليمية ودولية وليس لاستهداف سورية وحدها أو إيران وحدها، بل كانت تستهدف كل أطراف محور المقاومة عن طريق تلك الغارات الصاروخية أو الجوية بين فترة وأخرى.

وجاء في هذه التوصيات: أولاً – إعادة دراسة إستراتيجية «المعركة بين الحروب» وما إذا كانت قد حققت مجمل ما كان مطلوباً منها.

ثانياً – هل يجب تغيير الأهداف التي أعلنت، ومنها ضرب الوجود الإيراني الذي لم تستطع إستراتيجية «المعركة بين الحروب» إنهاءه؟

ثالثاً- القيام بدراسة وضع سورية من جديد بهدف تحديد طرق عمل مختلفة في مناطق متعددة.

رابعاً- إعداد الجيش الإسرائيلي لسيناريو حرب متعددة الجبهات وإيلاء أهمية لدور القوات البرية، والتأكيد الإعلامي بأن إسرائيل لا تخشى من حرب شاملة على جبهة الشمال ولن تحترم الخطوط الحمر التي يضعها الأعداء.

خامساً- وضع خطة عملية سرية للمنطقة لتوليد أزمات سياسية داخلية وخاصة في سورية ولبنان.

سادساً- العمل على بلورة تحالفات على الساحة الإقليمية والدولية حيث تشكل وزناً مقابلاً لمحور إيران- سورية- حزب اللـه وتحالفه مع روسيا والصين من أجل تقديم المساعدة في تجديد التدخل الأميركي المباشر في المنطقة وتحقيق أهدافه.

وبعبارات أكثر وضوحاً يبدو أن هذه التوصيات تسعى إلى خلق أزمات أو نزاعات داخلية في أكثر من مكان وليس في سورية ولبنان فقط، بموجب ما توصي به الخطة، بل بعلاقات محور المقاومة مع العراق ومع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، فإسرائيل ترى أن العراق يعد حليفاً مؤثراً لسورية وإيران، وهذه الخطة تدعو في الوقت نفسه إلى عدم السماح بوجود تضامن عربي إقليمي يضم في صفوفه سورية وإيران وتخشى من تأثيره على دورها وسياستها التوسعية.

وربما كان أحد أسباب اعتراف الدراسة الإسرائيلية بفشل إستراتيجية «المعركة بين الحروب» والتوصية باستبدالها بالخطة المذكورة، يعود إلى الخوف من أن يؤدي استمرارها في إحدى الغارات إلى حرب شاملة على جبهة الشمال، وهذا ما حذر منه قبل فترة رئيس أركان جيش الاحتلال غادي آيزينكوت، وكذلك الجنرال أفيف كوخافي الذي حل محله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن