لا أستطيع أن أسمي ما جرى في سورية مجرد دروس لم نتعلم منها شيئاً.. بل هي كارثة بجبل من المصائب وبحار من الدروس، ومع ذلك ها نحن نعلن بكثير من الغباء أننا لم نتعلم منها شيئاً.
كيف يمكن ألا نصدق أنشتاين وهو يقول إنه من الغباء أن نكرر التجربة ونتوقع نتائج مختلفة؟ أو بنجامين فرانكلين الذي قال: كيف تسلك الطريق نفسه وتتوقع أن تصل إلى مدينة أخرى؟
ها نحن نعاند العقل، ونجدد تمسكنا بالتجارب التي أدت إلى كل هذا الخراب.
كل ما مر بسورية خلال هذه السنوات الطويلة كان بالحد الأدنى كفيلاً بأن يعلمنا أن الفوضى تجر المزيد من الفوضى، وأن الأصوات الملأى بالجنون تقود إلى مزيد من الجنون.
في تجارب أجريت على أشخاص دخلوا السجن أكثر من مرة بسبب الجرائم ذاتها وجدوا أن التبريرات التي يسوقونها لتكرارهم الأخطاء ذاتها تتبدل في كل مرة وفي تفسير ذلك قال العلماء إن التبرير هنا شكلي ووهمي وإن المسألة عناد ذاتي ورغبة بالتمسك بالرأي.
مدونة تايم ويز للصحة النفسية ترى أن الأشخاص يجدون أنه من الأسهل عليهم القيام بالأشياء التي اعتادوها خلال الفترات الأخيرة.
بعض علماء النفس يقولون إن وراء تكرار الأخطاء هو الانحياز الفكري، وفرويد يتحدث عن التكرار القهري.
دعونا من الأسباب، ربما تكون كثيرة وصحيحة لكن ماذا عن النتائج؟ هل نتوقع غير المزيد من الفوضى وسوء الأوضاع؟
ما زلت مؤمناً بأن الشعب السوري ولنقل عامة الشعب السوري يريد أن ينظر إلى الأمام وأن يترك وراءه سنوات صعبة مدركاً ما قد مضى ومهتماً بما هو آت، وفي ظني أن هذا الإيمان بالسوريين ما زال يمتلك كل مقومات الاستمرار.
السؤال في الوجه الآخر للمشكلة هل استفادت الحكومة من دروس الماضي؟ أم إنها تكرر التجربة نفسها وتتمسك بالطرق ذاتها لمعالجة أوجاع الناس وهي الآن معيشية بالدرجة الأولى؟!
المناخ العالمي العام ضاغط على البلد اقتصادياً وسياسياً، وليس من الحكمة الآن أن نزيد الأمور سوءاً. وفي وقت الاختلال وعدم التوازن فإن كل دولة تكون مشغولة بذاتها ومعنية بالخروج بأكثر المكاسب وبأقل الخسائر، وتحاول أن تحافظ على البيت الداخلي من الاحتراق وفي حالتنا من الاحتراق مجدداً.
ما حدث من قرارات اقتصادية لم يسهم في تخفيف صعوبة المعيشة بل زادها سوءاً.. ولا تستطيع إقناع أحد إن حشدت كل موسوعات الأرقام التي لديك بأن يبقى وضعك المعيشي بهذا السوء.
كيف نتجنب الآن تكرار الأخطاء؟
بكثير من البساطة خطة إصلاح يرى المواطن من خلالها ضوءاً في آخر النفق.
بالنقاش والحوار والمشاركة والمصارحة وكلها أشياء على الحكومة أن تبدأ بها.
أقوال:
– التاريخ لا يعيد نفسه بل نحن نعيد أخطاءنا.
– إن التاريخ يعيد نفسه لأن الحمقى لم يصغوا إليه جيداً في المرة الأولى.
– النجاح ليس عدم الخطأ بل عدم تكراره.