الاحتلال الأميركي لشمال وشرق سورية وسرقة ثروات سورية النفطية وثرواتها الزراعية والغذائية يشكل جريمة إنسانية بحق الشعب السوري وخدمة تقدمها الإدارة الأميركية للإرهابيين من قبيل عناصر تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وإخوتهما.
الواقع يشير إلى أن الإدارة الأميركية مصابة بجنون العظمة الذي يحتاج إلى دماء كثيرة، لإثبات الذات، وإن ضرب مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بالقنابل الذرية وقتل مئات آلاف المدنيين؛ شاهد على ذلك، وغزو العراق عام 2003 وقتل مليون عراقي شاهد آخر.
إن الإدارات الأميركية تعيش على موت الآخرين، والتاريخ يؤكد أن طرد قوات الاحتلال لأي بلد لا يتم إلا من خلال المقاومة الوطنية للاحتلال من أبناء البلد المُحتل، والمثال الفيتنامي شاهد، والاحتلال الأميركي للأراضي السورية شرق سورية جريمة إنسانية اقترفتها أميركا بحق الشعب السوري تضاف لجرائم هذه الإدارة بفرضها عقوبات اقتصادية ظالمة على سورية دولة وشعباً، إضافة إلى قانون قيصر الجائر، ما أدى إلى إلحاق الضرر الفادح بمعيشة الشعب السوري الذي أصبح معظمه دون خط الفقر.
الأميركيون في سورية يلعبون في ميدان الإرهابيين وهناك دعم أميركي واضح للتنظيمات الإرهابية، من خلال محاولاتهم اليائسة لإضعاف القدرة العسكرية للدولة السورية التي تحارب الإرهاب، وبالتالي فإن راعي البقر الأرعن يقوم بتقديم خدمة لا تقدّر بثمن للإرهابيين، والإدارة الأميركية تقف في خندق الانفصاليين الأكراد وتدعمهم.
أميركا لاتهمها المعايير الدولية، والقيم الإنسانية، وهمها الرئيس دعم التنظيمات الانفصالية والإرهابية وحماية المصالح الإسرائيلية.
في دير الزور، أعلن عن إنشاء «الجيش الشعبي»، وهو عبارة عن مجموعة عسكرية فدائية سورية، أطلق عليها اسم مقاومة شعبية سورية ضد الوجود الأميركي في شرق الفرات، بالمقابل عزَّزت الولايات المتحدة وجودها العسكري في شرق الفرات رداً على إرادة سورية تؤيدها إيران وروسيا تهدف إلى استنزاف القوات الأميركية لإرغامها على الخروج من المنطقة على اعتبارها قوات احتلال.
تهدف الإدارة الأميركية من التحركات الأخيرة في شرق سورية، إلى تهديد إيران وروسيا، حلفاء الدولة السورية، وإرسال رسالة إليهما مفادها أن القوات الأميركية باقية، كما تهدف إلى استباق التطورات الإقليمية المتمثلة باحتمالات الانفتاح التركي-السوري.
تشهد مناطق شرق سورية تحركات عسكرية أميركية بالتوازي مع تحركات روسية-إيرانية، وعلى الرغم من أن المنطقة لم تكن بعيدة عن مناخ التوتر بين هذه الأطراف طوال السنوات الماضية، فقد كان هناك على الأغلب آليات مشتركة استطاع من خلالها الأميركيون والروس تجنُّب الصدام بينهما، على حين يبدو أن التوتر في هذه المرحلة يتجاوز قواعد الاشتباك المعمول بها، الأمر يُنذِر بتصعيد وشيك، والترتيبات العسكرية الأميركية كشفت عن استعداد واشنطن لمواجهة صراعات محتملة قد تنطوي عليها المرحلة المقبلة، ومن هذه الترتيبات، تزويد قواعدها في دير الزور والحسكة بقاذفات صواريخ «هيمارس» الدفاعية، التي يستخدمها الجيش الأوكراني في مواجهة القوات الروسية، كما نشرت القوات الأميركية في قاعدة موفق السلطي شمال الأردن طائرات «إف 22 رابورت».
وَبَنت القوات الأميركية قاعدة عسكرية جديدة في منطقة السويدية في ريف الرقة الغربي بالقرب من مدينة الطبقة، وجهَّزت قاعدة أخرى عند مدخل الرقة الجنوبي، وشهدت قواعد التحالف الدولي في التنف وشرق الفرات مناورات مشتركة، اللافت فيها أنها شملت المهام والتدريب على عتاد يتخطى مهام قتال «داعش».
يضاف إلى ذلك إجراءات ضمن البيئة المحلية للمنطقة؛ من خلال محاولة التقرُّب من المكون العربي في مناطق شرق الفرات، بعد أن شكّل الأكراد العنصر المهيمن على هياكل الإدارة الذاتية وأجنحتها العسكرية والسياسية.
تحاول واشنطن إرضاء المكون العربي الذي يشكو من سيطرة الكرد على مناطق شرق سورية، واتخاذ إجراء تحوطي لمنع نجاح جهود روسيا وإيران والدولة السورية في سعيهم لإنهاء الاحتلال الأميركي للأراضي السورية، كما تهدف واشنطن إلى إرضاء تركيا، عبر احتمال وضع القوى العربية غير المنخرطة في هياكل «قسد» على الحدود، وتبدو «قسد» خارج هذه المعادلة التي تنوي القوات الأميركية صناعتها في شرق سورية، وتنطلق تلك الترتيبات والإجراءات الأميركية من خشية واشنطن من ازدياد نشاط المقاومة الشعبية الوطنية السورية في مناطق شرق الفرات، الذي أخذ يعبّر عن نفسه باستهداف القواعد الأميركية، وثمة شكوك بأن تكون المقاومة الشعبية خلف سقوط مروحية أميركية على متنها 22 عسكرياً أميركياً، كما تنطلق من حاجة القوات الأميركية إلى قوة نيران إضافية في شرق سورية لحماية قواتها، في ظل تفوق بشري وطني سوري، وأيضاً وجود توجس أميركي من مخطط سوري، يبدو أنه دخل مرحلة التنفيذ، يقضي بجعل المرحلة المقبلة صعبة ومكلفة للوجود الأميركي في شرق سورية، وقد كشف تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن وثائق استخباراتية أميركية عن وجود خطط لتنفيذ حملة واسعة النطاق ضد القوات الأميركية بوساطة المقاومة الشعبية السورية».
وتهدف الإدارة الأميركية من تلك الترتيبات إلى إرسال رسالة إلى سورية وروسيا وإيران مفادها أن القوات الأميركية باقية، وتخشى أميركا أن هدف المقاومة إعادة استنساخ تجربة محاربة القوات الأميركية في العراق، عبر هجمات منفردة تؤدي إلى استنزاف القوات الأميركية ودفعها إلى الخروج من سورية، ومساعدة الحكومة السورية على استعادة أماكن الثروة النفطية والغذائية في شمال سورية المسروقة من المحتل الأميركي ومرتزقته الانفصاليين، بالمقابل الحراك العسكري الروسي الحاصل في سورية يتم بموافقة الدولة السورية، ومن أهم دوافعه الدعم الأميركي لأوكرانيا، حيث يظهر تحركها في سورية بوصفه ورقة للضغط على الأميركيين.
بالنسبة للولايات المتحدة، من الواضح أنها دمجت رؤيتها للوضع في سورية ضمن رؤيتها لعالم ما بعد الحرب الأوكرانية، وما أفرزه من معسكرين دوليين متضادين.
موسكو مقتنعة بأنها مستهدفه من الاحتلال الأميركي لشرق سورية، وموسكو وواشنطن وصلتا إلى النقطة الساخنة، حيث عكست التصريحات الروسية مواقف حازمة، واتهامات لواشنطن بممارسة التضليل لتغطية احتلالها لأراضي سورية، وموسكو مصرة على تمسكها بثوابت سياستها في سورية كدولة حليفة، وكل المؤشرات تدل على أن المقاومة الوطنية السورية هي السبيل لطرد المحتل الأميركي سارق ثروات الشعب السوري.