التكنولوجيا والمنصات الإلكترونية ألغت الطقس السينمائي علي إبراهيم لـ«الوطن»: فيلم «أسود أبيض» هو رمزي واقعي
| هلا شكنتنا
على الرغم من جميع الظروف الاقتصادية والإمكانيات الضعيفة التي تواجه القطاع السينمائي في سورية، فإن المخرجين السينمائيين الشباب مازال لديهم الشغف في تقدمة أعمال سينمائية رغبة منهم في إنعاش السينما السورية وإثبات وجودها على الساحة الفنية.
ومن هذا المنطلق يواصل المخرج السوري «علي إبراهيم» إنجاز العمليات الفنية لفيلمه القصير «أسود أبيض» من تأليفه وإخراجه وإنتاج المؤسسة العامة للسينما، وبطولة كل من أبطال الفيلم هم «روبين عيسى، صباح السالم، نادين قدور، ماهر الراعي، والطفلة ليمار جبارة».
علاقتهما بالفرز الطبقي
وللتعرف أكثر على تفاصيل الفيلم تواصلت «الوطن» مع المخرج «علي إبراهيم» الذي كشف لنا عن فكرة فيلمه قائلاً: «فكرة الفيلم تتمحور حول واقع معيش نتيجة رواسب الأزمة التي عشناها خلال الاثني عشر عاماً المنصرمة، وتتحدث فكرة الفيلم عن الفرز الطبقي التي حصلت نتيجة الحرب، ومن عنوانه قد يكون الـ«أسود أبيض»، عنوان الفيلم يتحدث عن حالة الفيلم إلى حد ما، كما تتمحور فكرة الفيلم حول علاقة بعض الشخصيات مع بعضها بعضاً ضمن الواقع والفرز الطبقي الذي خلفته الأزمة السورية خلال المدة المنصرمة».
جزء لا يتجزأ
وعن سبب اختياره لعنوان «أسود أبيض» الذي يعتبر غريباً بعض الشيء، أوضح المخرج الشاب بحديثه، قائلاً: «قد نبدأ بالعنوان ونصيغ الفكرة والسيناريو، وربما نبدأ بالفكرة والسيناريو ومن بعدها نلتفت إلى العنوان، لكن فيلم «أسود أبيض» هو جزء لا يتجزأ عن حدوتة الفيلم، وعندما أطلقت عليه هذا الاسم عنيت ما قدمت، ووجهة نظري تتحدث عن دعونا نرَ بعض الشيء من زاوية الأسود، ونحن دائماً عندما نتحدث عن أي شيء سلبي نشبهه بالأسود، وواقعنا اليوم هو أسود بسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة، وأنا تقصدت بأن أقول دعونا نتعامل من وجهة نظر الأسود، لكي نرتقي بالفن والأدب والثقافة والعلم والموسيقا وبشتى الأنواع، لأن اليوم نتيجة الفوضى والأزمة الاقتصادية التي نعيشها سوف تتشكل لدينا شريحة سوف تتجرد من أخلاقياتها، لأن هدفها في الحياة أن تأكل وتشرب فقط، وأنا اليوم عالجت الفكرة والموضوع بأننا دعونا نرتق، وبالتأكيد لا يستطيع الجميع أن يطبق وجهة نظري، لكن أنا كمخرج حاولت أن أعالج الموضوع بهذه الطريقة، ولم أجعل لقاء الطبقتين مع بعضهما بعضاً لأن من يمثل الأبيض ليس ذنبه بأنه خلق في الأبيض والأسود كذلك الأمر، هذا الفرز خلقه المجتمع».
تعاون مثمر جداً
أما عن تعامله مع المؤسسة العامة للسينما، فأوضح إبراهيم قائلاً: «صحيح أنني لست موظفاً في المؤسسة العامة للسينما، لكنني فخور بأنني ابن هذه المؤسسة، ولقد بدأت مسيرتي المهنية ضمن هذه المؤسسة، وعملت تحت إدارة مجموعة من المخرجين المهمين على صعيد سورية، منهم الأساتذة مع حفظ الألقاب بالتأكيد منهم «نجدة أنزور، عبد اللطيف عبد الحميد، باسل الخطيب، جود سعيد».
مشكورة على جهودها
كما أضاف بحديثه، قائلاً: «وبالتأكيد في أثناء تجربتي مع المؤسسة أكون أنا في حالة نشوة، وعندما أعمل في فيلم مع هذه المؤسسة أشعر بأنني أصنع فناً، وبالتأكيد لا يعني هذا أنني عندما أعمل بغير أعمال بأنني لا أصنع فناً، لكن في حالة من السعادة تتملكني عندما أصنع فيلماً مع المؤسسة العامة للسينما، وبالتأكيد هذا التعاون هو تعاون مثمر جداً، وبالمناسبة رغم كل الأوضاع التي نتعرض لها في سورية، إلا أنها تقدم كل الإمكانيات التقنية والفنية والإنتاجية، بدءاً من المدير العام مراد شاهين، مروراً برئيس دائرة الإنتاج، والأساتذة القائمين على إدارة المؤسسة، إضافة إلى مديري الإنتاج الموجودين الذين لا يدخرون أي جهد أو طاقة لبذلها في سبيل نجاح أي عمل فني يتم توكيلهم به».
