اقتصاد

ما تأثير التغيرات المناخية على الزراعة؟ … أبو حمود لـ«الوطن»: موجة الحر لم يكن تأثيرها كبيراً على المزروعات كما يشاع … سورية ثاني أكثر دول المنطقة تأثراً بارتفاع درجات الحرارة

| جلنار العلي

كشف مدير صندوق التخفيف من آثار الكوارث والجفاف محمد أبو حمود في تصريح لـ«الوطن» أن موجة الحر التي شهدتها البلاد لم يكن تأثيرها كبيراً على المزروعات كما يشاع، وحسب التقارير الأولية التي وصلت إلى وزارة الزراعة، فقد تأثرت بعض المحاصيل العلفية وأشجار التفاح في منطقة كسب شمال اللاذقية، والحمضيات بالجفاف، والخيار نتيجة هطل البرد في منطقة سعسع، علماً أن ذلك يعد ظاهرة غريبة في شهر آب، إلا أنها نتجت عن تبعات ارتفاع درجات الحرارة، ولكن قطاع الدواجن يعد من أكثر القطاعات تضرراً بالموجة الحرارية وخاصة في محافظة طرطوس، إذ يوجد بعض المداجن التي نفق فيها نحو 2803 طيور، كما يوجد حالات إجهاد حراري في محافظة حلب على الدواجن والأبقار ما أدى إلى انخفاض الإنتاجية، ولكن اللجان إلى الآن لم تستقبل أي طلب من هذه المحافظة، كذلك الأمر في درعا، أما في ريف حماة فقد شهدت بعض خلايا النحل أضراراً من ناحية ذوبان الشمع، ولكن لم يكن هناك فقدان في طوائف النحل، إضافة إلى حدوث أضرار في ألواح الطاقة الشمسية المستخدمة بعمليات الري بالمزارع.

ولفت إلى أنه من الصعب حالياً تقدير نسب الأضرار في جميع المناطق على اعتبار أن اللجان ما زالت في بداية عملها باستقبال طلبات كشف الأضرار من الفلاحين، وفي حال ثبتت الأضرار ستكون التعويضات حسب نسبة الضرر التي تقسم على ثلاث شرائح، الأولى تتراوح بين 51-69 بالمئة فيكون التعويض 5 بالمئة من تكلفة الإنتاج للدونم الواحد، أما الشريحة الثانية فتتراوح بين 70-89 بالمئة وتكون نسبة التعويض 7 بالمئة، أما الشريحة الأخيرة فتكون نسبة الضرر فيها 90 بالمئة فما فوق ليتم التعويض بـ10 بالمئة، ويتم صرف التعويضات خلال مدة تصل إلى شهرين ونصف.

ومن جهة أخرى، أوضح أبو حمود أن الصندوق ليس معنياً بالتعويض المادي عن الأضرار والكوارث البيئية فحسب، وإنما وضع منهجيات للاستعداد للكوارث والتخفيف من نتائجها، وهذا الأمر معمول به أيضاً في المنظمات المعنية بالمناخ التي كانت تعمل بالبداية على جانب الإغاثة فقط لتدرك فيما بعد أن ذلك تكلفته عالية جداً من دون جدوى، لذا اتجهت إلى الاستعداد للكوارث والتنبؤ بها لتحقيق سرعة الاستجابة وتخفيف الأضرار وذلك لتخفيض تكلفة التعافي ما بعد الكارثة، لذا فإن الصندوق يعمل على ذلك من خلال وحدة الإنذار المبكر عن الكوارث الطبيعية وهناك سعي لتحديثها، ويجري العمل من خلال الحصول على البيانات المناخية (معدل الهطول المطري، درجات الحرارة الصغرى والعظمى، منسوب السدود) من الجهات المعنية والاطلاع على المسح الاجتماعي للأسر المنتشرة في البادية لمعرفة توافر المياه والغذاء والوضع الاقتصادي، لإدخال كل ذلك على قاعدة البيانات الخام لتصدير تقارير ومخططات بيانية وخرائط مناخية لمعاينة حالة الجفاف وصحة الغطاء النباتي والأدلة على الحالة المناخية، لوضع تصور كامل عن المناخ ووضع الجفاف، ويتم رفع ذلك إلى أصحاب القرار للتوجه إلى المناطق الأكثر تأثراً وهشاشة، وإلى مديرية الإرشاد الزراعي.

