ثقافة وفن

الأدب والحياة

| منال محمد يوسف

عندما نتكلم عن الحياة، وسموّ آدابها، ورقيّ ما يجب أن نصوغه، أن نحوله إلى فنٍّ أدبي، يمكن له أن يُقرأ عبر التاريخ، ومن ثمّ يُشكّل بوصلة فنية، وقيمة وجدانية، تُثبت بأننا الأقدر على خلق الحياة المفعمة بشيء من الرقيّ الأدبي والوجداني، وإذ بنا نبحثُ اليوم عن مفهوم الحياة وآدابها؛ ماذا يعني هذا القول، وكيف نجمّل ما نتحدث عنه الآن؟ وممّ يتشكّل؟ ما علائمه الظاهرة والمنفعلة به حدّ رمزية الجمال المراد إيجادها، ومن ثمّ خلقها من هذا الواقع أو ذاك؟

هل نقرأ هذه الحياة التي نعيش بالشكل الصحيح، ونعي معانيها؟! هل نستقرئ بُعدها الإنساني والأخلاقي؟!‏

وإذا ما تمّت الإجابة إلى ما يُبتغى الإجابة عنه حقاً، إلى ما يُبتغى قوله، وإتمام أمره، والتفضّل بما يبتغى أن يحتويه، بما يُبتغى أن تشمله معاني الاحتواء الحقّة. التفضّل بقراءة الجوهر الذي نحتاج إليه، ولا نحتاج إلى سواه، التفضّل إلى حيث أُفقيته، وشاقولية التحدث به، والانتماء إليه؛ حيث المعاني اللغوية، ترتفع شأناً عند مخاطبة الحياة بلغة الأدب، والاقتراب من روعته، الاقتراب من أشياء وجماليات، ربّما يطيب، ويُستطاب التدثّر به، التدثّر بعباءة الحال القادم، والمستقدم إليه؛ حيث تسمو علامات النصب، ومنصوبات الحياة، تسمو بأدبٍ ما، ومختارات ممّا تبتدع الذات البشرية، الذات التي تبحث عن الحياة وآدابها، ومعرفة السرائر، التي تحيط بها، وإذا ما بحثنا عن تقادم الجوهر المناط التحدث عنه، كيف نصوغ أدب أو آداب الحياة؟‏

كيف نُبلور الجوهر، وليس غيره؟ لا نريدُ إلا سواه، مفعولات من الرقيّ العام المنشود، وجملاً مفصلات بأمرها وأمر ترحالها، إلى ما هو الأفضل والأشدّ روعة.

وهنا يكمن السؤال الآتي، عن ماهية الحياة بشكلها الأدبي النبيل، الحياة التي تتّسم بمفردات الجمال والرقيّ، الحياة التي تُبنى كقصيدة، تحتاج إلى الكثير من الشيء الموزون فعلياً، الشيء المُتقادم مع الأزمنة بجمالٍ، وأمانٍ حالمة بالرقيّ الإنسانيّ؛ حالمة بالتطلع إلى ما هو جوهري بالفعل، إلى ما يغني الحياة، وكل مُبينات تقادمها الفعلي الزمني، مُعلّقات الأدب البارز كشمس، كوهجٍ ممّن كتبوا، وأوجدوا شراع الحرف الأوّل، شراع التمسّك بتلك الأقلام الواعدة، التي كتبت ما كتبت في خدمة الإنسانية، ومن ثمّ إيجاد عُرى الجمال الحقيقي، عُرى الشيء الحقيقي المنفعل بواقع ما، وبحياة ما، نحاول زخرفتها، زخرفة كلّ ما يمتُّ إليها بصلة، وصِلات نريدها مُصوغة من الأدب. ‏

نريدُ أن نستقرئ عناوين مختلفة الاتجاهات، نحن كتبنا بعضها من مجريات الحياة، كتبناها بهدف قولبة الحياة وأحداثها بطابع أدبي جميل، تكتمل به مُتمّمات الجمال، وبعض عناوينه، وبعض أشيائه المُصوغة جمالاً، المُصوغة بشكل يحتكم إليها، منطق الأدب العام. ذلك المنطق الذي يجعل لنا من الحياة أدباً، أو يجعلنا نتمنى قولبة كل شيء بقالب أدبي مميز، لا بد أن يُقرأ، وأن يظهر، من ثمّ، كبريق ثقافي، له من الألوان والاتجاهات، قزحية اللون الثقافي الذي نحتاج إليه، ونحتاج إلى أن تكون الحياة تابعة، ومن ثمّ متبوعة أو مصبوغة بوهجه الحالم، بوهج ما نستطيع قولبته أدبياً ومعرفياً وثقافياً

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن