مداخلات «جريئة» حول «المجالس المحلية» … محافظ دمشق: الحوار قاعدة لإبداء الرأي والمشاركة في صنع القرار ليكون المواطن شريكاً فاعلاً في قانون الإدارة المحلية
| محمد راكان مصطفى - فادي بك الشريف
اتسمت المداخلات والطروحات خلال فعالية المجالس المحلية في محافظــة دمشق بالجرأة، حيث تطرقت إلى ضرورة إجراء تعديلات على قانون الإدارة المحلية يتيح تفعيل دور الوحدات الإدارية، ويحدد صلاحياتها، بما يسهم في رفع سوية أدائها، وتم التركيــز على أهمية الرقابة على عمل الوحدات الإدارية، وتوسيع الصلاحيات الممنوحة لها، بما يخدم المجتمع المحلي ويطوره ويحافظ على الموارد المالية للوحدات الإدارية.
هذا وانطلق أمس اللقاء الحواري حول قانون الإدارة المحلية والمجالس المحلية الذي أقامته محافظة دمشق، وذلك في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق، بحضور رسمي وشعبي وشخصيات أكاديمية وعلمية وإعلامية واقتصادية ودينية وحزبية وممثلين عن الجامعة والمنظمات والاتحادات والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والجمعيات الأهلية والمجتمع المحلي.
النهوض بالواقع الخدمي
محافظ دمشق محمد طارق كريشاتي أكد في كلمة أن المحافظة تسعى لترسيخ مشاركة المجتمع المحلي في إطار الجهود المبذولة للنهوض بالواقع الخدمي في العاصمة، انطلاقاً من دور المجالس المحلية في تحقيق التنمية عبر تطوير المجالات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية والثقافية والبيئية والانتقال بها إلى أفضل حال.
وأوضح كريشاتي أن المحافظة تعتمد في إطار قياس أدائها على مبدأ الشفافية في العمل ورصد ردود الفعل على ما يتم نشره، بهدف تطوير الأداء وتحسينه، من خلال استقبال جميع الملاحظات عبر اللقاء الدوري مع المواطنين لتصويب العمل وتقويمه، معتبراً أن الحوار قاعدة انطلاق لتحقيق الإنجاز وللتعبير وإبداء الرأي والمشاركة في صنع القرار، ليكون المواطن شريكاً فاعلاً في قانون الإدارة المحلية.
أكد كريشاتي أن المحافظة تولي الاهتمام الخاص بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية، والعمل على تعزيز الإيرادات الذاتية في ظل القانون المالي للوحدات الإدارية، من خلال البحث عن المزيد من الموارد الذاتية وتحقيق العدالة بين البدلات المستحقة والأسعار الحالية، وتحقيق الاستثمار الأمثل لأملاك المحافظة.
وذكر أن تلك الإيرادات تسهم بدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية، والتي كان آخرها نفق عقدة المواساة، حيث إن 90 بالمئة من تكلفته من الإيرادات الذاتية في المحافظة، ويتم العمل والتحضير لمشاريع خدمية أكبر.
دور المجتمع الأهلي
ونوه كريشاتي بدور المجتمع المحلي وأنه تقدم بعدة طلبات لترميم ساحات في المحافظة بعد إعادة تأهيل ساحة السبع بحرات، وهي موضع دراسة بالتعاون مع نقابة المهندسين وجامعة دمشق، مضيفاً: كان للمجتمع المحلي مساهمة فاعلة عبر مبادرات محلية لتركيب أجهزة إنارة بالطاقة البديلة، وغيرها من المبادرات التي شجعتها محافظة دمشق في سبيل تأمين أفضل الخدمات لمواطنيها وتعزيز مشاركة الفئات المختلفة من شرائح المجتمع المحلي في عملها.
وقال: بهدف تنمية القدرات وتعزيز الكفاءات المنتخبة تم تنفيذ العديد من الدورات لتمكين أعضاء مجلس المحافظة بتملك المهارات اللازمة وبالأخص ضمن عناوين التخطيط الإستراتيجي ومهارات الظهور الإعلامي وشرح القانون المالي للوحدات الإدارية، كون مجلس المحافظة هو المعني بوضع وإقرار الخطط التنموية والاقتصادية والمالية للمحافظة.
صلاحيات واسعة للمجالس
بدوره رئيس مجلس محافظة دمشق محمد إياد الشمعة أكد أن قانون الإدارة المحلية أعطى صلاحيات واسعة للمجالس، بوجود سلطة الإشراف والمتابعة والمراقبة وحسن التنفيذ، مؤكداً وجود بعض المسائل التي بحاجة إلى تصويب.
وأوضح أن سبب الملتقى هو تحقيق هذه الغاية، ذاكراً أن هناك مكامن خلل تم تسليط الضوء عليها من مجلس المحافظة.