وفي السياق، بيّن أبو حمود أن هذا العام يعد من أكثر الأعوام ارتفاعاً بدرجات الحرارة لفترات ممتدة، فقد حدث منذ عام 2020 نوع من التطرف المناخي والتغيرات المناخية الكبيرة مقارنة بالسنوات السابقة ما أدى إلى آثار سلبية على الطقس والغابات وانحسار الغطاء النباتي، لافتاً إلى أن هذه الحالة تعد غريبة وستمتد لسنوات قادمة في حال لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة على المستوى الوطني والإقليمي، إذ يجب أن تتحرك عدة دول على اعتبار أن التأثير المناخي عابر للحدود ولا يرتبط بإجراءات دولة واحدة فقط.

وأكد مدير الصندوق أنه على مدى خمسين عاماً، كانت المنطقة تشهد حالة جفاف قصوى وكارثية كل عشر سنوات، أما مؤخراً خلال السنوات العشر الأخيرة فقد أصبحت هذه الحالة تتكرر كل ثلاث سنوات مرة وبشدة أعلى، وذلك نتيجة للتغير المناخي، لافتاً إلى أن أكثر الدول تأثراً بالقبة الحرارية التي حصلت حالياً هي العراق ثم سورية فالأردن.

وأضاف: «على المستوى المحلي، اتخذت وزارة الزراعة الكثير من الإجراءات في هذا الجانب منذ نحو الثلاث سنوات، منها حملات التشجير لتوسيع الغطاء النباتي، والتحريج لمعالجة آثار الحرائق ولكن نتائج ذلك كانت عكسية بسبب ارتفاع حدة التغير المناخي، كما تم إجراء ورشة عمل من البحوث الزراعية وتم إطلاق أربعة أصناف من القمح مقاومة للجفاف في خطوات متسارعة، مع التوجيه بالقيام بأبحاث علمية على المحاصيل الزراعية لاستنباط بعض الأصناف الأقل تأثراً والأكثر مقاومة للجفاف، وخاصة أننا حالياً بخطوات متسارعة نحو العجز المائي والانخفاض بمخزون المياه من السدود وقلة الهطل المطري وارتفاع درجات الحرارة»، مشيراً إلى أنه في حال تم وضع رزنامة جديدة للزراعة وفق الظروف المناخية الجديدة ومواصفات المناخ الخاص بكل منطقة، واختيار كل صنف بشكل مناسب، فمن الممكن تخفيف الأضرار.

وعلى المستوى الدولي، أكد أبو حمود أن سورية متعاونة جداً مع الدول الأخرى في هذا الجانب، كما يوجد منظمات دولية فاعلة في ذلك وتحذر من خطورة الارتفاع غير الطبيعي في درجات الحرارة، إذ ستتأثر كل دول العالم بموجات الجفاف التي ستجتاح أوروبا، وهناك تصورات بحدوث ارتفاع كبير في درجات الحرارة بحلول عام 2030، وهذا الأمر يعد كارثياً من ناحية حدوث فيضانات وغرق لبعض المدن، لافتاً إلى أنه في قمة المناخ الأخيرة التي عقدت في شرم الشيخ العام الماضي تم الحديث عن أضرار انبعاث الغازات وارتفاع درجات الحرارة على البيئة والصحة، وكان هناك إدراك بأن الزراعة هي الجزء الأكثر تأثراً بذلك لكونها تعد صماماً للأمن الغذائي للسكان الذي يعد مهدداً بشكل كامل، لذا يوجد توجه لدمج البيئة بالزراعة، وقد طرحت الأمم المتحدة عدة مشاريع عن طريق بعض المنظمات للتوسع بزراعة الغطاء النباتي والجهوزية لتشكيل وحدات وغرف عمليات لمواجهة الكوارث الطبيعية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن