أكد أن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين سورية وتونس كان مطلباً شعبياً تونسياً وشكل حدثاً كبيراً … السفير المهذبي في حوار مع «الوطن»: نسعى لإعادة علاقاتنا للزخم الذي كانت عليه وقيادتا البلدين حريصتان على تطويرها إلى ما هو أفضل
| سيلفا رزوق - تصوير طارق السعدوني
أكد سفير تونس في سورية محمد المهذبي أن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية كان مطلباً شعبياً تونسياً قبل أن يكون أي شيء آخر رسمي، وبالتالي قوبل بترحاب كبير من معظم الشعب التونسي وشكل حدثاً كبيراً، وهذا ما أكد عليه الرئيس التونسي قيس سعيد والذي أعطى الأولوية لسورية قبل كل البلدان العربية الأخرى التي أرسل لها سفراء.
وفي حوار خص به «الوطن» أشار السفير المهذبي إلى أن القمة العربية في جدة كانت فيها لحظات مهمة جداً من بينها لقاء السيدين الرئيسين بشار الأسد وقيس سعيد، وكان خلال هذا اللقاء لحظات مهمة أيضاً، حيث أظهر الرئيسان أهمية العلاقة بين البلدين على المستوى العربي، وليس على المستوى المحلي، فالرئيس سعيد بين في خطابه الجانب المبدئي للعلاقات مع سورية وظهرت الروح الوطنية في خطابه وكذلك الجانب المبدئي، موضحاً أن جانب المصالح المشتركة يقف أيضاً خلف هذا الموقف، معرباً عن اعتقاده أن تونس وسورية تواجهان التهديدات نفسها والتحديات ذاتها ولهذا السبب حصل هذا التجاوب مع خطاب الرئيس سعيد والذي وجدناه هنا في دمشق.
وكشف السفير المهذبي عن التحضير حالياً لعدد من الاتفاقيات على المستويين الثقافي والإعلامي، وأن هناك خطوات قريبة في هذا الإطار من بينها زيارات متبادلة، وبالتالي هناك زخم قريب في هذا الإطار يجري العمل عليه بكل جدية.
وبالشأن الاقتصادي كشف المهذبي أنه وقبيل توجهه إلى سورية تواصلت معه غرفة تجارة تونس، وأبدى التجار التونسيون استعدادهم لزيارة دمشق واستئناف العلاقات التجارية بين البلدين.
وبين أنه بالنسبة لغرف التجارة السورية فقد أجرى منذ وصوله لسورية عدة لقاءات لإعادة الاتصال معهم، وتبادل الزيارات، وقال: «أعتقد أن تفعيل العلاقات الاقتصادية سيحصل بداية السنة القادمة، حيث سيجري تبادل الزيارات بين غرفتي التجارة والصناعة في كلا البلدين».
وأضاف: «بداية العام القادم سنكون أمام خطوات عملية لإعادة تفعيل العلاقات الاقتصادية لأن الاتفاقيات موجودة بين تونس وسورية، ونحن بحقيقة الأمر لم نبدأ من جديد، وإنما سنقوم بتفعيل كثير من الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، والاهتمام موجود من قبل البلدين سواء في سورية أم في تونس».
وفي الجانب السياحي بين سفير تونس في سورية أن هناك حركة سياحية من سورية نحو تونس، فعلى الرغم من الظروف الصعبة فهناك المئات من السياح كما أن الزيارات لم تنقطع.
وفيما يخص ملف التونسيين الذين قدموا لسورية للقتال إلى جانب الإرهابيين في الحرب ضدها، لفت السفير المهذبي إلى وجود اتصال مع الدولة السورية بهذا الخصوص، وقال: «أريد الإشارة إلى أن الكثيرين من هؤلاء الإرهابيين موجودون خارج مناطق سيطرة الدولة السورية في الشمال، وتحت سلطة ما يسمى الإدارة الذاتية، وبالتالي ليس لدينا إحصائية دقيقة لأعدادهم لذلك يصعب علينا معرفة ذلك لأننا لا نتعاون إلا مع الدولة السورية».
وتابع: «هناك تحدٍّ بخصوص إعادة هؤلاء إلى تونس، ونحن نشترك في مواجهة هذا التحدي وهذا التحدي عابر للحدود، فتحدي الإرهاب لا يشمل تونس فقط، وإنما يشمل إفريقيا وجنوب الصحراء، وهذا يتطلب تضافر الجهود من أجل مواجهته، ولذلك نحن نسعى للتنسيق مع الإخوة في سورية، ومستعدون لبذل كل ما يطلبه الجانب السوري».
وكشف السفير المهذبي عن أن عودة الخطوط الجوية بين البلدين واحد من بين أهم الأمور التي يجري العمل عليها، وهناك إمكانية لبعض الشركات الخاصة للبدء بالعمل، وقد جرى طرح هذا الموضوع على مستوى عالٍ جداً، وهناك دراسة قائمة لهذا الأمر لكن هذه الدراسة تتوقف عند مسائل تقنية من بينها المسائل الأمنية والسلامة ومسائل أخرى يعرفها أهل الطيران.
السفير المهذبي أكد السعي لعودة العلاقات بين سورية وتونس لما كانت عليه، واسترداد زخمها الذي كان قبل الحرب على سورية، وقال: «هناك استعداد كبير حقيقة من الجانب السوري، وهذا استعداد أخوي ونحن نشعر فعلاً أننا بين أهلنا وبالتالي هذا سيساعدنا على إنجاز مهامنا، وهناك نقطة مهمة جداً وهي حرص قيادتي البلدين برئاسة الرئيس قيس سعيد والرئيس بشار الأسد وبشكل خاص جداً من قبلهما ليس فقط على إعادة العلاقات بينهما وإنما تطويرها إلى ما هو أفضل وحتى أفضل من الماضي».
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
• سعادتك السفير الأول لبلادك بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين سورية وتونس كيف قوبلت الخطوة التونسية تجاه سورية لدى الشعب التونسي؟
مطلب إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية كان مطلباً شعبياً قبل أن يكون أي شيء آخر رسمي، وبالتالي قوبل بترحاب كبير من معظم الشعب التونسي وشكل حدثاً كبيراً، وهذا ما أكد عليه الرئيس التونسي قيس سعيد والذي أعطى الأولوية لسورية قبل كل البلدان العربية الأخرى التي أرسل إليها سفراء وكان حدث جرى تغطيته بشكل كبير، وهذا عكس بشكل كبير الاهتمام بالعلاقات الثنائية مع سورية وأهمية سورية بالنسبة لتونس.
• الخطوة الأهم في تاريخ علاقات البلدين هو اللقاء الذي جرى بين الرئيسين بشار الأسد وقيس سعيد على هامش قمة جدة العربية ويبدو أن الرئيسين رسما مرحلة جديدة من التشاور والتنسيق بين البلدين؟
القمة العربية في جدة كانت فيها لحظات مهمة جداً من بينها لقاء السيدين الرئيسين بشار الأسد وقيس سعيد وكان خلال هذا اللقاء لحظات مهمة أيضاً، حيث أظهر الرئيسان أهمية العلاقات بين البلدين على المستوى العربي، وليس على المستوى المحلي، فالرئيس قيس سعيد بين في خطابه الجانب المبدئي للعلاقات مع سورية وظهرت الروح الوطنية في خطابه وكذلك الجانب المبدئي، ولكن يقف أيضاً خلف هذا الموقف جانب المصالح المشتركة وأعتقد أننا نواجه التهديدات نفسها ونواجه التحديات نفسها ولهذا السبب حصل هذا التجاوب مع خطاب الرئيس قيس سعيد والذي وجدناه هنا في دمشق.
• أجريت سعادة السفير منذ استلامك لمهامك عدة لقاءات مع مسؤولين ووزراء سوريين ويبدو أن التركيز ينصب حتى الآن على الجانب الثقافي والإعلامي؟
الجانب الثقافي والإعلامي هو أكثر ما يخدم صورة العلاقات الثنائية ويعكسها، وقد لاحظنا أن العلاقات بين البلدين فيها جانب ثقافي كبير فإذا سألتِ أي إنسان في تونس ما هو أول شيء يتبادر إلى ذهنك عندما تذكر سورية فسيقول الدراما السورية فعندما نتحدث عن دمشق سيذكرون مسلسل باب الحارة على سبيل المثال أو أي مسلسل آخر أو أي ممثل سوري أو مخرج سوري شهير، وبالتالي هذا ما دفعنا للانطلاق في إعادة تطوير العلاقات من خلال الأرضية الثقافية.
وبالنسبة للجانب الإعلامي أيضاً هناك تحديات إعلامية كبرى لابد أن ننتبه إليها وأن نقوم بالجهد اللازم لأن سنوات عديدة مرت كان فيها فراغ وفجوة لابد من تلافيها من خلال العمل الإعلامي والثقافي، وفي الوقت الحاضر هناك عدد من الاتفاقيات يجري التحضير لها وبعض الخطوات من بينها زيارات متبادلة وهناك زخم قريب في هذا الإطار ونعمل على ذلك بكل جدية.
• ماذا عن الجانب الاقتصادي.. كان لك لقاءات أيضاً مع فعاليات اقتصادية سورية؟
البعد الاقتصادي في علاقات بلدينا مهم جداً أعتقد أن ما نقوم به بالجانب الإعلامي والثقافي هو لخدمة الجانب الاقتصادي لأننا نسعى لشد الانتباه للعلاقات بين سورية وتونس، وهذا سيفتح الباب أمام جوانب أخرى وخاصة الجانب الاقتصادي الذي لم يتوقف حقيقة الأمر وهناك أشياء لا يعلن عنها كثيراً، فهناك تبادل للزيارات خاصة بين رجال الأعمال السوريين والتونسيين وفتح مشاريع مشتركة ومشاريع صغيرة وهناك مشاريع جديدة يتم التحضير لها من قبل رجال وسيدات أعمال سوريين في تونس، وهذه المشاريع صحيح أنها صغيرة لكنها مهمة كذلك بالنسبة للتبادل التجاري فحتى قبل مجيئي من تونس تواصلت معي غرفة تجارة تونس وأبدى التجار التونسيون استعدادهم لزيارة دمشق لاستئناف العلاقات التجارية بين البلدين.
وفي الجانب السياحي لاحظنا أن هناك حركة سياحية من سورية نحو تونس رغم الظروف الصعبة فهناك المئات من السياح كما أن الزيارات لم تنقطع.
بالنسبة لغرف التجارة السورية أجرينا لقاءات لإعادة الاتصال معهما وتبادل الزيارات وأعتقد أن ذلك سيحصل بداية السنة القادمة، حيث سيجري تبادل الزيارات بين غرفتي التجارة والصناعة في كلا البلدين.
نحن في بداية العام القادم سنكون أمام خطوات عملية لإعادة تفعيل العلاقات الاقتصادية لأن الاتفاقيات موجودة بين تونس وسورية ونحن بحقيقة الأمر لم نبدأ من جديد وإنما سنقوم بتفعيل كثير من الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، والاهتمام موجود من قبل البلدين سواء في سورية أم في تونس.
• من المعروف أن عدداً من التونسيين أتوا إلى سورية للمشاركة إلى جانب مجموعات إرهابية في الحرب القائمة.. وشكل ذلك استنكاراً كبيراً في تونس.. هل لديكم معلومات عن عدد هؤلاء وأعدادهم والتنسيق القائم مع الدولة السورية من أجل عودتهم إلى بلادهم؟
ما نعرفه أن هؤلاء الإرهابيين هم بالأساس مجرمون ومطلوبون من العدالة التونسية وهم حفنة من المرتزقة وبتمويل من بعض الجهات الخارجية المعروفة، وهذه الجهات قامت بتشجيع هؤلاء المجرمين للمشاركة بالحرب مع الإرهابيين ضد سورية، وإعطاء القداسة لجرائمهم النكراء، وما يؤكد هذا الجانب الإجرامي للمرتزقة هو أنه في تونس حاولوا إقامة إمارة داعشية وفشلت هذه الإمارة فشلاً ذريعاً نظراً لتصدي الشعب لها والتحام المواطنين العزل مع الأمن والجيش والحرس الوطني لمقاومتهم، حيث أفشلوا مخططهم الذي سقط، لكن مع الأسف سقط الكثير من الشهداء لكنهم تمكنوا من إحباط هذا المشروع، وكانت نهايته في جنوب تونس منطلقاً لنهايته في سورية وأعتقد أن هذا هو التقاء المصالح والتحدي المشترك لمحاربة التهديدات الإرهابية.
