رياضة

بعد خروجنا المخزي من التصفيات الآسيوية … متى سيستفيد اتحاد السلة من أخطائه … نتمنى مؤتمراً شاملاً للحديث عن المرحلة القادمة لا عمّا فات

| مهند الحسني

أنهى منتخبنا الوطني بكرة السلة التصفيات الآسيوية التي استضافتها صالة الفيحاء بدمشق ومني منتخبنا بأربع خسارات مؤلمة كانت كافية بوضعه في المركز الأخير على أرضه وبين جمهوره.

ولا نغالي كثيراً إذا قلنا إن منتخباتنا الوطنية في عهد اتحاد السلة الحالي تلقت خسارات ما أنزل اللـه بها من سلطان كانت كافية لاجتثاث ما تبقى من أمل برؤية منتخباتنا تستعيد هيبتها وألقها بعد غربة دهر، ويبدو أن العطار لن ولم يتمكن من إصلاح ما أفسده الدهر بمفاصل سلتنا، فمنتخباتنا تراجعت ونتائجها تقهقرت والطموحات اصطدمت بواقع مرير رغم فسحة الأمل التي منحتنا إياها القيادة الرياضية الحالية بعدما فتحت خزائنها أمام اتحاد السلة في سابقة هي الأولى في تاريخ السلة السورية لكن للأسف لم يكن الحصاد مثمراً ولا موازياً لحجم العطاء.

مؤتمر غير كلامي

في كل مناسبة يؤكد اتحاد كرة السلة وبعد كل انتكاسة بأنه سيكون وجهاً لوجه مع الإعلام الرياضي عبر مؤتمر صحفي لكن وبعد خروجه المخزي من التصفيات الأخيرة ونتائجه المخيبة للآمال لم ينبس حتى كتابة هذه السطور بأي كلمة ولم يتحدث عن نيته لعقد مؤتمر كهذا، نحن لا نريد مؤتمراً يتحدث عما حصل بالأمس لأنه قد مضى والحديث عنه كأننا ننفخ في قربة مثقوبة لا تسمن ولا تغني من جوع، لذلك ما نطلبه من الاتحاد أن يكون مؤتمره القادم للحديث عن تصوراته للمرحلة القادمة وعن خطة واضحة المعالم لإعداد المنتخب.

طبعا لن نكون جناة على الاتحاد ونطالبه بمركز متقدم في النهائيات ولا بالتأهل لكأس العالم خلال الفترة القريبة المقبلة، لكنه هو من ساهم في أن نتجاوز تخوم تطلعاتنا وطموحاتنا عندما تفاخر بعد فوزه على إيران في التصفيات الآسيوية السابقة وشطحت به الأحلام والتطلعات حتى ظن بأن تأهله لكأس العالم بات سالكاً وسهلاً، ونسي أو تناسى أن سلتنا تعاني الأمريـن، وبأننا نفتقد كرة السلة الحديثة والعصرية والسريعة، وبأن هناك من أكل بعقله حلاوة ورسم له أضغاث أحلام تلاشت بأول صدمة مع حقيقة واقعنا المخزي، ومع ذلك كنا وما زلنا نتمنى أن يخرج ويعترف بأخطائه بكل شجاعة وشفافية، فالخسارة ليست نهاية العالم، ومن يخسر اليوم لابد أن يفوز غداً بشرط أن يستفيد من تجاربه ويعرف أخطاءه ويعمل على تلافيها، ويضع تصورات جديدة للمرحلة القادمة مستغلاً حالة العطاء السخي الذي تضعه القيادة الرياضية بين يديه وعلى مبدأ (اطلب وتمنَّ) فأين الاتحاد من ذلك ويبدو أنه قد أخذ فرصته وأخطأ كثيراً في تجاربه السابقة لكنه حتى الآن لم نره استفاد من أي من هذه الأخطاء.

أخطاء ومبررات

لن ننسى بعض الأخطاء الإدارية ولا حتى الفنية التي وقعت في عهد الاتحاد السابق لكنها حتماً لا تقارن بالأخطاء المخجلة التي شاهدناها في عهد الاتحاد الحالي الذي يتفاخر رئيسه في كل مناسبة بأن لديه جيشاً من الموظفين والإداريين، نوافق على أن هذه الأخطاء الإدارية غير مبررة، ولكن هل نرضى أن تكون عقوبة مخالفة السير هي الإعدام، وهل يتطلب كل خطأ إداري حل اتحاد كرة السلة، وهل اعتلت سلتنا في السنوات العشرين الأخيرة منصات التتويج الآسيوية والعالمية واليوم لم نعد نصعد هذه المنصات، دعونا نعترف بأن حقيقة سلتنا ومنذ سنوات طويلة مضت وصلت لأوج إنجازاتها بفضل القدرات الفردية الاستثنائية لبعض اللاعبين عبر الأجيال المتلاحقة بدءاً من اللاعبين( ممتاز ملص وشامل داغستاني، وبيير مرجانة، مروراً بجيل جاك باشاياني، ومحمد أبو سعدى، وأنور عبد الحي، وصولاً إلى ميشيل معدنلي آخر المواهب الفردية السلوية)، ولا نقلل من شأن باقي نجوم سلتنا السورية، ولكن في كل منتخب حقق إنجازاً عربياً أو آسيوياً، كان بفضل جهد جماعي توج بإمكانيات فردية لأحد اللاعبين، وهو أمر تفتقده سلتنا حالياً، ولم يستطع اللاعبون المجنسون أن يعوضوا إمكانيات ونقاط أبو سعدى أو عبد الحي، أو المعدنلي، عندما كانوا في أوج عطائهم، إذ إن غياب النجوم يتطلب منظومة جماعية من الأداء والتدريب واللعب، وهي منظومة معقدة، وصعبة تتطلب تكامل عناصر اللعبة حتى أصغر تفاصيلها ابتداء من الصالات التدريبية والمدربين الأكفاء، والإدارات المتمكنة، والممولين والرعاة والمشاركات الخارجية، هذه بعض العناصر اللازمة لبناء منتخب قوي ينافس من حوله من المنتخبات، فماذا تركت لنا أزمتنا من هذه العناصر سوى النزر اليسير القائم على جهد بعض المخلصين للعبة.

إقالة ولكن

بدأ الكثيرون يغمزون في قناة رحيل الاتحاد الحالي وإقالته بعد سلسلة النتائج المتواضعة التي حققتها منتخباته، لكن إذا كان رحيل الاتحاد الحالي هو حل وخلاص لكرة السلة السورية، فإننا سنضم أصواتنا للمطالبين بهذا الرحيل بشرط واحد هو تقديم خطة بديلة وواقعية قابلة للتنفيذ قادرة على انتشال سلتنا من واقعها الحزين، ولكن قبل ذلك لا بد لمن يملك ورقة عمل وخطة بديلة أن يعززها بتجارب ناجحة، قبل أن يتولى زمام الأمور، لا أن نكتفي بالوعود، والكلام المعسول، والخطب الرنانة، فلا وعود تدفق ملايين الرعاية تحققت، ولا أندية المنظّرين نهضت، ولا الأفكار الخيالية نقلت إلى أرض الواقع، ولا يمكن أن نرضى لسلتنا أن تكون رهن تجارب مراهقي الرياضة، وفاقدي الخبرة الإدارية في المجال الرياضي وخاصة بعد الفشل الذريع في ملف اللاعبين مستعيدي الجنسية الذي كان سبباً أساسياً في إلحاق الهزائم بمنتخبنا من دون أن يخرج أحدهم ويشير إلى المقصرين بهذا الملف، لا بل رموا بالكرة على الاتحاد الأرجنتيني في طريقة مكشوفة ومفضوحة، وعلى إدارة الاتحاد أن تدرك أن من لا يجيد المشي لن يستطيع الجري، وكثير من خبرات سلتنا فشلوا في المشي بسلة أنديتهم، أو فرقهم التي دربوها داخلياً وخارجياً، فكيف نتوقع منهم النجاح في إدارة اللعبة، وهم لا يستطيعون حل أبسط مشكلات أنديتهم، لذلك لابد من زج بعض الخبرات الفنية بجسم الاتحاد الحالي عبر تشكيل لجنة فنية من كبار اللعبة تكون بمنزلة الناصح واليد اليمنى لرئيس الاتحاد الذي مازال يعمل بطريقة لا تدل على العمل المؤسساتي الصحيح مع تأكيدنا على جهوده الكبيرة، غير أن اليد الواحدة لن تستطيع أن تصفق وحدها وطالما أن أجنحة الاتحاد ضعيفة في ملف المنتخبات الوطنية فلن تراوده وتداعب مخيلته في التحليق لا بل ستزيده سقوطاً أشد إيلاماً.

لجنة داعمة

لا يمكن أن ننسى الجهود التي نجح خلالها اتحاد كرة السلة في استقدام بعض رجال الأعمال لدعم المنتخب وزجهم بأجواء العمل، وقد قدم هؤلاء الرجال الكثير للمنتخب، وهي خطوة جيدة ويجب التأسيس عليها للمراحل المقبلة، ولا ضير من تشكيل لجنة داعمة لجميع المنتخبات الوطنية وضم عدد كبير من رجال الأعمال لها من أجل دعم المنتخبات في رحلة إعدادها ولابد هنا من توجيه الشكر للدكتور علي درويش ويامن بالي اللذين قدما للمنتخب في التصفيات الأخيرة الكثير من المال والجهد غير أن النتائج لم ترق لمستوى الدعم الذي قدماه، فالشق المالي القوي يجب أن يقابله خبرة فنية تتمكن من تسخيره لمصلحة جميع منتخباتنا الوطنية.

خلاصة

يجب أن ندرك جميعاً أن منتخباتنا الوطنية اليوم وأكثر من أي يوم تعاني الآمرّين في عهد الاتحاد الحالي، الذي نجح في بعض المفاصل وأخفق في غيرها، ومن يرد أن يبني كرة سلة متحضرة فليبدأ من الروزنامة المستقرة وخطة إعداد للمنتخبات الوطنية تبدأ اليوم وتنتهي بعد ثلاث سنوات ولكل منتخب ميزانية وأهداف.

ومن يتولّ مهام التدريب يجب أن يعرف ما له وما عليه وما المطلوب منه وما المخصص له، أما أن نخلط الماء بالزيت ونصر على نجاح الخليط فهو أمر مرفوض واتجاه يعكس جهل القائمين على شؤون المنتخبات وضعف الإمكانيات المتوافرة للمدربين.

فهل سنشهد تحركاً سريعاً وجريئاً من اتحاد السلة في إجراء تغييرات شاملة وصحيحة في إعداد منتخباته، أم إن الأمور ستبقى على حالها وتبقى سلتنا هي الخاسرة الوحيدة، وحينها سنطبق المثل الشعبي القائل: (فالج لا تعالج).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن