من دفتر الوطن

الدبلوماسي الذكي

| عبد الفتاح العوض

اختلفت أنا وزوجتي حول قضايا معيشية مثل كل البيوت هذه الأيام، وفي مثل هذه الحالات التي تنتابني بين الحين والآخر، أعود كما يقول علماء النفس إلى الكهف وأضع نفسي بوضعية الصامت وأتناول أحد الكتب ممن لم أقرأه بعد محاولاً إشغال نفسي.. من حسن حظي أن الكتاب الذي قرأته يدعو للتفكير، وموضوعه عن صفات الدبلوماسي، وفيه حديث مطول عن تاريخ الدبلوماسية ودور الدبلوماسية في ضبط الخلافات العالمية وأخذني الكتاب إلى قدماء الإغريق؛ فأطلقت لفظة الدبلوماسي على الرجل الكبير السن وعلى الرجل ذي الوجهين، ويقولون إن أصلها الوثيقة الرسمية، ولعل ألطف تعريف أورده الكتاب للدبلوماسية هو «فن انتقاء المعسول من الكلام إلى أن تجد حجارة تقذف بها».

وبدأت أحاول أن أطبق ما في الكتاب لحل مشاكل العالم السياسية وتخفيف حدة الصراعات المنتشرة في منطقتنا والعالم.. ضبطت نفسي في هذه الحالة وتذكرت أن لدي مشكلة في الصالون ولم أستطع حلها.

حالي هذا مثل حال الكثيرين من المنظرين والمحللين في الاقتصاد والسياسة وحتى الاجتماع.

أحياناً نرى خبيرة تجميل ليس لها نصيب من خبرتها، وشخصية تتولى الإصلاح ولم تصلح بيتها، ومحللاً اقتصادياً لا يتدبر معيشته، ومستشاراً مالياً ليس لديه أموال. وفي أحيان نرى مسؤولاً عن مكافحة الفساد وهو مسهل فساد، حتى إن صبية من النسويات تخرجت حديثاً تريد أن تنظر في المقارنة بين الأديان.

الأمثلة كثيرة.. وهي تلك الفجوة بين الكلام والفعل وبين التنظير والعملي، ولا شك أننا ندفع ثمن ذلك في حياتنا اليومية والعامة.. وتم في كثير من الأحيان الاستماع لمنظرين والظن بأنهم قادرون على تحويل «معجزاتهم الكلامية» إلى واقع، وتبين بالتجربة أن ما قالوه لا يمكن تطبيقه وضاعت سنوات حتى تبين ذلك.

في معظم القطاعات نحتاج إلى تقييم التجربة وأصحابها، لكن ما نلاحظه أننا نعيد تجارب فاشلة بإصرار ولم نستفد من الأفكار التي جربها غيرنا ونجحت.

بتوضيح أبسط.. ألا توجد دول خاضت حروباً ثم تعافت.. ألم يكن لديها سياسات قابلة للتقليد وبكثير من الجرأة يمكن تعديلها بما يتناسب مع ظروفنا الخاصة.

المقولة الذهبية إن كنت تنوي الخروج من الحفرة عليك التوقف عن الحفر… وعلينا أن نتوقف عن الأخطاء في السياسات واختيار الأشخاص عديمي الكفاءة ووضع خطة خروج من هذه الحالة؟

أعتقد أنكم تريدون أن تعرفوا نهاية الخلاف مع زوجتي.. لبست عقلي الإيجابي برأسي وصالحتها وجاءني فنجان القهوة يتهادى وإلى جانبه قطعة بسكويت.

الآن سأتفرغ لإصلاح العالم!!

أقوال:

– الدبلوماسية فن معرفة ما يجب ألا تقوله.

– عندما تقول نصف المجتمع سيئ سيسخط عليك الجميع.. الدبلوماسي يقول نصف المجتمع جيد فيصفقون له.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن