شهدت السلة الأنثوية في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً ساهم في ظهور جيل جديد من اللاعبات اللواتي يبشرن بالخير في المستقبل القريب، وكان لاتحاد السلة الحالي خطوات إيجابية تسجل له جلها يتعلق بفتح باب المشاركات أمام منتخبات السلة الأنثوية كان آخرها منتخب الناشئات الذي أحرز لقب بطولة غرب آسيا التي أقيمت بالعراق بداية الشهر الجاري، وكان من المفروض أن يؤسس الاتحاد على هذا الإنجاز لمرحلة أوسع وأشمل للمرحلة القادمة على أمل أن تستعيد سلتنا الأنثوية رونقها وألقها وتعود إلى سابق عهدها بعدما شهدت تراجعاً كبيراً وخسرت بالمقابل العديد من كوادرها ولاعباتها ومدربيها، وهذا من شأنه أن يعيدها للوراء مسافات كبيرة.
ولا نغالي كثيراً إذا قلنا بأن سلتنا الأنثوية كانت رقماً صعباً على الصعيد العربي وكانت منتخباتنا يحسب لها ألف حساب بفضل وجود لاعبات سطعت أسماؤهن وحققن نتائج مشرفة في تلك الفترة.
تراجع مخيف
على الرغم من الخطوات الجيدة التي خطا بها الاتحاد الحالي غير أنها لم تكن كافية لأن سلتنا الأنثوية مازالت تخطو خطوات عرجاء وغير واضحة لا بل عشوائية من دون خطة إعداد صحيحة في أغلب الأندية، باستثناء بعض الأندية التي تعمل على قواعدها بشكل صحيح ما ساهم في خلق خامات ومواهب كثيرة من الطبيعي أن تعطي في حال توافرت لها المناخات التحضيرية الجيدة.
غير أن الاتحاد الحالي صب جل اهتمامه على منتخبات الرجال التي غنجت بكل ما لذ وطاب من خزينته ولم يعر اللعبة أدنى درجات الاهتمام، وعلى الرغم من التطبيل والتزمير الذي يمارسه اتحاد كرة السلة للتباهي بإنجازاته التي يعتبرها خارقة وفريدة واستثنائية، فإنه من المؤكد أنه لم يطلع أو يجري نظرة شاملة على مستويات فرق السيدات منذ توليه مهامه ليشاهد الانحدار التاريخي للسلة الأنثوية بعد أن ظهرت المباريات الطابقية في دورينا وباتت علامة مميزة، وإن كان بعض أندية الشهباء يعتبر كقطرة المعقم الوحيدة للعبة، إلا أنها باتت أشبه بحالة استثنائية في الظرف العام التي تمر فيه السلة الأنثوية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ازدادت المشكلة تعقيداً بعدما أهملت اللعبة في بعض الأندية وألغيت في أندية أخرى من دون أن يحرك أحد ساكناً أو يهب لنجدتها.
معرفة الأسباب
من أهم أسباب تراجع وتدهور السلة الناعمة هو اهتمام إدارات الأندية بفرق الرجال سواء في لعبتي القدم والسلة الذين يغنجون بكل ما لذ وطاب من ميزانية الأندية على حساب اللعبة الأنثوية التي لم تعد تجد من يهتف باسمها أو يساندها، ودعونا نتحدث بكل صراحة بأن التراجع وصل إلى أوجه مع أندية الشهباء، وأكبر مثال على صحة كلامنا ما يجري مع سلتي الجلاء وأهلي حلب، فسلة الجلاء أصبحت هذه الأيام في أضعف حالاتها، والفريق أصبح فريقاً وديعاً لا تحسب فرق الدوري له أي حساب، وكذلك الحال في أندية الأهلي واليرموك والعروبة والحرية التي شهدت تراجعاً مخيفاً وهجرة كبيرة بلاعباتها، فما إن تصعد لدوري الأضواء حتى تعود بأدراجها إلى درجة الثانية، وفي مدينة حمص السلة الأنثوية غائبة ومعدومة وكذلك الحال في مدينة حماة، أما في العاصمة فالوضع مختلف، فهناك من يجتهد ويعمل وأندية بدأت تتطور وإن بدا تطورها على حساب ضعف باقي الأندية، إلا أن خطواتها الأولى كانت صحيحة ولا بد أن تصل لنهائيات مثمرة ومفيدة في حال استمرت على الطريق نفسها، وسلة الوحدة ما زالت غير قادرة على العودة بقوة للصدارة، فالفريق الذي اعتلى منصات التتويج لسنوات طويلة وكان بعبعاً وحجر عثرة في وجه أقوى الفرق بات كالقط الأليف تستبيح سلته أضعف الفرق ويعتمد على لاعبات من خارج أسوار النادي.
أما سلة سيدات نادي بردى فحالها كحال نهرنا العظيم الذي جفت مياهه ونضبت ينابيعه، وفاحت رائحة مستنقعاته الآسنة، وأما سلة سيدات نادي الجيش فحدث ولا حرج بعد أن نسيت إدارة النادي اللعبة من أساسها ووزعت لاعباتها على باقي الأندية منذ زمن بعيد، لكن الإدارة استفاقت مجدداً وبدأت في إعادة اللعبة منذ موسمين، ولتشهد اللعبة في نادي قاسيون أصعب قرار عندما قررت الإدارة القضاء على آخر بصيص أمل وصبت جل اهتمامها على الألعاب الفردية تحت حجة عدم توافر السيولة، وفي نادي الساحل شهدت اللعبة تراجعاً كبيراً ابتداء من الموسم الماضي وخسر أفضل لاعباته حتى أصبح البحث عن مدرب يقوده أشبه بضرب من ضروب المستحيل.
مكانك راوح
أما في دوري الدرجة الثانية فالسلة الأنثوية فيه أصبحت كزهرة من زهرات الخريف لا لون ولا رائحة لها، وتعتمد في جل عملها على الاجتهادات الخاصة من محبي اللعبة من دون أن نلمس أي بارقة أمل في تطور هذه الأندية منذ سنوات طويلة.
فإذا كانت أندية الدرجة الأولى عاجزة عن دعم فرقها السلوية، فكيف هو الحال في أندية تعيش على التبرعات والهبات وتفتقد كل مقومات الاستثمار والاحتراف والصالات التدريبية.
خلاصة
أمام هذا الواقع الصعب هل ستشهد السلة الأنثوية تحركاً كبيراً واهتماماً من الاتحاد الحالي ويكون هناك لجنة أنثوية تضم بعض الخبرات القادرة على العطاء والتطوير، وهل سينفذ الاتحاد وعوده في رفع مستوى الدوري وزيادة جماهيرية اللعبة من جديد، أم ستبقى الشعارات الرنانة والوعود الواهية عناوين مهمة للمرحلة القادمة في مفاصل اللعبة الناعمة.