نحن على اتصال مع الدولة السورية لكن أريد الإشارة إلى أن الكثيرين من هؤلاء الإرهابيين موجودون خارج مناطق سيطرة الدولة السورية في الشمال، وتحت سلطة ما يسمى الإدارة الذاتية، وبالتالي ليس لدينا إحصائية دقيقة لأعدادهم لكن الأكثرية موجودة في مناطق خارج سيطرة الدولة السورية لذلك يصعب علينا معرفة ذلك لأننا لا نتعاون إلا مع الدولة السورية.
هناك تحدٍّ بخصوص إعادة هؤلاء إلى تونس، ونحن نشترك في مواجهة هذا التحدي وهذا التحدي عابر للحدود، فتحدي الإرهاب لا يشمل تونس فقط، وإنما يشمل إفريقيا وجنوب الصحراء، وهذا يتطلب تضافر الجهود من أجل مواجهته، ولذلك نحن نسعى للتنسيق مع الإخوة في سورية، ومستعدون لبذل كل ما يطلبه الجانب السوري.
• من المعروف أن تونس ودمشق كانتا ترتبطان بخط جوي نشط وكان هناك الكثير من التونسيين يزورون دمشق والعكس صحيح، هل يمكن أن يعود هذا الخط الجوي وتعود العلاقات كما كانت عليه؟
عودة الخطوط الجوية بين البلدين واحدة من بين أهم الأمور التي نعمل عليها، وهو محاولة استرجاع خط الطيران المباشر بين دمشق وتونس، فهناك اهتمام كبير بهذا الأمر، لا تتصوري عدد السوريين الذين يطلبون تأشيرة لزيارة تونس، وعدد التونسيين الذين يطالبون بافتتاح السفارة من أجل زيارة سورية وأعتقد أن افتتاح السفارة قريباً في تونس سيساعد على تسهيل إجراءات التبادل بين البلدين، نحن نعمل على افتتاح خط الجو المباشر بين البلدين، وهناك مسائل تقنية فمثلاً الخطوط التونسية التي كانت تنظم هذا الخط ليس من السهل عليها في الوقت الحالي العودة، لكن أعتقد أن هناك إمكانية لبعض الشركات الخاصة حسب معلوماتي للبدء بالعمل، وقد جرى طرح هذا الموضوع على مستوى عالٍ جداً، وهناك دراسة قائمة لهذا الأمر لكن هذه الدراسة تتوقف عند مسائل تقنية من بينها المسائل الأمنية والسلامة ومسائل أخرى يعرفها أهل الطيران.
• لطالما كان هناك خصوصية في العلاقات بين الشعبين السوري والتونسي كيف ترى مستقبل هذه العلاقات؟
العلاقات هي بالأساس قوية ومتينة جداً وهذا الأساس هو بين الشعبين السوري والتونسي، فالعلاقات بين الشعبين لم تنقطع وهذا ما جعل العلاقات الرسمية تصمد، ففي أحلك الفترات خرج المتظاهرون في تونس يطالبون بإعادة العلاقات مع سورية، ويؤكدون مساندة سورية في مواجهة الإرهاب، وهذا ثابت وموثق، وأريد أن أذكر بأن العلاقات بين الشعبين هي علاقات عائلية أيضاً وتاريخية، ولا يمكن أن تتأثر بشيء، وهذا ما يطمئن للمستقبل، لأن القاعدة الثقافية والبشرية والتاريخية بين الشعبين موجودة وبفضل اللغة والتواصل لا يمكن إلا أن تستمر العلاقات على أساس متين يبني مستقبلاً مشرقاً للعلاقات بين البلدين.
أتمنى عودة العلاقات لما كانت عليه وأسعى لعودتها واسترداد زخمها الذي كان قبل الحرب على سورية، وهناك استعداد كبير حقيقة من الجانب السوري، وهذا استعداد أخوي ونحن نشعر فعلاً أننا بين أهلنا وبالتالي هذا سيساعدنا على إنجاز مهامنا، وهناك نقطة مهمة جداً وهي حرص قيادتي البلدين برئاسة الرئيس قيس سعيد والرئيس بشار الأسد وبشكل خاص جداً من قبلهما ليس فقط على إعادة العلاقات بينهما وإنما تطويرها إلى ما هو أفضل وحتى أفضل من الماضي.