تركت نتائج منتخبنا الوطني بكرة السلة في التصفيات الآسيوية الأخيرة التي أقيمت في دمشق الكثير من إشارات الاستفهام والغرابة وخاصة أن التصريحات التي سبقت هذه المشاركة صبت في مصلحة منتخبنا ووضعته بين أقوى المنافسين على بطاقة التأهل للدور الثاني لكن الكلام شيء والواقع شيء آخر وما حققه منتخبنا من نتائج رقمية ومستوى متواضع كان كفيلاً في إبعاد عشاقه ومحبيه عن متابعته وخرج بالمركز السادس والأخير من أربع خسارات وفوز وحيد جاء من باب ضربة حظ.
فما سبب هذه النتائج؟ ومن يتحملها؟ ومن المسؤول؟ وما التصورات الجديدة للمرحلة القادمة؟
«الوطن» استطلعت آراء بعض مدربينا الوطنيين عبر التحقيق التالي:
المدرب فراس قوجه (البحث عن الاستقرار)
بداية أنا لا أحب أن أتحدث عن نتائج المنتخب في التصفيات الآسيوية لأنها أصبحت من الماضي، لذلك لا بد من الحديث عن المرحلة المقبلة، نتائج المنتخب البحريني ومستواه لم تكن من عبث وإنما جاءت نتيجة عمل مضن وجهود كبيرة أهمها وجود مدرب أجنبي عالي المستوى لفترة طويلة ووضع خطة إعداد مثالية للمنتخب، منذ ثلاث سنوات وأنا أتابع السلة البحرينية لأني عملت كمدرب مع أحد الأندية في السنوات الماضية، علينا في السلة السورية أن نعود لنقطة الصفر والاهتمام بقواعد اللعبة وإجبار الأندية على العمل بقواعدها بشكل جيد وهذا لابد أن يفرز لك جيلاً سلوياً واعداً للمستقبل مع ضرورة تعيين مدربين وطنيين مؤهلين لقيادة هذه الفرق وحتماً حينها ستكون النتائج جيدة.
مازال اللاعب المحلي يلعب كرة سلة قديمة وبطيئة وغير سريعة ومتطورة تعتمد على الجهود الفردية وهذا يعود لعملية البناء الخاطئة للاعب ضمن أنديتنا.
وأنا أستغرب كيف للمدرب الإسباني أن يقبل بهذه المهمة في تلك الفترة الزمنية الضيقة، وعلى اتحاد السلة البحث عن مدرب جيد وتأمين حالة من الاستقرار للمنتخب ووضع مدربين لجميع المنتخبات الوطنية على مدار العام.
المدرب علي الشطي (تراجع مستوى اللاعب المحلي)
بوجهة بنظري، سوء النتائج كانت نتيجة تراجع مستوى اللاعب المحلي وعدم صقل المواهب الشابة وعدم وضع البرامج التأهيلية المناسبة ومدربي المراحل العمرية غير المؤهلين لتطوير القاعدة السلوية في سورية، يجب الاعتماد على جيل شاب من فرق الناشئين والشباب وبنائهم على كرة السلة الصحيحة ورفع ثقافة اللاعب السوري سلوياً ورياضياً بالمجمل وتطعيمهم بلاعب أو لاعبين اثنين من الجيل الحالي.
المدرب الحالي مدرب كبير ولكن لا يتناسب مع نوعية اللاعب السوري الحالية، والمدرب يجب أن تكون هناك علاقة بين اللاعب والمدرب وبناء الثقة وهذا يأتي مع الوقت ووجود المدرب في التمارين الصباحية والمسائية لا تخلق هذه الحالة عن بعد أو حضور لمدة خمسة أيام قبل البطولة، يجب بناء جيل جديد بمدربي قواعد خبراء بكرة السلة الحديثة لكي نستطيع مجاراة الدول المجاورة التي كنا في الماضي أفضل منها بمراحل كثيرة، والآن هذه الدول سبقتنا بعصور.
المدرب جورج شكر (المدرب غير متمسك بمنصبه)
نتائج منتخبنا كانت غير مرضية لعشاق ومحبي سلتنا ولكن الأكثر إحباطاً، كان الشكل غير مترابط للمنتخب واتضح أن فترة الإعداد القصيرة كانت غير كافية، وما زاد من سوء مردود المنتخب عدم وصول السماح للاعبين باسابي وسليم سفر، وإصابة اللاعب إسحق عبيد تركت أثراً سلبياً في معنويات اللاعبين، بالمقابل تعرض مجنس المنتخب بيترسون وصانع الألعاب أندريه فارس لانتقادات شديدة، وهم على الأقل لا يستحقون جزءاً منها لالتحاقهم قبل أيام معدودة بالمنتخب وإظهار ما لديهم بواقعية يحتاج فترة أطول ومباريات أكثر لنحكم عليهم فنياً بعيداً عن العواطف، بالإجمال نتيجة وشكل المنتخب غير مرض، ولكن علينا الوقوف بهدوء وبعيداً عن ردات الفعل السريعة لاستخلاص الإيجابيات والبناء عليها وتقليص مساحة السلبيات التي ظهرت.
موضوع المدرب لن أخوض فيه ورغم معرفتي به وبما يحمله من فكر حديث، باختصار أعتقد أنه حزين جداً للنتائج وهو غير متمسك بمنصبه، وأنا مع فكرة جلوس المعنيين بالاتحاد فقط معه ومناقشة سلبيات وإيجابيات المشاركة وكيفية استخلاص ما يفيد تطوير المنتخب بطريقة بعيدة المدى وليست آنية أو قصيرة المدى لا أعتقد أنها سترضي أحداً.
المدرب أمين خوري (الإقالة للمدرب)
المشكلة لو كان الموضوع يتعلق بسبب واحد للنتيجة الكارثية لمنتخبنا بالتصفيات الأولمبية لكان الأمر بسيطاً ومن السهولة معالجته، لكن هناك أسباب، كنا سابقاً قد شرحنا مطولاً عنها وها نحن نحصد وسنظل نحصد نتائج غير مرضية لسبب عدم الأخذ بها ألا وهي بناء جيل سلوي جديد أعماره تبدأ من 13 إلى 15 سنة واختيار الموهوبين منهم، الفكرة لا تكمن فقط بإجراء وتكثيف بطولات ومباريات، القضية تحتاج لمتابعة من لجنة يتم اختيارها من الخبرات والمخضرمين من المدربين وغيرهم.
استصرخنا أن ما الفائدة من البطولات للفئات العمرية إن لم يتبعها استكشاف المواهب ومتابعتها وصقلها، ويجب الإشراف عليها ممن يتقن فن كرة السلة أصولها وحذافيرها ومهاراتها، لذلك لو تم البدء والنهوض بهذا المشروع منذ ثلاث سنوات كان من عمره 13 أصبح 16 و17 و18 وهو يتقن وعلى الأقل ما يوازي دول الجوار وهكذا كان رديفاً قوياً للمنتخب الذي مع الأسف بدا حالياً مترهلاً ضعيفاً لا حول ولا قوة له مفتقداً السرعة والمهارة بكل متطلباتها من تسديد دفاع وهجوم سرعة بديهة التمريرات الصح والتوقيت الصح والتمركز الصح والقائمة تطول كل ذلك لم ولن يعطيك إياها فقط المدرب حالياً لا بل يفترض أن تكون من أبجديات أي لاعب سلة تأسس بشكل صحيح عندما كان بالفئات العمرية لا بل يؤمن بنفسه وأنه عليه أن يظهر نداً قوياً للآخرين ويعمل على تطوير ذاته باستمرار، وبدت الهوة كبيرة بيننا وبين لاعبي الفرق الأخرى.
فهل يعقل لاعب منتخب لا يعرف يركض، وهل يعقل لاعب منتخب لا يستطيع التسديد كما يفعل اللاعبون المتميزون.
وهل يعقل لاعب لا يعرف توقيت (الحجز السكرين) ويفعلها بطريقة خاطئة تتسبب بخطأ هجومي علينا والقائمة تطول.
عندي سؤال مهم: من يستطيع أن يقول لي عن لاعب واحد في سورية إنه فعلاً تطور بشكل لافت للنظر ارتقاءً… تسديداً… سرعة… إلخ.
كما فعل لاعب لبنان أمير سعود على سبيل المثال، إذ إن أمير قبل خمس سنوات ليس كما هو عليه الآن كذلك اللاعب وائل عرقجي.
هذا ملخص قد يكون فيه الإجابة عن سبب سوء النتائج أعتقد الوضع الحالي وما حصل زاد الطين بلة..
وأقصد نعلم أن لدينا استحقاقاً، ألا يوجد اتحاد وأعضاء يفترض أن تظهر أسباب لوجودهم وبالتالي التخطيط والخطط البديلة لمواجهة أي طارئ، أم إننا بحاجة لتبريرات تسكت غضب الجمهور، منها أوراق المغتربين ما اكتملت ولم تأت الموافقة وهذا أكبر غلط ارتكبه الاتحاد، لا يجوز الاعتماد على المغتربين اليوم لأن اللاعب الوطني هو الأساس، ولا يجوز أن تكون الغاية تحقيق انتصارات.
وما حصل يؤكد حتى من تم اختيارهم واستطاعوا اللعب، وطريقة الذكاء الاصطناعي السلوي لا تجدي نفعاً.
وأقصد مدرب بالمراسلة، استحقاق مهم يفترض تجمع مع مدرب وتحضير أقله ستة أشهر ليكون هناك انسجام وتفاهم مع لاعبين أساساً أن يتم اختيارهم بشكل صحيح، لا أن يكون هناك أشخاص على حساب آخرين يستحقون..
خلال الدوري ظهر خامات خسرناهم للأسف، وبالنسبة للمجنس معقول من كل من شارك لم يستنتج الاتحاد أن اللاعبين الأجانب فيهم من هو أفضل ممن كان حالياً ومثال لاعب ارتكاز الجلاء الأجنبي.
بالنسبة للمدرب كان من باب أولى اختيار مثلا مدرب الوحدة إن كان هناك رغبة بأجنبي وللأمانة يوجد مدربون وطنيون أفضل ممن لنا تجربة مريرة معه مسبقاً وأقصد الإسباني طبعاً مع إقالته لم نر لمحة فنية تستحق الذكر سوى الصريخ ومناقشة الحكام من دون طائل وجدوى لذلك، الإقالة للإسباني جزء ويجب على الباقين تحمل المسؤولية، فريق البحرين تطور والهند كذلك ونحن ما زلنا بمكاننا نهرول مع الأسف.
المدرب عدي خباز (تحضيرات غير كافية)
التحضيرات للمنتخب لم تكن كافية وجاءت غير مدروسة وهذا لابد أن يعطيك نتائج مثل التي شهدناها بنهاية التصفيات الآسيوية المؤهلة لأولمبياد باريس 2024.
لم نشاهد ما سمعناه عن خطة عمل طويلة الأمد من سنتين أو أكثر ومنتخب صغير بالأعمار.
بكل صراحة النتائج يتحملها الجميع، ويجب دراسة واقع كرة السلة ووضع خطة عمل ومن ثم التفكير بموضوع الإقالة أو الإبقاء على المدرب.
الموضوع لا يقتصر على المشكلة الفنية لقيادة المدرب للمنتخب فقط، فالأخطاء الأخرى تؤثر بشكل سلبي وكبير في الموضوع الفني.