استمرارية أعمال البيئة الشامية على الرغم من النمطية والتكرار … الأعمال الشامية بين المحطات والشركات ومتطلبات السوق
| مايا سلامي
انفردت الدراما السورية منذ بداياتها بأعمال البيئة الشامية التي قصت حكايات عن بعض الأحياء الدمشقية في مرحلتي الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي، وتمت المعالجة بطرح موضوعات مختلفة صورت الحياة الاجتماعية لأهل الشام وعاداتهم وتقاليدهم في المسكن والمأكل والملبس، فحظيت تلك الأعمال بجماهيرية عربية كبيرة صنعت منها وجبة دسمة على المائدة الرمضانية في كل عام.
لكن الاتكاء على النجاح السابق لهذه الأعمال وتقديمها بشكل مستمر ومكثف أوقعها شيئاً فشيئاً في فخ النمطية والتكرار والابتعاد عن طرح قضايا وموضوعات جديدة، فباتت تلقى الكثير من الانتقادات بسبب غلوها في تشويه بعض الحقائق التاريخية وتأطير الرجال والنساء في قالب واحد لا يمت للواقع بصلة، فبالرغم من محاولات إنعاشها بخلق حبكات وقصص مختلفة إلا أنها ما زالت تدور في فلك بعض المفاهيم المغلوطة التي تهمش أدوار عدة فئات اجتماعية وتعكس صورة مغايرة تماماً لواقع المجتمع السوري في الحقبة الزمنية التي تستعرضها.
واستمرارية أعمال البيئة الشامية حتى يومنا هذا مرهون في يد شركات الإنتاج التي باتت تجد فيها صفقة تجارية رابحة تلبي متطلبات سوق الدراما المحلية والعربية التي اعتادت وجودها بشكل أساسي كجزء لا يتجزأ من الماراثون الدرامي السنوي.
«الوطن» رصدت آراء بعض الفنانين باستمرار إنتاج هذه الأعمال على الرغم مما سبق.
أجدى وأهم
حيث قال الفنان فايز قزق: «أنا أشارك في هذه الأعمال وأحبها لكن أتمنى أن نتجه أكثر إلى حياتنا التي نعيشها اليوم ونسلط الضوء على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية».
وأضاف: «أعتقد أننا إذا وجهنا الأقلام في هذا الاتجاه سيكون ذلك أجدى وأهم من بقائنا في الماضي لأن عرضه لطيف عندما يكون فيه شيء مهم، لكن أن نبقى عند الصورة نفسها ونعتقد أن هذا الشكل الكامن الوحيد في دمشق أو في أي مكان بالعالم فإنه سيجعل من تلك الأعمال عادة عند الجمهور ليتابعها فقط لكنه قد لا يفيد في الكثير من الحالات».
أمر طبيعي
وبين الفنان سعد مينا أن التكرار موجود في جميع الأعمال الدرامية فحتى الأعمال الاجتماعية تقع في فخ التكرار أحياناً عندما تعرض قضايا السكن العشوائي والتهريب وغيرها، لذلك وقوع أعمال البيئة الشامية في هذا المطب هو أمر طبيعي.
وأوضح أنه من الممكن أن تعالج هذه الأعمال الموضوعات ذاتها بطرق جديدة ومختلفة، لافتاً إلى أن الناس تحب هذه الأعمال وتعيد مشاهدتها عدة مرات بسبب قصتها اللطيفة وتفاصيلها المميزة وديكورات منازلها التي تخلق لهم راحة نفسية وتشعرهم بالسكينة.
تميزت بها
وأكدت الفنانة جيني إسبر أن أعمال البيئة الشامية عنوان للدراما السورية لأنها تميزت بها، منوهة بضرورة استمراريتها مع وجود بعض الإضافات لخلق موضوعات جديدة ومختلفة.
ولفتت إلى أن تاريخ دمشق الثقافي والحضاري غني بالموضوعات والشخصيات التي من الممكن توثيقها في هذه الأعمال.
منظور أوسع
كما قالت الفنانة عبير شمس الدين: «أعتقد أنه دائماً هناك أفكار جديدة تثري هذه الأعمال لكن لابد من التشابه في بعض النقاط لأن الموضوعات أو القصص التي يتعرض لها الإنسان في حياته متشابهة، فالحياة تسير بالوتيرة نفسها وكل ما اختلف علينا هو التطور الحاصل وشكل البيئة من الخارج لكن المضمون ذاته، لذلك قد تتكرر القصص أو يضاف إليها طروحات جديدة».
وأكدت أنها تؤيد استمرارية أعمال البيئة الشامية لأنها جزء رئيس من الدراما السورية التي حققت نجاحات كبيرة، مبينة أنه من الضروري تقديمها بمنظور أوسع يعكس الثقافة بشكل أكبر.
رأي المحطات
أما الفنان حسام الشاه فأوضح أنه بات من الصعب تقديم أفكار جديدة في أعمال البيئة الشامية، لذلك لجأ صناعها في الآونة الأخيرة إلى تعزيز بعض القيم التي لم تكن موجودة فيها بالسابق.
وبين أن القرار ليس بيد الفنان أو المشاهد لأنه عائد إلى المحطات والشركات الموزعة والسوق الدرامي بشكل عام، مشيراً إلى أنه ينبغي عليهم العمل بحسب متطلبات السوق مع الالتزام بتقديم أشياء تحترم الفنانين والمشاهدين على حد سواء.