اقتصاد

مشروعات صغيرة بأحلام كبيرة … أستاذ جامعي لـ«الوطن»: أقل تأثراً بالصدمات والأزمات الاقتصادية ومستقبلها مرهون بالبرامج الحكومية

| نوار هيفا

يتطلع كثير من الشباب اليوم للانفراد بمشروعهم الخاص بعيداً عن طرق البحث التقليدية فيما يتعلق بإيجاد فرصة عمل يكونون فيه هم أرباب العمل، سعياً منهم لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز الاستفادة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بخلق فرص عمل جديدة أو إضافية، وهو ما جعلها تحقق نجاحاً كبيراً تأكد باحتلالها مركزاً متقدماً على مستوى العالم بسهولة تمويلها.

عالمياً شهد دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعاظماً مع ما يشهده الاقتصاد العالمي من أزمات منذ سنوات، حيث أثبتت هذه المشروعات القدرة والكفاءة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية وهو ما رصدته معظم تقارير التقييم الاقتصادي لهذه الدول.

ضمن هذا المنظور المتطور في الرؤية الاقتصادية زاد دعم هذه الأنواع من المشروعات مؤخراً في سورية بطرق مختلفة كالقروض المقدمة وتخفيض الضرائب المتعلقة بدعم هذه المشروعات، إضافة لتقديم كامل التسهيلات لأصحابها.

الأستاذ في كلية الاقتصاد إدارة مشروعات صغيرة الدكتور هيثم عيسى بين أن قوة الاقتصاد الوطني عموماً تعتمد على نوعين من منظمات الأعمال، الأولى هي المؤسسات الكبيرة التي تعمل على الدولة وبعضها يكون عالمي بين الدول، وهذه المؤسسات تخلق قيمة مضافة كبيرة تسهم في رفع مستوى الناتج المحلي وتخلق فرص عمل مهمة من حيث العدد والتنوّع وتسهم في رفع مستوى الصادرات… إلخ؛ أما الثانية فتضم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.

وأوضح عيسى أن لهذه المؤسسات الصغيرة أهميتها الكبيرة في تأمين فرص عمل لأفراد قد لا يمتلكون المؤهلات في المشروعات الضخمة وكذلك توليد الدخل لهم ما يسهم في الحد من مستويات البطالة والفقر.

وعن ميزات هذه المشروعات أشار عيسى إلى أن هذه المشروعات تمتاز بنطاق عملها الجغرافي المحدود وبالتالي فهي أقل تأثراً بالصدمات والأزمات الاقتصادية ولاسيما الدولية منها، ومن الصعب معاقبتها والتضييق عليها مثل المؤسسات الكبيرة ما يجعلها ذات أهمية استثنائية في الدول المهددة بالعقوبات الدولية وغيرها مثل سورية.

ولفت عيسى إلى أن هذه المشروعات يتم تصنيفها إلى صغيرة ومتناهية الصغر بموجب القوانين الوطنية لكل دولة وفقاً لعدة معايير مثل عدد العمال، حجم رأس المال المستثمر وغيرها.

وعن أكثر هذه المشروعات ربحاً على مستوى سورية، أوضح عيسى أن الأغلبية العظمى من هذه المشروعات ناجحة في حال تقديم الاهتمام والرعاية الحكوميين لها، لكن، تتمتع المشروعات الصغيرة في مجال الزراعة بشقيها الحيواني والنباتي بقدرة أكبر على النجاح وذلك لعدة أسباب مثل توفر الخبرة بالعمل عند الأسر والأفراد في هكذا مشروعات (زراعة نباتات عطرية، تربية دواجن، تربية النحل، تربية المواشي، والمشروعات الزراعية بشكلٍ عام)، ووجود سوق (طلب) واسع على منتجات هذه المشروعات.

أما درجة الأمان والخطورة بهذه المشروعات فبين عيسى أن هذه المشروعات تعد أقل استقراراً وأماناً من نظيراتها الكبيرة، فهذه المشروعات لا تمتلك الملاءة المالية الكافية للاقتراض من المؤسسات المصرفية وعموماً لا تحقق شروط المصارف المتعلقة بالاستفادة من القروض وبالتالي فهي تعتمد على التمويل الذاتي غالباً، كذلك لا تستطيع هذه المشروعات الاستفادة من خدمات التأمين المختلفة للاحتياط ضد التقلبات ومخاطر الأعمال المختلفة وبالتالي فهي غير قادرة على دفع تلك المخاطر بشراء خدمات التأمين، أيضاً تعد هذه المشروعات حساسة وهشة إزاء تقلبات السوق من حيث تغيرات العرض والطلب وتأرجح الأسعار حيث تؤثر هذه التغيرات في عملها مباشرةً وبشكلٍ كبير، لهذا نجد في كثيرٍ من دول العالم يتم منح هذه المشروعات رعايةً ودعماً حكومياً مستمراً من أجل استمراريتها.

وعن ارتباط نجاح المشروع بعمره وجنس صاحبه، لفت عيسى إلى أنه عادةً تكون المشروعات الراسخة في السوق أي التي لها مدة طويلة أكثر استقراراً من المشروعات الحديثة نتيجة الخبرة التي يراكمها أصحاب المشروع خلال سنوات عمله. لا توجد أدلة أو إثباتات تربط بين نجاح المشروع الصغير وجنس صاحبه، مبيناً أنه نظراً لطبيعتها الحساسة والهشة إزاء الصدمات من جهة وأهمية هذه المشروعات من جهة ثانية فإن مستقبل هذه المشروعات في أي بلد يتوقف على الإستراتيجيات والخطط والبرامج الحكومية المصممة لرعايتها ودعمها للوقوف والاستمرار في العمل.

وعن المقترحات لدعم هذه المشروعات أكد عيسى أنها تتعلق بجانبين التمويل والتسويق، فيما يتعلق بالتمويل، نحتاج لبرامج وخطط واضحة لتشجيع وتحفيز المصارف المتخصصة التي يتم تأسيسها في سورية لدعم وتمويل هذه المشروعات، وقد يكون من المناسب أن تتدخل الحكومة لدعم هذه المشروعات من خلال برامج انتقائية لدعم الفائدة على القروض التي تقدمها تلك المشارف للمشروعات الصغيرة بحيث يتعلق هامش الدعم بمستوى نجاح المشروع وذلك ليذهب الجزء الأكبر من الدعم للأفكار والمشروعات الناجحة، أما الجانب الثاني من المقترحات فيتعلق بالتسويق، فعلياً هذه المشروعات غير قادرة على صياغة سياسات تسويقية منافسة بسبب طبيعتها الخاصة لذلك قد يكون الدعم الحكومي في جانب التسويق منقذاً لهذه المشروعات من الاختناق وعدم القدرة على تصريف المنتجات كما لاحظنا في عدة مرات سابقة فيما يتعلق بتصريف منتجات زراعية كالعسل وغيره في مناطق عديدة من سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن