شؤون محلية

العمل الشعبي الغائب.!

| يونس خلف

في ظل الظروف الصعبة والإمكانات الضعيفة يبدو السؤال مشروعاً: ما أفضل آلية عمل لتحقيق ما هو ممكن من الخدمات؟

والسؤال الآخر كيف يمكن أن نحدد بوضوح الحاجة الفعلية للخدمات الملحة والعمل على تنفيذها.

اليوم ثمة جهود لاستنهاض الدور المأمول من الإدارة المحلية التي حققت نقلة نوعية في بلادنا عندما جعلت الجماهير صاحبة القرار الفعلي في تطوير أمورها المحلية والتي اكتسبت أهميتها من الصيغة المميزة فيها وهي التعبير عن الديمقراطية فـي الشكل والمضمون. وأتاحت المجال أمام الجماهير لتكون صاحبة القرار في تطوير شؤونها المحلية وتكتسب المجالس المحلية أهمية كبرى في حياة الناس لأنه في هذه المجالس تتم مناقشة الخطط والبرامج وترفع الاقتراحات وفق الاحتياجات المحلية في مجالات الصحة والثقافة والتعليم والتموين والنقل والمواصلات والمياه والري لأن القرارات التي ترسم الخطط وتقر المشاريع هي قرارات محلية تراعي ظروف كل منطقة وقرية. ولذلك فإن نظرة عامة إلى المرحلة التي مضت تقدم مؤشرات مهمة حول فاعلية المشاركة الشعبية والنجاح الذي حققته الإدارة المحلية من خلال المشاريع الخدمية الواسعة في كل مكان.

وإذا كان قانون الإدارة المحلية قد أوكل إلى الوحدات الإدارية تولي شؤونها بنفسها فكونت بذلك مبدأ الديمقراطية الشعبية فـإنه اعتمد مبدأ آخر يتواءم مع الأول ولا ينفصل عنه هو مبدأ المركزية الديمقراطية الذي ينظر إلى السلطات المختلفة على أنها ممثلة لإرادة الشعب متكاملة تكامل هـذه الإرادة، فضلاً عن ضمانة وحدة الدولة وتبعاً لذلك فإن الإدارة في السلطات المركزية والإدارات في الوحدات الإدارية ليس لها مصالح متناقضة مادامت هذه الجهات كلها تستوحي مصلحة مجموعة الشعب.

ولأن ظروف العمل تختلف اليوم نتيجة تداعيات الحرب والحصار وتدمير البنى التحتية فإن النجاح الحقيقي في إدارة الشأن المحلي يعتمد على المبادرة التي تعتبر شكلاً من أشكال الشعور بالمسؤولية والأداء الأمثل لما هو متاح من إمكانات.

البرمجة علم يستند إلى قوانين تحدد العلاقات الرياضية بين الإمكانيات المادية والبشرية المتوافرة وبرمجتها وفـق جداول زمنية. وهنا نأخذ مثالاً من تجارب سابقة كانت ناجحة منها العمل الطوعي الذي أصبح في فترة تقليداً من تقاليد العمل لدى مؤسسات الدولة والمواطنين معاً. وقد تم تنفيذ مشاريع مهمة بالعمل الشعبي والطوعي.

قد تبدو الأعمال التي يمكن القيام بها من المجتمع المحلي ليست كبيرة لكنها تجسد رسالة بأن تلبية متطلبات الناس مسؤولية مشتركة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المحلي وأيضاً ترسيخ ثقافة تحمل المسؤولية وألا نقلل من شأن الدور المطلوب منا جميعاً في مواجهة الصعاب والتغلب عليها، ولعل في ذلك نقطة القوة التي يجب العمل عليها في الإدارة المحلية وتفعيلها لأنها تؤدي إلى عمل حقيقي منتج وليس مجرد الحوار الذي ننشغل به أحياناً ولا يتجاوز الأفكار النظرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن