اقتصاد

الكفاءات الجامعية.. والتعمد بخسارتها!

| هني الحمدان

تشهد الجامعات والمعاهد والصروح العلمية مع نهاية وبداية كل عام دراسي احتفالات بتخريج أفواج الخريجين من أبنائنا وبناتنا، هذه المواكب التي تضم كفاءات وطنية طموحة إلى ميادين العمل والبناء والمشاركة في المسيرة الوطنية في مختلف القطاعات والتخصصات في ظل اهتمام الدولة لاستثمار الموارد البشرية والاستفادة منها قدر الإمكان لزجها في قنوات الإنتاج المناسبة.

مسألة هؤلاء الذين يتخرجون كل عام مؤهلين ومسلحين بالعلمية والتخصصات ليست بالإشارة إلى واقعهم بذاك الاستكشاف الخطير، معاناتهم كمن سبقهم من قبل « عويصة» كما يطلق عليها، الحكومات المتعاقبة لم تفلح في التقليل وامتصاص أعداد الخريجين من منشآتنا التعليمية، حيث لم تتمكن من ربط مدخلات التعليم بمخرجاته من كوادر نصفها تسرب خارج حدود الوطن خلال السنوات الأخيرة لضيق الحال، ومازال النزيف مستمراً، لدرجة أن قسماً منهم لم تعد تغريه وظيفة الدولة مطلقاً لتدني الأجور وعدم ملاءمتها مع أوضاع معيشية مسيطرة.! فالقصة قديمة لكن ذيولها طويلة وتتداعى يوماً إثر يوم.

لا يخلو منزل من خريج جامعي لم يلق طريق العمل المناسب حسب شهادته، كثر شقوا طريقهم وأخذتهم ظروف الحاجة للعمل بأعمال أخرى، ومنهم من ترك البلد وغادر سعياً لتحقيق حياة رغيدة، فالخسائر تتضاعف ليس بخسارة هؤلاء بعد تأهليهم، بل لعوز لهم في المؤسسات بأنواعها، هي من تحتاجهم وراء خطوط الإنتاج والعمل أو الإشراف وتقديم المشورة أو ببعض المرافق الأخرى.

اليوم مواكب الخريجين تضع الحكومة والإدارات جميعاً أمام مسؤولياتها بصدد ماذا عملنا تجاهها من مشاريع ومبادرات طموحة واقعية تهدف إلى الاستفادة من الطاقات الشبابية لأن الشباب وسيلة التنمية وغايتها، فالشباب يسهمون بدور فاعل في تشكيل ملامح الحاضر واستشراف المستقبل، والمجتمع لا يكون قوياً إلا بشبابه والأوطان لا تبنى إلا بسواعد شبابها، وذلك عندما يكون العنصر البشري معدا بشكل سليم واعياً مسلحاً بالعلم والإيمان والانتماء والولاء، عندها سوف يصبح أكثر قدرة على مواجهة تحديات العصر وأكثر استعداداً للمستقبل.

لم تكشف أرقام الحكومة أو أي بيانات بشأن معدل البطالة، إلا أن هناك ارتفاعاً كبيراً في البطالة، وتعد فئة الجامعيين من حملة البكالوريوس الفئة الأكبر في نسبة المتعطلين، أمام هذا الواقع الصعب وأمام شح الموارد والأزمات المتعددة التي نعيشها وعدم كفاية الاستثمارات الحكومية في الدولة وارتفاع التكاليف ونسب التضخم والغلاء وبطء وتائر النمو والإنتاجية، ما العمل إزاء ذلك..؟

لابد من تشابكية بين القطاعات والتعويل على دور القطاع الخاص بالدرجة الاولى، لأن هكذا تشابكية الحل الأمثل لتجنب زيادة العجوزات وأعداد المتعطلين وتساعد على تشغيل الأيدي العاملة وتخلق فرص عمل لتشغيل الشباب العاطل عن العمل وتحقيق النمو الاقتصادي، التحديات الاقتصادية في مجال الطاقة المتجددة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه لا يمكن تحقيقها إلا من خلال شراكة فاعلة وحقيقية بين القطاعين وذلك لخلق فرص عمل لتشغيل العاطلين عن العمل وزيادة النمو الاقتصادي.

التطلع والأمل بمبادرات ريادية تساعد الشباب الجامعي والعاطلين عن العمل بتطوير مهاراتهم والاستفادة من دور القطاع الخاص في هذا المجال وذلك بالتشابك مع الجامعات وانطلاقاً من مسؤوليتهم الاجتماعية وخدمة المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن