تركزت في الأنبار والتنف باتجاه القائم … واشنطن تنفي رسمياً توجه جيشها المحتل إلى البوكمال.. وتحركاته على الأرض تثير الريبة
| حلب - خالد زنكلو
طرحت تحركات جيش الاحتلال الأميركي الأخيرة بالقرب من الحدود المشتركة بين سورية والعراق تساؤلات عديدة عن ماهية وهدف تلك التحركات، على الرغم من تصريحات مسؤولي واشنطن الأخيرة «المطمئنة» لجهة عدم نيتها السيطرة على مدينة البوكمال ومعبر القائم فيها لإغلاق الحدود البرية السورية- العراقية.
وأثارت الحشود العسكرية لجيش الاحتلال الأميركي على جانبي الشريط الحدودي بين سورية والعراق وبمشاركة منظمات إرهابية، وإعادة تمركزها بالقرب من البوكمال والقائم، ريبة المراقبين للوضع الميداني في المنطقة، الذين لم يستبعدوا عزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على الإطباق على الحدود لفصل البلدين بشكل كامل عن بعضهما بعضاً، وما يعنيه ذلك من تغيير خريطة السيطرة وفرض واقع ميداني جديد يحرف بوصلة الصراع لمصلحة واشنطن مع موسكو وطهران في منطقة حيوية من الناحية الجيوسياسية للدول الفاعلة إقليمياً ودولياً.
وشككت المصادر المراقبة لـ«الوطن» في تصريحات المسؤولين الأميركيين الأخيرة لطمأنة روسيا وإيران وسورية والعراق بعدم التعرض لحدود الدولتين الأخيرتين، وعدّت الحشود العسكرية لجيش الاحتلال الأميركي في كل من محافظة الأنبار غرب العراق باتجاه القائم وفي الضفة الشرقية لنهر الفرات حيث قواعد الاحتلال غير الشرعية وفي منطقة التنف عند مثلث الحدود السورية مع الأردن والعراق، بمنزلة إنذار مبكر حول نية واشنطن القيام بعمل عسكري ما نحو البوكمال، الغاية منه قطع التواصل البري بين سورية والعراق.
ورأت المصادر أنه وعلى الرغم من التهدئة السارية المفعول من الجانب العراقي مع قوات الاحتلال الأميركي التي وجهت أرتالاً عسكرية ضخمة من مناطق عراقية مختلفة باتجاه محيط القائم غرب الأنبار من دون إيضاح الهدف المعلن منها مع تشكيك قيادات عسكرية عراقية بصحة التسجيلات التي تناولت الحشود، إلا أن دخان التحركات الأميركية الغامضة قد يشعل نيران تصعيد عسكري قادم ويضع منطقة الحدود على شفا حرب واسعة، إذا صحت الترجيحات حول مغامرة جيش الاحتلال بالسيطرة على القائم والبوكمال.
ومن الجانب السوري للحدود، وحسب المراقبين، لا تزال الجبهات وخطوط فصل الجيش العربي السوري وحلفائه مع ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» بين ضفتي نهر الفرات ساكنة ولا تشي بنية جيش الاحتلال الأميركي شن أي عملية عسكرية من قواعدة العسكرية غير الشرعية شرق نهر الفرات باتجاه ضفته الغربية حيث الميادين والبوكمال بريف دير الزور الشرقي، ولاسيما بعد إعلان متزعمين من الميليشيات أن مسلحيهم ليسوا في وارد المشاركة بمثل هذه العملية، وهو موقف ميليشيات أخرى متحالفة مع القيادة العامة لـ«قسد» مثل «الصناديد» و«ثوار الرقة».
المصادر نفت صحة التقارير التي روجتها وسائل إعلام عراقية عن توجه قوات من الاحتلال الأميركي وبمؤازرة مسلحي ميليشيا «جيش سورية الحرة» العميلة له من قاعدة التنف وبمحاذاة الحدود السورية- العراقية أقصى جنوب شرق البلاد نحو البوكمال، ولفتت إلى أن الشريط الحدودي من التنف إلى القائم تعود حماية نصف طوله إلى الجيش العراقي لكونه يؤدي إلى داخل البلد الجار لسورية، وليس من السهولة السيطرة عليه خلال فترة قصيرة، أو التوجه في عمق البادية لجهة الشمال الشرقي للوصول إلى القائم المعبر البري الوحيد بين البلدين.
وكان قائد قوة المهام المشتركة لعملية «العزم الصلب» في «التحالف الدولي»، الذي تقوده واشنطن، ماثيو ماكفارلين، صرح لوسائل إعلام الخميس بأن «التحالف الدولي لا يعد أي عمليات عسكرية لقطع الطريق على أي جهة في شرق سورية، باستثناء تنظيم داعش الإرهابي، وقال: «نحن نركز على داعش، وانعدام الاستقرار الذي قد تتسبب به حفنة من المقاتلين إذا استعادت السيطرة أو أعادت بناء عديدها لتشكل تهديداً أكبر».
أما السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بات رايدر فأدلى بتصريح الخميس رد فيه على أسئلة الصحفيين حول تقارير متداولة في وسائل إعلام عربية معارضة تحدثت عن تحرك محتمل لقوات أميركية من قاعدة التنف، بقوله: «إن حماية الحدود السورية- العراقية ليس من ضمن مهام القوات الأميركية الموجودة في سورية، إذ إن الوجود الأميركي في سورية يتعلق بمهمة هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» فيها، وهي محط تركيز القوات الأميركية هناك، ولا توجد مهام أمن حدودي ضمن مهمة التحالف، لأن توفير أمن الحدود من واجب الحكومة العراقية».
في السياق ذاته، كشف نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتل خلال مؤتمر صحفي في ١٥ الجاري أن الولايات المتحدة «تواصل دعم الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي في سورية. ودعا جميع الأطراف للالتزام بوقف إطلاق النار واحترامه لتعزيز الاستقرار في سورية، والعمل من أجل حل سياسي للصراع».