كما أشار إلى ضرورة التركيز على الشفافية بإعطاء المعلومة والمتابعة والإجراءات المتخذة، مضيفاً: كي نحارب الفساد علينا تفعيل موضوع الرقابة، ودور الإعلام لا يستهان به، ولاسيما أن جميع التعاميم الصادرة أكدت على نشر القرارات الصادرة عن المكتب التنفيذي.
هذا وأكد نائب رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد تركو العمل على إعداد (بنك للشكاوى والمشكلات) في الجامعة حيث يستطيع المجلس المحلي إيصال أي مسائل ليصار إلى طرح الحلول المناسبة لها بشكل منطقي وعلمي.
الحضور المتنوع يغني الحوار
وفي تصريح لـ«الوطن» أكد عميد كلية الشريعة في جامعة دمشق الدكتور محمد حسان عوض أن هذا الحضور المتنوع يغني الحوار، بوجود أفكار وخطط تكون سبباً بالتنمية، مشيراً إلى ضرورة ترشيد المبادرات وخاصة أنها عبارة عن مساع مقدمة للمحافظة كنوع من التعاون، وبالتالي هناك ضرورة لاختيار الأولى.
نقل الصلاحيات
من جانبه عضو مجلس الشعب وأستاذ القانون في جامعة دمشق محمد خير العكام رأى أن المشكلة تكمن في عدم تعزيز نقل الصلاحيات من الجهات المركزية إلى اللامركزية، وأنه من الضروري تحديد الصلاحيات بين الوزارات والمديريات التابعة لها في المحافظات، معتبراً أن هذا الأمر بحاجة إلى مراجعة.
العكام في حديثه لـ«الوطن» رأى أن كثرة القوانين ترتب على العاملين في الوحدات الإدارية مهام كبيرة جداً هم غير قادرين على أدائها لا عدداً ولا كفاءة، مشدداً على ضرورة توسيع الملاكات للوصول إلى الأداء المطلوب، وإن ذلك يحتاج إلى التمويل اللازم والذي يجب أن يكون ذاتياً للوحدات المحلية، لافتاً إلى وجود عقارات هائلة مملوكة من هذه الوحدات منسية وغير مستثمرة.
توضيح مفهوم اللامركزية
بدورها الأستاذة في كلية الإعلام الدكتورة نهلة عيسى أكدت أن المشكلة ليست في القانون الذي يمكن تعديله وإنما في عقلية وذهنية الأشخاص الذين ندعم وصولهم إلى المجالس المحلية، ورأت أنهم يخلقون ثغرة كبيرة بينهم وبين المجتمع المحلي.
وشددت على ضرورة تفنيد مفهوم اللامركزية الذي في عمقه وجوهره تكمن مسألة العمل على شراكات محلية تمارس بشكل كبير الدور الرقابي وهي التي تحدد الأولويات.
وأشارت إلى غياب الأولويات في تنفيذ المشاريع لدى الوحدات الإدارية، مؤكدة ضرورة يوضع التمويل في المكان الصحيح ضمن الإطار الزمني، مشددة على ضرورة الشراكة مع المجتمع المحلي لما لها من دور في تقدم الدعم بشكل كبير لعمل الوحدات مادياً أو معنوياً، وقالت: هذا ما تعمل عليه جميع البلديات في جميع دول العالم إلا عندنا.
وختمت عيسى حديثها بالقول: نسمع كما يسمع الجميع أن هناك العديد ممن دفعوا الملايين للوصول إلى المجالس البلدية، متسائلة: ألا يريدون استرداد ما دفعوه، وتابعت: وذلك سيكون على حساب المجتمع المحلي، إذاً المشكلة ليست في القانون وإنما فيمن يتولون تطبيقه.
القوانين لخدمة المواطن
نقيب محامي سورية الفراس فارس أكد أن القوانين توضع لخدمة المواطن، وفي حال كان هناك خلاف على قانون معين ولم يلب الحاجات أو الطلبات أو لم يرفع من مستوى الأداء العام، فالأولى تغييره أو إجراء الإصلاحات اللازمة عليه.
واقترح فارس أن تنبثق لجنة عن المؤتمر مختصة من مهندسين ومحامين والمجتمع المحلي ومن الغرف ومختلف الجهات، لوضع دراسة أو إعادة دراسة لقانون الإدارة المحلية، معتبراً أنه بهذا الشكل لن نصل إلى أي نتيجة.
وطالبت المداخلات بضرورة ترشيد الموارد والمبادرات المادية المقدمة عبر المجالس المحلية بالتركيز على المسائل ذات الأولوية عبر وجود لجنة لترشيد هذا التمويل المحلي ليكون في مكانه الأنفع، والاهتمام بالبشر أكثر من الحجر، مؤكدة أن وجود العديد من المسؤولين ممن يحصلون على معلوماتهم من صفحات التواصل الاجتماعي، ما يتطلب وجود آلية واضحة لضبط هذه المواقع.