الأفلام السينمائية
أما عن أفلام المؤسسة العامة للسينما وتحدثها بشكل دائم عن الحرب واستحواذ أفكارها على هذه السيناريوهات، فأكد المخرج علي قائلاً: «اليوم عندما نصنع مادة سينمائية نكون نعمل على عكس ثقافتنا وبيئتنا وحضارتنا، لكن اليوم الأفلام تتمحور حول الحرب لأنها تعكس واقعنا، نحن لا نعيش في سويسرا بل نحن نعيش في هذا المكان، ومن الطبيعي أن نتحدث عن الحرب أو ما خلفته وصدرته هذه الحرب لنا على الصعيد النفسي والحسي والثقافي والمعنوي والمادي، واليوم عندما أطرح فكرة نتيجة رواسب الحرب وأعالجها بطريقة معينة، وهذا ما قصدته في فيلمي، لكنني عالجته من خلال الارتقاء الثقافي والأدبي وماذكرته سابقاً، والمؤسسة لا علاقة لها بالموضوع، لأنني أنا كصانع فيلم أقوم بتقدمة فكرة أو سيناريو وأعالجه بطريقة ما معينة، ومن الطبيعي أن أتحدث عن الواقع السوري شئنا أم أبينا، ومن الممكن أن يحلم الإنسان بسويسرا أو بدبي أو مصر على سبيل المثال، لكن يمكننا الكتابة من خلال أحلامنا، بل يجب أن نتكلم عن الواقع، وفيلم أسود أبيض هو رمزي واقعي يتناول الواقع وطريقة معالجته لديها علاقة برمزية الواقع».
صالات العرض إحدى المشكلات
وفي النهاية تحدث المخرج «علي إبراهيم» عن حال السينما السورية، كما أوضح بأن هنالك عدة حلول للنهوض سينمائياً، قائلاً: «حال السينما اليوم في سورية مثلها مثل أي قطاع، فالسوري هو متعب كهل، أما للحلول فأستطيع أن أخبرك بأنني لست صاحب قرار لكن عندما أكون ذلك من الممكن أن أقدم وجهة نظري حتى يتم نقاشها وتنفيذها ضمن خطة، وأقوم بتقييم شكل تتفيذها وتقويم الاعوجاج في طريقة التنفيذ، لكن اليوم عندما لا أستطيع أن أكون صاحب قرار وأقوم بتنفيذ أي شيء من هذه القرارات التي هي من وجهة نظري سوف أتحول إلى منظر، لكن وجهة نظر بسيطة يجب علينا الانفتاح على سينما شباك التذاكر، وأرى اليوم بأن مصر تمتلك سينما شباك وأفلام «روتانا سينما»، وأدعو كل المنتجين السينمائيين سواء من المحليين العرب أم الأجانب، ليقوموا بتنفيذ عمل سينمائي من فئة شباك التذاكر، ونحن اليوم في مدينة دمشق نمتلك دار سينما خاصة ودار الكندي فقط، إذاً أين أقوم بعرض الأفلام»؟.
مجرد تنظير
كما أضاف في حديثه، قائلاً: «اليوم المنتج السينمائي عندما يضع ميزانية إنتاجية لصناعة الفيلم، فهو يبحث عن المردود المادي لكي يستطيع أن يستمر بصناعة هذا المنتج، واليوم عندما لا يوجد مردود مادي من دار سينما أو منصة، لكون اليوم بات يتلاشى دور الدار السينمائي بظل وجود المنصات التكنولوجية والتواصل الاجتماعي، بات المتابع اليوم وهو في منزله يشاهد ما يريد، من الأساس طقس السينما بات ملغى، ونحن فعلياً ضمن دائرة من المناقشات لن تنتهي، والاقتراحات هي مجرد تنظير، لأن المنتج وجهة نظره صائبة والمخرج والكاتب والممثل كذلك الأمر، إذاً المشكلة الأساسية باتت في البيئة والشكل العام، نحن نعاني رواسب أزمة استمرت نحو اثني عشر عاماً، لا يوجد لدينا منتج لديه قلب قوي للخوض وتقدمة فيلم سينما شباك، ولا يوجد لدينا دار سينمائي لعرض فيلم من أفلام سينما شباك، ولا يوجد لدينا أي شيء من مقوماته، وهذا الأمر المؤسسة العامة للسينما لا علاقة لها به، لأنها بالنهاية قطاع عام ومشكورة لأنها تقدم أفلاماً قصيرة وطويلة لحد ما، بالإضافة إلى أن الأمر يحتاج أيضاً إلى مهرجانات محلية، ونحن اليوم نفتقد لمهرجان دمشق السينمائي ومهرجان الأفلام القصيرة، وهذا الأمر حقيقة يتطلب ضخاً مالياً».