قضايا وآراء

جيش الكيان كما يتحدث عنه الجنرال يتسحاق بريك

| تحسين حلبي

في الأسبوع الماضي نشر أحد المحللين للشؤون الإستراتيجية في الكيان الإسرائيلي ويدعى أفيغدور هاسيلكورن وله عدد من الكتب في هذه المواضيع، تحليلاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت» بنسختها الإنكليزية جاء فيه أن الولايات المتحدة بدأ قلقها يزداد من هشاشة الوضع الأمني الإسرائيلي الداخلي وضعفه أمام أخطار جبهة الشمال ومحور المقاومة وخاصة لأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدين «تخشى أن يشجع هذا الضعف أعداء إسرائيل على شن حرب عليها من عدة جبهات»، ورأى هاسيلكورن أن حرباً كهذه ستؤثر سلباً في الخطط الأميركية في الشرق الأوسط، ويعتقد إضافة إلى ذلك أن إدارة بايدين «قد تخشى من أن يشعر (رئيس وزراء الكيان) بنيامين نتنياهو بأن علاقات الولايات المتحدة معه ليست على ما يرام أو أنه يتعرض إلى العزلة، فيقوم هو بشن حرب مسبقة لتوريطها، ويرى هاسيلكورن أن إعلان واشنطن في حزيران وتموز الماضيين بتعزيز قواتها البحرية والأرضية في المنطقة بحجة حماية الممرات البحرية وزيادة مهام طلعات الاستطلاع الجوي في شمال شرق سورية، هدفها تقليل احتمالات وقوع صدام حربي مباشر بين الجانبين العربي الإسرائيلي، ويضيف إن هذا هو المقصود من تصريح نائب الأدميرال الأميركي براد كوبر قائد القوات البحرية المشتركة الذي قال في آخر مناورة جرت مع الجيش الإسرائيلي إن «إسرائيل واحدة من أهم القوى الشريكة لنا والمناورة العسكرية معها شكلت تعاوناً عسكرياً تاريخياً في السنوات الثلاث الماضية»، لكن هاسيلكورن يعود ليؤكد «وجود قلق أميركي متزايد من استمرار الأزمة الداخلية والانقسام الذي ولدته بين الجيش وحكومة نتنياهو».

وهذا بدوره ما جعل نتنياهو بحاجة لموقف علني داعم من أميركا وهذا ما دفع أيضاً واشنطن إلى استعراض قدرة ردعها على لسان كوبر لحماية الكيان الإسرائيلي.

ويبدو أن محاولة «الترقيع» الأميركي لـ«قدرة الردع» بهذه الطريقة يراد منها إبلاغ رسالة لمحور المقاومة بعد التنسيق العلني الأخير بين فصائله الفلسطينية التي حذرت الكيان من أي عدوان على أطرافها.

بالمقابل كان الجنرال المتقاعد من جيش الكيان يتسحاق بريك قد نشر مقالا في الـ5 من شهر أيلول الجاري في صحيفة «معاريف» العبرية تحت عنوان مثير: «القيادة السياسية تخلت عن أمننا» انتقد فيه حكومة نتنياهو وحملها مسؤولية تدهور الأمن في الكيان وقال: «إن الشيء الوحيد الذي أراه أمامي هو أمن عائلتي وأصدقائي وبقية الإسرائيليين وسأظل ملتزماً من دون خوف إلى أن يتحقق تغيير هذا الوضع».

وكشف بريك أن «القيادة السياسية والعسكرية لم تهتم بضمان الأمن القومي والشخصي خلال عشرين عاماً ماضية ولم يُعد الجيش والمؤخرة لمواجهة الحرب الإقليمية المقبلة التي ستندلع عاجلاً أو آجلاً وستكون من أشد الحروب قسوة منذ قيام هذه الدولة وبصفتي قائداً سابقاً في هذا الجيش ما زلت أدفع ثمناً أمام عدد كبير من زملائي الذين خسرتهم حين فضلوا الصمت عما يجري، علماً أن هذا الموقف يؤدي إلى كارثة مروعة، فبعضهم اختار ذر الرماد في عيون المستوطنين والتصميم على تقديم الأكاذيب لهم عن أن الجيش هو من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، فقد شهدت عند ضباط كبار مظاهر كثيرة من بينها الهروب من المسؤولية واللامبالاة والانقطاع عن الواقع وحاول بعضهم التشهير بي لكي يحافظوا على الصورة المزيفة التي خلقوها على حساب أمن الدولة والمستوطنين».

وتابع: «جمعت حقائق كثيرة يصعب زعزعتها واستندت فيها إلى مئات التحقيقات والانتقادات في أثناء قيامي بعملي في دائرة مهامي واطلعت على كل تقارير المفتش العام في الجيش وكذلك المفتش العام في الدولة، وكانت تشير إلى نقص الاستعدادات للحرب في الجيش والجبهة الداخلية»، ويعترف أنه منذ «إنهاء خدمتي عام 2019 كمفوض لقبول المجندين وتوزيعهم، أصبحت عنواناً لكل الضباط الذين يخافون من التصريح برأيهم بشكل علني خوفاً من العواقب».

والجنرال المتقاعد بريك اعتاد نشر انتقاداته وتسليطه الضوء على الثغرات الأمنية في جيش الكيان في وسائل إعلام عبرية مختلفة بين فترة وأخرى وخاصة خلال السنوات الثلاث الماضية وبطريقة تثير التساؤلات أيضاً، رغم أن الوضع الأمني للكيان ما زال عاجزاً عن إخراج نفسه من حالة الضعف والانقسام والأزمات الحزبية الداخلية التي انجر جيش الاحتلال إليها في الأشهر الماضية وهذا ما يعده بريك أسباباً لتزايد الضعف في الجيش والأمن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن