بات واضحاً أن هناك الكثير من التداعيات السياسية والإستراتيجية المختلفة التي تؤثر في دائرة صنع القرار الداخلي في المنظومة الفلسطينية، سواء على الصعيد السياسي الداخلي أم الدولي على حد سواء، وفي هذا الإطار رصد عدد من التقارير ما يمكن تسميته بالتغيرات أو محاولات تحسين ظروف العمل والحياة في القدس الشرقية، وهي الظروف التي تعود إلى تدخل الدول الأوروبية فضلاً عن الأمم المتحدة من أجل إجبار إسرائيل على إجراء تغييرات نوعية في القدس الشرقية في ظل حالة الإهمال الواضحة التي يعيش فيها أهالي المدينة، فضلاً عن التجاذبات وحدّة المواجهات التي تندلع بين فترة وأخرى في القدس الشرقية والتي تؤثر في حياة الناس والمواطنين.
وبات واضحاً أن الكثير من الدعوات التي يطالب بها عدد من القيادات التابعة لحركة حماس للتصعيد ضد الاحتلال يشجع سكان القدس الشرقية على المقاومة، وهو ما يسعى الاحتلال لاستغلاله من أجل العمل على الظهور بشكل أفضل من المنظور الدولي.
وفي كل مرة تواجه «المساعدة» التي يقدمها الاحتلال بمقاومة من بعض الجماهير الفلسطينية، وهو ما يعكس لبعض من الدوائر الدولية أن الفلسطينيين وفي كثير من الأحيان كانوا سبب أزمات القدس وفلسطين وليست إسرائيل، وهو ما يزيد من دقة هذه الأزمة.
اللافت أن هناك حالة من التحذير الرسمي التي يدلي بها الكثير من المسؤولين الفلسطينيين بسبب هذه التدخلات والسياسات من الاحتلال، حيث أكد وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي، أن التصعيد الإسرائيلي في مختلف مناحي الحياة بالقدس «يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً»، معتبراً أن «العديد من الانتهاكات الإسرائيلية بالمدينة ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
وأكد الهدمي، خلال استقباله وفداً من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة برئاسة أندريا دي دومنيك، مؤخراً، أن «التصعيد الإسرائيلي في القدس لم يتوقف منذ الاحتلال، لكنه ازداد بشكل ملحوظ منذ تسلم الحكومة اليمينية الإسرائيلية مهامها»، مشيراً إلى أن «عدد المنازل التي هُدمت في مدينة القدس المحتلة منذ بداية العام الجاري، يفوق عدد التي هُدمت خلال العام الماضي بأكمله».
المعروف أنه ومنذ احتلال الشطر الغربي لمدينة القدس عام 1948 وشطرها الشرقي 1967، اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلية سلسلة إجراءات وسنّت مجموعة قوانين وتشريعات تصبّ كلها في اتجاه السيطرة الجغرافية والديموغرافية على المدينة وتهويدها.
وأصابت إجراءات الاحتلال قطاعات البلدية والصحة والتعليم والمقدسات والأرض والعمران وهويات السكان، فضلاً عن العزل التام للمدينة بجدار أكدت محكمة العدل الدولية في لاهاي عدم قانونيته.
وفي هذا الإطار يمكن القول بالمعطيات التالية:
1- خلال 1967-2014 سحب الاحتلال بطاقات الإقامة من أكثر من 14481 مقدسياً، بينما تكشف معطيات «جمعية حقوق المواطن في إسرائيل» أن نسبة الفقر بين المقدسيين بلغت عام 2013 نحو 79.5 بالمئة.
2- وفق «مؤسسة المقدسي»، فإن بلدية الاحتلال ووزارة داخليته تسعيان لرفع نسبة الوجود اليهودي في مدينة القدس من خلال تنفيذ مخطط القدس 2000 إلى 77 بالمئة من مجموع السكان عند حلول 2020، علما بأن نسبة اليهود تشكل حالياً 64 بالمئة والعرب 36 بالمئة.
3- باحثون مقدسيون قالوا إن الهدف الأساسي من مخطط 2020 هو تحويل الفلسطينيين إلى أقلية لا تزيد على 12 بالمئة من السكان، ولا يستطيعون البناء سوى على 11 بالمئة من مساحة القدس.
4- تفيد دراسات أكاديمية بأن عدد الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى من المستوطنين وبحماية سلطات الاحتلال زادت على 3200 اعتداء منذ عام 1967.
5- حسب إحصائيات «مؤسسة المقدسي لتنمية المجتمع» فإن سلطات الاحتلال هدمت خلال 1967-2000 نحو 500 مبنى، و1342 منزلاً خلال الفترة 2000- 2014.
6- تقول معطيات جمعية حقوق المواطن في إسرائيل إنه لا يُسمح للفلسطينيين بالبناء إلا على 14 بالمئة من مساحة القدس الشرقية، وهي تعادل 7.8 بالمئة من كل مساحة القدس، وإنه منذ 1967 صودر ثلث أراضي الفلسطينيين في القدس الشرقية، وبُني عليها آلاف الشقق للمستوطنين اليهود.
7- تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد السكان الفلسطينيين المقدر في محافظة القدس (الشرقية) منتصف عام 2015 بلغ حوالى 419 ألف فرد، حيث يشكل عدد السكان في المحافظة ما نسبته 9 بالمئة من مجموع السكان في الأراضي الفلسطينية، مقابل 281.6 ألف مستوطن يسكنون في 26 مستعمرة منها 16 مستوطنة بالقدس الشرقية.