قضايا وآراء

المقاومة وما حققته في أطول حرب استنزاف ضد الاحتلال

| تحسين حلبي

يعترف المحلل العسكري للمجلة العبرية «زمان يسرائيل» أمير بن ديفيد في 22 آب الجاري بأن «عام 2023 أصبح أكثر عام قتلاً يشهده الجيش والمستوطنين بعد أن بلغ عدد القتلى من الإسرائيليين 34 كان آخرهم ثلاثة قتلوا قبل 48 ساعة وهذا العدد يزيد على قتلى عام سابق برغم أننا ما زلنا في شهر آب».

وهذا يدل على تصاعد عمليات المقاومة المسلحة التي يبادر إلى تنفيذها الشبان الفلسطينيون وهم الذين يحدد كل منهم توقيتها ومكانها على مساحة الضفة الغربية بل مساحة كل فلسطين المحتلة ويتغلبون بهذا الشكل على كل أجهزة مخابرات الكيان الإسرائيلي التي تعجز عن محاصرتهم أو «ردعهم» عن الاستمرار بالمقاومة بل هم الذين يفرضون طريقة ردعهم على جيش الاحتلال والمستوطنين الذين أصبح معظمهم من المسلحين داخل وحول مستوطناتهم بعد توزيع الأسلحة النارية لهم ومنحهم أمراً قتالياً دائماً باستهداف أي فلسطيني طفلاً كان أو امرأة وفي أي مكان.

ولم تكن حكومة بنيامين نتنياهو الوحيدة التي هُزمت في ساحة الأراضي المحتلة أمام موجات عمليات المقاومة الفدائية بل تكبدت حكومات نفتالي بينيت وكذلك حكومة يائير لابيد من قبل، هزيمة مماثلة في السنتين الماضيتين وهذا ما ثبت حقيقة أن الجيل الفلسطيني الثالث للنكبة يتغلب على الجيل الثالث للكيان الصهيوني، ويحقق نسبة ردع ضده في العقود الماضية ظهرت آثارها واضحة وبالأرقام التي أشارت إليها حركة الهجرة المعاكسة للمستوطنين ومغادرتهم إلى الأوطان التي جيء بهم منها فقد بلغ عدد هؤلاء أكثر من مليونين، 800 ألف منهم تحولوا إلى مواطنين أميركيين يقيمون في أميركا بشكل دائم بموجب صفحة الإحصاء الخاصة بالكنيست قبل أعوام قليلة.

فقد حققت هذه المقاومة المستمرة بكل أطرافها من الفصائل الفلسطينية واللبنانية وخاصة حزب الله والدور المركزي للدعم والإسناد العسكري الذي قدمته سورية وإيران طوال العقود الماضية عدداً من الانتصارات الواضحة كالشمس وأهمها تحرير جنوب لبنان عام 2000 ثم تحرير قطاع غزة عام 2005 ثم انتصار حزب الله على جيش الكيان في حرب تموز عام 2006 وقد أجبرت هذه الانتصارات ما يزيد على مليونين من المستوطنين على هجرة معاكسة غادروا من خلالها الأراضي المحتلة إلى أوطانهم التي جيء بهم منها خلال أربعة عقود كما فرضت هذه المكاسب تدنياً متزايداً لنسبة «المهاجرين اليهود الجدد» من الخارج إلى الكيان فقد أدت كل هذه النتائج إلى تناقص القوة البشرية لجيش الاحتلال وللمستوطنين المسلحين. وهذا ما يعترف به المحللون الإسرائيليون بأنفسهم حين يرون أن عدد الفلسطينيين في كل أراضي فلسطين المحتلة من رأس الناقورة حتى غزة أصبح أكثر من سبعة ملايين بينما استمر انخفاض عدد المستوطنين فبلغ أقل من ستة ملايين ونصف المليون وتلقى الكيان بموجب هذه الحقيقة ضربة شديدة القسوة على مستقبل مشروعه الصهيوني ومستقبل احتلاله لفلسطين.

وفي داخل الكيان يكشف بن ديفيد أن «شبكات التواصل الاجتماعي شهدت في 21 من شهر آب الجاري تزايداً في الأصوات المطالبة بإقالة قائد المنطقة الوسطى الجنرال يهودا فوكس لأنه عجز عن حماية المستوطنين».

ويبدو من الواضح أن الفلسطينيين الذين يحاصرهم جيش الاحتلال والمستوطنون داخل قراهم ومدنهم وفي مدينة القدس لا يغادرون أرضهم ولا يفرون من الميدان بل يفرضون بصمودهم هذا ومقاومتهم المستمرة على الذين يحاصرونهم هجرة عكسية تجبرهم على الانسحاب من الميدان والاندحار دون قيد أو شرط نتيجة أطول حرب استنزاف لم تتوقف ضد الاحتلال، وهذه هي المظاهر البارزة على إحباط عدد من أهداف الكيان وعجزه عن منع مضاعفاتها الإستراتيجية على وجوده ومستقبله فمحور المقاومة هو الذي يحقق كل هذه النتائج.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن