اقتصاد

أوجاع المواطن

| هني الحمدان

هكذا الأيام تتوالى، وتتوالى معها التعقيدات وتصبح المعيشة هماً لا يطاق وحملاً ثقيلاً جداً بالأعباء المادية والنفسية، فأمور الحياة تزداد تعقيداً وتشابكاً كل يوم في ظل الانقلابات العالمية والتحديات على الساحة الدولية التي أنتجت حالة من التضخم أدت إلى ارتفاع الأسعار لتصل إلى مستوى عال جداً لم تحتمله أي جيوب ودخول..!

تأثير حالة التضخم وغيرها يزداد صداها يوما بعد آخر، فالتضخم ولد الغلاء وحالات كهذه ستسبب حالة من الركود الثقيلة وتعطل حركة الإنتاج وتتأثر بشكل خطير، فالركود على الساحة العالمية سيؤثر فينا وسيفاقم الأمور لما سينتج عنه من انخفاض في فرص العمل غير الموجودة أصلا وركود في الأسواق التي بدأت تظهر ملامحه بقوة..!

أمام كل صور المشهد الضبابي وما يحمله من تحديات خاصة، فإن مواضيع العمل والاستثمار والسياحة كلها دون المستوى ولا تصل لمستوى التطلعات الكاملة، وعلى رغم الظروف الاقتصادية المعيشية الصعبة للمواطنين والشكوى المستمرة بسبب ارتفاع الأسعار وضيق الأفق وقلة فرص العمل وندرتها، والحلول القاصرة من جانب الإدارات الرسمية المعنية، فالمواطن اليوم مطالب بأن يراجع ثقافته الاستهلاكية وترتيب الأولويات حسب ضرورتها من أجل أن يستطيع سد بعض احتياجاته ولو بحدودها الدنيا..!

نشهد حالات غريبة في مجتمعنا تستدعي الاستغراب وتضع جملة من الأسئلة والاستفسارات تصعب معها إجابات مقنعة تفش الغل.. فالالتزامات كثيرة والطلبات متعددة والفواتير يصعب عدها وتحتاج وحدها إلى ميزانيات، وهنا لا يستطيع أحد تحملها، فالكل مسؤول والجميع مطالب بالتفكير والبحث عن حلول حتى لا نجد أننا غارقون حتى رؤوسنا بالمشاكل، عندها يصبح الكل عاجزاً عن التصرف حيال أي مشكلة.

لا أحد ينتظر حلولاً تأتي مغلفة من الخارج أو وفق وصفات جاهزة، الموضوع وصل لدرجة خطرة تستدعي من كل شخص الاعتماد على ذاته، ويحاول أن يجد حلاً أو فكرة أو رأياً، علينا إعادة التفكير ومحاولة تقليع شوكنا بأيدينا من خلال ترتيب الأولويات وخاصة الضروريات وبرمجة الثقافات ومنها الاستهلاكية.. من باب ألا نبقى نلعن الظلام ولدى كل شخص شمعة قد تنزع العتمة من حولنا.

أمور كثيرة وحالات عديدة إذا ما أحسنا التعامل معها بأسلوب حضاري بعيداً عن الاستعراض واللا مبالاة، وقمنا بتوجيهها إلى الطريق الصحيح، فإننا حتماً سنوفر نسبة من الأعباء ونسلك طريقاً يسد بعض الاحتياجات، في المناسبات الحكومية نشاهد الولائم وحجم الصرفيات الكبير وأسطول السيارات والهدر، وكذلك نمطية الاستهلاك لدى بعض الطبقات الاجتماعية، فلو ساهمت بجزء من عطاياها ومساهماتها لاستطاعت أن تعزز جانباً من دور تكاملها مع الشرائح الفقيرة.. هنا لا نقلل من دور الحكومة، أيضاً فهي مطالبة بتأمين سبل العيش للمواطن وإيجاد فرص العمل والسعي الدائم والجاد للتخفيف من وجعه..!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن