اقتصاد

مؤسسات ميركل تدحض مبدأ «3ك»

| د. سعــد بساطــة

لاشك أن أوضاع المجتمع لا تستقيم إلا بعـمل جميع أفراده (ضمن المجال والتخصص المناسب)؛ وهذا يدحض المقولات القديمة.. من اليابان: المرأة.. أم حكيمة؛ وزوجة مخلصة. وبريطانية: مكان المرأة؛ بيتها!

وقد بدأت تلك الكتابات المندثرة بالظهور في 1890 ؛ بألمانيا؛ حيث لم يكن للمرأة أية مساهمة في الشأن العـام!

حيث لخص الإمبراطور هناك وجود المرأة في حرف K مكرر ثلاثاً die Küche, die Kirche, die Kinder أي: المطبخ- دار العـبادة – رعـاية الطفل؛ وشجـّعت التشريعـات آنذاك عـلى الزواج والإنجاب!

وقد أجبر نقص اليد العـاملة من الذكور في الحرب العـالمية الثانية عشرات الألوف منهن عـلى الانخراط في حلقة الإنتاج ضمن المصانع؛ وغـني عـن القول إن التقاليد المتزمتة بالشرق حدت من تسجيل الإناث بالمدارس؛ وبذا نشأت أجيال تربـّت عـلى أيدي أمهات جاهلات!

هل يمكن – بيومنا هذا- بعـد أنجح رئيسة وزراء ألمانية (ميركل)؛ وانتشار عـمل المرأة الكفؤ؛ أن نتشدّق بأن مكانها المطبخ؟!

وهذا ما دعا متسلق جبال كندي -غـاب عـني اسمه- أن قدّم لبلد آسيوي أنقذه فيه الأهلون من سقوط قاتل أثناء هبوطه قمة جبل؛ هدية شكر للوطنيين على إنقاذه بتقديم (تبرعـات من بلده) لإنشاء مدرسة للبنات؛ وقال بتفسير ذلك؛ إن المرأة المتعـلمة كزوجة وأم؛ تنهض بالمجتمع بكامله.

فالمرأة إن كانت نصف المجتمع بالعدد فهي من تلد ومن تربي نصفه الآخر، أي إن المرأة هي كل المجتمع.

وجد تقرير حول «حالة مكان العمل» (Hive State of the Workplace) بين الجنسين أنه بشكل عام، يتم تكليف النساء بعمل أكثر من الرجال، حيث تظهر البيانات أن 55 بالمئة من المهام يتم تكليف النساء بها في حين يتم تكليف الرجال بـ45 بالمئة من المهام، مع قيام كل من الرجال والنساء بإكمال نحو 66 بالمئة من المهام الموكلة إليهم، وأكدت الدراسات أن النساء يعملن بجد بنسبة 10 بالمئة أكثر من الرجال، ولديهن معدل إتمام عمل مساوٍ أو أكثر للرجال.

كما يتم إعطاء النساء الكثير من الأعمال مقارنة بالرجل وذلك يعتمد على نوع العمل المخصص لهن، حيث يقضين وقتاً أطول في الأعمال غير القابلة للترقية؛ وهي أي نشاط مفيد للمنظمة ولكنه لا يسهم في تقدمها الوظيفي، لذلك يتم تسليم الأعمال التي لا يجب الرجال القيام بها إلى النساء.

بالإضافة إلى ذلك أثبتت الدراسة أن الدردشة خلال العمل لا تعوق النساء ولا تمثل لهن مشكلة إنتاجية على عكس الرجال الذين تستغرق دردشتهم تعطيل يوم العمل، كما لا تتأثر النساء بالإلهاء خلال العمل وهو ما يجعلها تنفذ الكثير من الأعمال في وقت قصير.

كما تستطيع النساء التفوق على الرجال في تعدد المهام، وذلك لأن المرأة قادرة على المشاركة بشكل أكبر في القيام بمهام متعددة في وقت واحد، وهو ما يؤثر إيجابياً على إنتاجية المرأة أكثر من الرجل.

الحياة لا تستقيم من دون عمل بالنسبة للفرد والمجتمع على حد سواء، أما بالنسبة للمرأة في مجتمعنا فمما لا شك فيه أن العمل يسهم في جعل المرأة أكثر قوة وقيمة في مختلف النواحي الواقعية والمعنوية، فالمرأة عندما تعمل لا تبقى ذلك الكائن الضعيف ذا القدرات المحدودة الذي لا حول له ولا قوة.

من سلبيات عمل المرأة من المنزل أو خارجه هو عدم وجودها بشكل كاف مع أطفالها وأفراد أسرتها، هذا قد يؤدي إلى اختلال توازن الأسرة وتأثر سلوك ونفسية الأطفال بغياب الأم وعدم وجودها مع أطفالها في الكثير من المواقف.

جريمة أن تكون المرأة أسيرة اقتصادياً للرجل!

إن العمل يساعد المرأة على تنمية مواهبها، تطوير شخصيتها ومهاراتك الاجتماعية، وتحقيق أهدافها، ونقل خبراتها في العمل لأبنائها وتعليمهم الاستقلال وأهمية العمل، عمل المرأة كطبيبة، ممرضة للسيدات أو معلمة فتيات يساعد في حصول النساء على رعاية ملائمة لطبيعتهم.

التعدين في الصين، من المجالات الممنوعة على المرأة، باعتبار أن هذا المجال لا يعتبر مناسباً للنساء، وفقاً لقوانين العمل، أيضاً حمل البضائع في فرنسا، تمنع المرأة من العمل بحمل بضائع الثقيلة، أو نقلها على عربة يدوية، وغـيرها من المهن الممنوعـة عـليها.

نعرّج لمسرحية «بيت الدمية» للكاتب النرويجي إيبسن 1879؛ فقد عـاقبت البطلة زوجها – والمجتمع- أنها كأنثى لا تصلح إلا لإنجاب الأولاد. بخروجها من البيت صافقة الباب وراءها، وقيل في ذلك إن صدى تلك الصفقة وصل إلى كل أرجاء العالم. ستبقى النساء بغـالب بقاع العالم تسعى للانعتاق من دور «دمية الرجل» المرسوم لها.

نفخر في سورية أن نساءنا لم يقتصر دورهن عـلى التعـليم والتمريض؛ بل اقتحمن مجالات الهندسة والطيران والقضاء واستلام وزارات سيادية.

الخبر هو: قدسية العـمل؛ أما المبتدأ فهو «المرأة» كامل المجتمع!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن