اقتصادالأخبار البارزة

في ثاني أيام المؤتمر الخمسين الاستثنائي لـ«فيا آراب» … الخليل لـ«الوطن»: العلاقات السياسية الجيّدة بين الدول مقدمة لعلاقات اقتصادية أفضل … المصري لـ«الوطن»: الميزان التجاري بين سورية وأميركا اللاتينية لمصلحة الأخيرة وطالبنا بتصدير صناعاتنا إليها

| جلنار العلي

عرض وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل في ثاني أيام المؤتمر الاستثنائي الخمسين لاتحاد المؤسسات العربية في دول أميركا اللاتينية «فيا آراب»، واقع الاقتصاد السوري ومكامن القوة فيه خلال عقدين من الزمن، أي ما بين عامي 2005 و2023.

معدلات نمو قوية

وأوضح أنه خلال الفترة الممتدة بين عامي 2005 و2010 (أي ما قبل الحرب) شهد الاقتصاد السوري معدلات نمو قوية وكبيرة تتجاوز الـ5 بالمئة كنمو اقتصادي حقيقي متبوعاً بعدد من العوامل أولها تحسن قيمة الناتج المحلي الإجمالي لسورية، وثانيها زيادة حجم الاستثمار الخاص في سورية سواء المحلي أم الخارجي الذي قدم إلى سورية بشكل كبير نتيجة الانفتاح الاقتصادي الذي شهدته البلاد خلال تلك السنوات، وثالث هذه العوامل استقرار سعر صرف الليرة لفترة من الزمن، وزيادة حجم التجارة الخارجية بشكل كبير خاصة فيما يتعلق بشق التصدير من حيث الكمية والقيمة والنوعية، أما العنصر الإضافي فهو صغر حجم المديونية الخارجية بشكل كبير، حيث كانت سورية حينها من أقل 10 دول في العالم استدانة من الخارج.

حرب شرسة

وحول المرحلة الثانية الممتدة بين عامي 2011 ونهاية 2016، أشار الخليل إلى أن سورية تعرضت إلى حرب شرسة، وتعرضت الكثير من بناها الإنتاجية والتحتية إلى أضرار كبيرة، وكان هناك خسائر كبيرة في رأس المال المادي والبشري، ما أدى إلى انسحاب الكثير من الاستثمارات الخارجية وخاصة في مجال القطاع النفطي، ونتيجة لهذه الظروف كانت سورية طوال هذه الفترة تتعرض لنمو اقتصادي سلبي بالناتج المحلي الإجمالي.

أما المرحلة الثالثة الممتدة بين 2017 حتى بداية عام 2020، فقد وصفها الخليل بأنها كانت حيوية بالنسبة للاقتصاد، حيث استعادت عدة قطاعات اقتصادية عافيتها بشكل تدريجي، وعاد النشاط الاقتصادي بشكل أوسع خلال السنوات السابقة، إضافة إلى بعض القطاعات كالصناعات الغذائية والزراعية والدوائية والنسيجية التي شهدت تحسناً أيضاً بنسب معينة، كما انخفضت معدلات التضخم إلى 18 بالمئة بعد أن كان المعدل الوسطي يتجاوز 82 بالمئة سنوياً.

وتابع الخليل: «وحققت سورية في عام 2019 للمرة الأولى منذ عام 2011، نمواً اقتصادياً إيجابياً، وكانت الأمور تسير بشكل إيجابي على المستوى الاقتصادي وإن كان تدريجياً».

خسائر بالجملة

وعن المرحلة التالية التي تشمل عامي 2021 و2022، قال الخليل: «عام 2022 بدأ بمشكلة تخص أموال السوريين المقدرة بعشرات مليارات الدولارات، والتي كانت في المصارف اللبنانية وتبخرت، ولم يعد يسمح للسوريين بسحب أموالهم المودعة لدى هذه البنوك»، كما شهد هذا العام انخفاضاً في قيمة صرف الليرة أمام الدولار، إضافة إلى جائحة كورونا التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير على المستوى العالمي وخاصة بالنسبة للمواد الغذائية، ناهيك عن الكثير من التوقفات في مجال النشاط الاقتصادي والإنتاجي، ما ترك أثراً كبيراً على سورية التي تتعرض أصلاً إلى مجموعة من المعوقات الاقتصادية بسبب الحرب.

وأشار الخليل إلى أن قانون قيصر المتضمن الكثير من الإجراءات القسرية أحادية الجانب، احتاج إلى عدة أشهر لإيجاد كل الآليات اللازمة للالتفاف عليه، مبيناً أن عام 2022 شهد في بدايته ارتفاعاً في مستويات الأسعار على المستوى العالمي لم تحصل منذ أكثر من 60 عاماً، وهذا ينتقل إلى الدول بشكل طبيعي.

وفي السياق، أكد الخليل أن كل هذه العوامل التي تم الحديث عنها أثرت على واقع الاقتصاد السوري ومعيشة السوريين، لكن ما زالت سورية حتى اليوم تنتج ما تحتاجه من مواد زراعية باستثناء القمح بسبب احتلال الأراضي التي يزرع فيها، وبالتالي أصبح لدينا عجز في تأمين كميات كبيرة من القمح، ولكن كل المواد المتبقية ليس هناك حاجة إلى استيرادها، بل يوجد فوائض في بعض المنتجات الزراعية كالتفاح والرمان والحمضيات وزيت الزيتون والكثير من المنتجات الأخرى التي يجري تصديرها إلى الخارج، وما زال هناك فوائض للقطاعات المتعلقة بالصناعات الغذائية والدوائية والنسيجية وبعض الصناعات الكيميائية.

اقتصاد متنوع متماسك

وتابع وزير الاقتصاد: «لو لم يكن لدى سورية اقتصاد متماسك ومتنوع لانهارت سورية في ظل عامين فقط بسبب الحرب عليها، وأهم العوامل التي ساعدت بالتخفيف من حجم الأضرار تتمثل بأن سورية تمتلك قطاعاً زراعياً واسعاً، إضافة إلى الاتساع الكبير في أنواع الصناعات الموجودة، وتعدد المشاريع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر»، لافتاً إلى أن سورية فضلاً عن ذلك لديها قطاع مصرفي متماسك فرغم كل ما حدث لم يتعرض أي مصرف للإفلاس، كما أنها تمتلك اليد العاملة الخبيرة التي تتميز أينما وجدت، وتمتاز بأنها تمتلك ميزة التنافسية من حيث الأجر، إضافة إلى الموقع الجغرافي المتميز لسورية، فتم استثمار ذلك من خلال وضع تشريعات مناسبة للاستثمار، حيث يوجد في سورية واحد من أفضل قوانين الاستثمار الموجودة في المنطقة من جهة أنه يمنح حوافز وتسهيلات متنوعة لكل القطاعات، مضيفاً: إن سورية لديها الكثير من الزراعات والصناعات التي تمكنها من الاستعاضة بها عن الاستيراد.

إنتاج نفط منخفض

ورداً على طروحات المشاركين في المؤتمر، أكد الخليل أن سورية كانت تنتج في السابق أكثر من 385 برميل نفط يومياً كان يستخدم جزء منها للاستهلاك السوري ويصدّر الجزء المتبقي ويستخدم القطع الأجنبي الناجم لاستيراد ما تحتاجه سورية، ولكن اليوم على اعتبار أن الكثير منها خارج سيطرة الدولة فأصبح الإنتاج الموجود تحت السيطرة لا يتجاوز 17-18 ألف برميل نفط يومياً، وهذا يؤثر بشكل كبير بالطبع على قطاع الطاقة الكهربائية نتيجة انخفاض حجم التوريدات النفطية، فلو كان موجود لدى هذا القطاع الفيول والغاز الموجود ضمن الأراضي السورية لكان وضع الكهرباء أفضل بكثير رغم الأضرار التي لحقت بمنشآت توليد الكهرباء، مؤكداً وجود أثر للنقص بقطاع الطاقة على القطاع الاقتصادي ككل وعلى المستوى الخدمي والمعيشي للمواطنين.

وإلى ذلك، اعتبر الوزير الخليل أن القطاع الخاص هو أحد عمادات الاقتصاد السوري، لكونه يمتلك المرونة والقدرة على التحرك وتجاوز العقوبات بشكل أسرع وأكبر، لافتاً إلى أن مساهمة القطاع الخاص في سورية وصلت إلى ثلثي الناتج المحلي في سورية.

وأفاد الخليل بأن سورية تمتلك الكثير من الاتفاقيات مع الدول المجاورة والصديقة على المستويين التجاري والاستثماري، فتستطيع سورية من خلال العلاقات التجارية الحصول على احتياجاتها من المواد الضرورية والأولية اللازمة للإنتاج والمواد الجاهزة التي يحتاجها الاقتصاد على المستوى الإنتاجي والاستهلاكي بشكل عام، كما تستطيع المنتجات السورية الدخول إلى أسواق هذه الدول برسوم جمركية قليلة لتستطيع أن تكون منافسة في تلك الأسواق.

تعزيز المنتجات الزراعية

وفي معرض رده على التساؤلات المتعلقة بالموارد التي تمتلكها سورية، أشار الخليل إلى أنه ضمن القطاع الزراعي عمدت الحكومة خلال الفترة الأخيرة إلى تعزيز المنتجات الزراعية بشكل كبير، فعلى سبيل المثال عززت إمكانية زراعة كل ما يمكن زراعته من القمح في الأراضي المسيطر عليها، وذلك للتمكن من تأمين جزء من احتياجات سورية من هذه المادة.

وفي رد للوزير على تساؤلات الصحفيين بيّن الخليل أنه تم خلال هذا المؤتمر لقاء ممثلي المؤسسات العربية في دول أميركا اللاتينية، وكان هناك حوارات في قطاعات مختلفة بمجال السياسة والاقتصاد والتجارة والسياحة والثقافة، وذلك يعد فرصة للتواصل والعمل المشترك من خلال هذه المؤسسات لتعزيز التواصل بين الدول الأم ودول الاغتراب، ما يعزز العلاقات بين هذه الدول ككل، إضافة إلى أهمية هذا المؤتمر لإطلاع هذه المؤسسات على كل المستجدات في الشأن الاقتصادي وغير ذلك، لنقل الصورة بشكل واضح إلى تلك المجتمعات التي يقيمون بها.

المسافة ليست عائقاً

وردّ الخليل على سؤال لـ«الوطن»، أن العلاقات السياسية الجيّدة بين الدول تعد مقدمة لأن يكون هناك علاقات اقتصادية أفضل – في حال وجود الإرادة والرغبة- سواء في الشق التجاري أم الاستثماري، معتبراً أن بعد المسافة الجغرافية بين سورية ودول أميركا اللاتينية ليست بعائق لأن يكون هناك علاقات تجارية واستثمارية مهمة، فعندما تتواجد النية والإرادة التي تم لمسها من الحضور بتعزيز العلاقات الاقتصادية فيكون الدور السوري هنا هو تقديم الفرص المتاحة للاستثمار والنصيحة على مستوى قطاعات الاستثمار والبيئة الاستثمارية المناسبة، والتواصل مع هؤلاء المغتربين ليكون حضورهم وتواصلهم مع سورية من خلال إقامة مشاريع تحظى بالديمومة والإنتاج في سورية وتشغيل اليد العاملة السورية.

ميزان تجاري خاسر

من جهته، بيّن رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية غزوان المصري، في تصريح لـ«الوطن» أنه تم خلال المؤتمر الحديث عن الميزان التجاري بين سورية وأميركا اللاتينية الذي يعد لمصلحتها بشكل دائم، وخاصة أن الجانب السوري يستورد أغلبية المواد منها مثل السكر والبن والصويا، لذلك طُلب خلال الاجتماع تصدير الصناعات السورية إليها، واقتراح إقامة معارض دائمة في سورية لإعادة افتتاح أسواق جديدة للصناعات السورية، وكان هناك تجاوب من قبل دول أميركا اللاتينية للوقوف مع الجانب السوري في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن