ثقافة وفن

صناع مسرحية «وفي رواية أخرى» يتحدثون عن تفاصيل العمل … لوتس مسعود لـ«الوطن»: المسرح لا يؤمن أجرة المواصلات لذلك يحجمون عن العمل فيه

| هلا شكنتنا

رغم كل الصعوبات التي تواجه المسرح السوري اليوم، إلا أنه ما زال الكثير من الكتاب والمخرجين يحاولون العمل مسرحياً، وتقديم أعمال مسرحية للحفاظ على هوية المسرح السوري الذي قدم خلال سنوات عديدة من الزمن الماضي مسرحيات لاقت نجاحاً عربياً واسعاً.

«وفي رواية أخرى» هو الاسم الذي اختارته الكاتبة الشابة «لوتس مسعود» ليكون عنواناً لمسرحيتها الجديدة تحت توقيع المخرج «كفاح الخوص»، حيث بدأت التحضيرات لهذه المسرحية منذ عدة أسابيع لتكون جاهزة للعرض خلال الأشهر المقبلة.

وللتعرف أكثر إلى تفاصيل المسرحية تواصلت «الوطن» مع المخرج كفاح الخوص الذي كشف لنا بأن فكرة المسرحية تتحدث عن فرضية لو كانت هناك رواية أخرى لكل ما يجري من تفاصيل وقرارات وخيارات في الحياة عبر شخوص تتصارع من أجل تحقيق أهدافها، وأبطالها هم كل من الممثلين أمانة والي، وئام الخوص، مغيث صقر، مرح حجاز، نوار سعد الدين، علي إسماعيل، خوشناف ظاظا.

التعامل مع هذا الجيل ضروري

أما عن تعاونه مع الكاتبة الشابة «لوتس مسعود»، فقد تحدث الخوص قائلاً: «لوتس كاتبة مجتهدة ومبدعة ولديها ذهنية مفتوحة ومرنة، والتجربة ممتعة ومفيدة جداً، وكان من الضروري لكي أتحدث عن هذا الجيل أنني أعمل على نص لكاتبة من الجيل نفسه».

الوضع المسرحي في سورية

وعن الوضع الحالي للمسرح السوري من وجهة نظره، أكد المخرج السوري بحديثه قائلاً: «المسرحيون في سورية اليوم مع القائمين على إدارة المسارح يعملون بكامل قوتهم ضمن الظروف المتاحة لتقديم الأفضل، وهذا العمل، وهذه المحاولات برأيي هي محاولات جديرة بالتقدير والاحترام».

موعد العرض

أما عن موعد عرض مسرحية «وفي رواية أخرى»، فقد أكد المخرج كفاح الخوص قائلاً: «موعد العرض لم يحدد بعد، ولكن على الأغلب ليس قبل الشهرين القادمين».

الهزائم والخيبات محور المسرحية

وبالتواصل مع كاتبة «وفي رواية أخرى» لوتس مسعود، تحدثت لنا عن فكرة المسرحية قائلة: «ضمن الهزائم والخيبات المتتالية التي نعيشها جميعاً اليوم ونشترك بها، فإننا لم نستطع المحاولة في الانتصار على هذه الخيبات والهزائم، ولم نستطيع أن نحقق أي شيء يعوضنا عن هذه الخسائر، حيث أصبحنا اليوم نركض خلف أساسيات الحياة التي لم نكن نتخيل بأننا سوف نجري خلفها لكي نحققها، لذلك غرقنا في كم هائل من الخسارات على الكثير من المجالات والأصعدة، وهنا يبقى السؤال لو كان ظرفنا مختلفاً، ولو حاولنا أكثر هل كنا تغلبنا على هذه الخسارات والهزائم لمسير آخر؟ وهذا السؤال هو الذي سوف نشاهده في مسرحية وفي رواية أخرى».

التعاون مع مخرج جديد

وعن تعاونها مع المخرج كفاح الخوص، أكدت لوتس في حديثها، قائلة: «حقيقة أنا أحب جداً الطريقة التي يعمل بها المخرج كفاح الخوص، وتحديداً بالجانب الذي يتعلق بالمسرح، وعندما قررت بأن يتم العمل على النص المسرحي الذي كتبته وتقديمه خلال هذه الفترة، بدأت برحلة البحث عن المخرجين الذين أحب أن يوجد تعاون بيني وبينهم بالجانب المسرحي، وكان حقاً الأستاذ كفاح الذي كان لدي رغبة في التعاون معه ومشاركته في تجربة مسرحية، والأستاذ كفاح شخص خاص والطريقة التي يعمل بها نتشارك بها معاً، وهذا الشيء تأكدت منه من خلال جلساتنا معاً، وأتمنى أن يكون هذا التعاون نتائجه مثمرة».

كان لهدف معين

أما عن عدم تعاونها في هذه المسرحية مع والدها الفنان غسان مسعود، فأوضحت الكاتبة الشابة عن تعاونها مع مخرج آخر، قائلة: «هو نوع من التجربة لأشياء جديدة من الممكن أن اختبرها بالتعاون مع شخص لا توجد قرابة بيني وبينه، لشخص لا أعلم كيفية تفكيره بشكل تام والعكس صحيح، وهي محاولة للنقاش لكي نصل إلى وجهات نظر متقاربة جداً وتكون لمصلحة العمل في المحصلة، وهذه التجربة كانت مغرية بالنسبة لي هذه المرة، وهي أن أتعاون مع شخص مختلف عني، وكان فضولي دائماً يجعلني أتساءل كيف سيكون تفكيري في حال تعاونت مع مخرج لا توجد قرابة بيني وبينه؟ كيف سيكون شكل النقاش والتعامل وكيف ستكون المقترحات؟ وخاصة أننا سنكون شخصيتين مختلفتين ولا يوجد بيننا نقاشات سابقة، كما أنني والأستاذ كفاح لم نكن مقربين كثيراً ومعرفتنا كانت بعيدة وكنا نحترم ونعز بعضنا، لكن هذه التجربة جعلتنا أقرب، صدقاً هو تجربة جديدة، هي اختبار أشياء مع شخص لا تربطني به صلة عائلية، إضافة إلى التعرف على أشياء جديدة أثناء عملي مع مخرج جديد، لكن بالتأكيد تعاوني مع والدي مستمر ولن يتوقف ولن ينقطع نهائياً».

الإصرار على العمل المسرحي

وعن إصرارها على تقديم المسرحيات، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها، تحدثت لوتس مسعود عن شغفها بعالم المسرح قائلة: «المسرح له خصوصية ولا يشبه أي مكان أو فن ثانٍ، وهذه الخصوصية قائمة على رد الفعل المباشر الذي يحصل بالمسرح، وتحديداً نحن اليوم نعيش في زمن غريب ونستيقظ على شيء يجعلنا نخاف أكثر مثل وجود الذكاء الاصطناعي الذي يفقد الإنسان خصوصيته ككائن حي، وبرأيي فإن المسرح مازال يحافظ على خصوصية الإنسان والإحساس المباشر ورد الفعل والتلقي المباشر لهذا الإنسان، وهذا الشيء يعني لي كثيراً، ونحن اليوم حقاً غارقون بمواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، أرى بأن المسرح هو نوع من الهروب من هذا العالم الذي يجعلنا ننسى ماذا نملك كإنسان، وهذا سبب رجوعي للمسرح، حتى لو قمت في يوم من الأيام بعمل درامي، إلا أنني سوف أعود للمسرح لأنه يذكرني بإنسانيتي، وأنا أكتب للممثل المسرحي الذي يظهر على الخشبة وتكون كل حواس المشاهدين موجهة لهم، وهذا الاهتمام المركز على الإنسان فقط نحن بحاجته اليوم كثيراً ويجب أن نؤكد عليه دائماً».

صعوبات مسرحية ولكن!

وعن الصعوبات التي تواجه المسرح السوري، أوضحت لوتس بأن المسرح يتأثر بالظروف المحيطة به، قائلة: «بالتأكيد الجانب المادي، واليوم نرى بأن القليل من الممثلين الذين يعملون في المسرح بسبب قلة الأجر المادي، لأن المسرح يتطلب تفرغاً كبيراً من الممثلين، ولا شك أن الظرف الاقتصادي الذي نعيشه اليوم هو ظرف قاهر، والمسرح لا يؤمن أجرة المواصلات، وهذا الأمر يجعل الكثير من الممثلين والمخرجين يحجمون عن العمل المسرحي، ما يجعلهم يتجهون نحو الأعمال الدرامية، وحقيقة الظرف المسرحي في بلدنا صعب وأصبح أكثر صعوبة، والأشخاص الذين يعملون في المسرح يواجهون صعوبة خارج هذا المكان حتى يستطيعوا أن يعيشوا حياة طبيعية، وهم فعلياً في هذه الحالة يجاهدون في تحقيق شيء مستحيل ضمن المستحيل، لهذا أنا أحترم جهود جميع الأشخاص الذي يحاولون تقديم شيء في هذا المكان اليوم، وأظن أن أي شخص يحاول تقديم أي عمل مسرحي مازال مؤمناً بفكرة إنسانيته، وهذه المحاولات هي التي تجعل المسرح موجوداً حتى إن أخفقت أو نجحت، والجمهور مازال يحب حضور المسرحيات، بكل وضوح المسرح ظرفه صعب وقاهر مثله مثل أي شيء في البلد، ولا يمكن أن يتجزأ ظرفه عن ظرف البلد وكل شيء يحصل خارجه سيؤثر عليه بالتأكيد».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن