قضايا وآراء

هل ستتسع سفينة جنيف «لأصدقاء» فورد؟

| باسمة حامد

لا شك أن تشاؤم روبرت فورد حيال مفاوضات جنيف القادمة في محله، فخيارات واشنطن باتت «صعبة» فعلاً كون الظروف الراهنة لن تساعد «أصدقاءه» على فرض «تنازلات معينة» على «النظام السوري» بحيث سيعجزون عن «حشره» في الزاوية أو وضعه في موقف «صعب» كما يأمل السفير الأميركي السابق!!
فثمة حقائق موضوعية واضحة تكاد تنعدم معها أي فرصة «لأصدقاء» فورد لتحقيق أي مكسب سياسي مهم، فعرّاب «المعارضات المسلحة» – وهو يتوقع أن: «الكثير من أصدقائه المعارضين غير مسرورين من كلامه»- يقرأ المشهد قراءة واقعية تقول إن عملية جنيف ستدور تحت سقف العناوين العريضة التالية:
1- توجه الأمم المتحدة نحو الحفاظ على «زخم» اتفاقات فيينا وتفعيل العملية السياسية في سورية وهو ما يتضح من خلال ما نقلته مصادر دبلوماسية مقربة من دي مستورا بخصوص تمسك المبعوث الدولي بانعقاد جولة التفاوض في موعدها المقرر (25 الشهر الجاري). وهذا المناخ يترجم وجود إرادة دولية لتخطي مسألة التوتر السعودي الإيراني، والمضي قدماً نحو إيجاد تسوية باعتبار الحل جزءاً لا يتجزأ من الخطط الرامية لتطويق الإرهاب والتطرف، ومع التذكير بتأكيدات واشنطن الأخيرة حول ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومن بينها مؤسسة الجيش العربي السوري.. فإن التسوية مرتبطة بشكل حتمي بجهود القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي وهو يقرع أبواب أوروبا، وما أعلنه الوزير جون كيري صراحةً بهذا الشأن لا يحتاج إلى شرح: «إن تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال سيساعد على تنظيم حملة موحدة حقيقية لمكافحة داعش».
2- رغم التوقعات بأن المفاوضات ستسير بوتيرة بطيئة إلا أن موافقة دمشق على المشاركة بها في الموعد المقترح تعني عملياً أن الحكومة السورية ستذهب إلى المفاوضات بإنجازات متلاحقة على المستوى الميداني العسكري وخط المصالحات والتسويات، وقد يكون لديها أوراق قوة إضافية تتمثل بتحقيق مطالبها الأساسية المتعلقة باستبعاد الإرهابيين عن طاولة المفاوضات والحصول على قائمة التنظيمات الإرهابية وأخرى تضم أسماء المعارضات المشاركة بهدف إطلاق حوار سوري سوري بلا شروط مسبقة ودون تدخل أجنبي أو حتى التطرق لمسألة شرعية الرئيس الأسد «إذ لا مفر منه» ووفق الرؤية الأميركية، فالرئيس السوري يحظى بمساعدة قوية من أصدقائه الروس والإيرانيين على حين يتعين على «معارضته» وهي التي انتظرت طويلاً– على ذمة فورد-: «اليوم الذي سترسل فيه الولايات المتحدة جيشها إلى سورية.. وهذا أمر لن يحصل».. تغيير «تكتيكاتها» واستبدال التفاوض على «رحيله كشرط مسبق» بالتفاوض على «مستقبله مع قضايا أخرى»!!
3- عدم تمكّن السعودية بالتفرد في إدارة النظام الإقليمي لإخفاقها بردم الفجوة الكبيرة بين القاهرة وأنقرة من جهة، وفشلها بعزل إيران وتحويل التوتر معها إلى حرب مذهبية وطائفية، فهذا الرهان سقط لأن محور المقاومة يتعامل معه على قاعدة أن الهدف من كل ما يحدث في المنطقة الآن في كل الساحات العربية والإقليمية هو انعكاس لنتائج الصراع الدائر بين مشروعين: المشروع المقاوم والمشروع الأميركي الصهيوني.. وبناء عليه يجب عدم الانزلاق إلى هذه الهاوية تحت أي ظرف من الظروف.
4- الموقف الإيراني الذي يسعى إلى استيعاب استفزازات الرياض عبر ربطها «ببعض» الأطراف في النظام السعودي ممن «يسعون إلى توريط كل دول المنطقة بالأزمات»، والاعتراف الرسمي بخطأ الهجوم على السفارة السعودية في طهران، وتأكيد أهمية «الوحدة الإسلامية»، واستثمار الاستياء العالمي من آل سعود لوضعهم بين خيارين لا ثالث لهما: «دعم الإرهابيين المتطرفين والترويج للطائفية البغيضة أو حسن الجوار ولعب دور بناء في استقرار المنطقة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن