من دفتر الوطن

سارة و«العضمة»!

| فراس عزيز ديب

ربما باتَ من الممل حقاً الكتابة عن التضليل الذي تمارسه المعارضات السورية على اختلاف مشاربها باعتبار أن هذهِ التصرفات ملازمة لهذه الفئة منذ خروج أول مظاهرة بمسمى «سلمية» بأفعال يندى لها جبين الإنسانية، لكن وفي كل مرة نقرر فيها تجاهل أكاذيب هذه المعارضات يخرجون إلينا بروايةٍ جديدة يجبروننا فيها على إعادة الحديث عنهم، جديدهم اليوم تلكَ التي قدموها على أنها حفيدة الراحل الكبير يوسف العظمة «سارة العظمة».

لم يكن المميز في قصة هذهِ السارة سرعةَ تعويمها من وسائل إعلام المعارضة والاستثمار بما أسموه «مظلوميتها» التي تعبر عن صوتِ كل سوري فما بالك بدمجها عائلياً بعائلة رمزٍ كبير، ولا حتى تلك المنشورات التي تعترف فيها سارة بدعم الشواذ وما هو أبعدَ من الشذوذ، لكن المميز فقط هو ادعاؤها بأنها حفيدة البطل السوري يوسف العظمة بطل معركة ميسلون والذي لا يحتاج بمكانته وتاريخه إلى الكثير من الشرح، ربما لولا هذهِ التفصيلة لمرَّ موضوع سارة بهدوءٍ بالنسبة لنا كما مرَّ غيره من أكاذيب على مبدأ «لو كنا نخاف الأرانب لتوقفنا عن زراعة الجزر»، ربما أرادت أبواق المعارضات الإعلامية هنا من استغلال هذه الاسم السير بمسار عدد كبير من الشخصيات التي نحب ونحترم والذين طبعوا في الإرث الثقافي والفني السوري فيما سار أبناؤهم بطريقٍ مغاير يصل حد التطبيع بشكله العلني من جهة أو التمجيد برحمة آكلي القلوب البشرية من جهة ثانية.

بالسياق ذاته لا يبدو منطقياً بأن هناك تعمداً باستخدام اسم الراحل الكبير لتشويهه كما جرت العادة بالسنوات الأخيرة عندما تمت إهانة الكثير من الرموز السورية، طبعاً بمعزلٍ إن كنا نتفق أو نختلف على عصمة هذه الشخصيات لكن الفكرة الأهم أن الغوص بهذهٍ التفاصيل الآن يبدو كترفٍ فكري لا معنى له، كما أن إعلام المعارضة نفسه وقعَ بهذا المطب وبدا محرجاً من إيجاد التبريرات لدرجة دفعت بعضهم للحديث عن سارة المرتبطة بالمخابرات السورية، أو سارة التائبة عن الشذوذ ومشتقاته، كل هذه التبريرات لم تنجح في انتشال هذا الإعلام التافه من حرجٍ كبير أصابه ولكنه كما المعتاد فإن وجوههم مصنوعة من جلود الخنازير لا يمكن أن ترف لهم رفة استحياء بل على العكس انتظروا منهم الحلقة المقبلة من مسلسل التضليل، تُرى أي رمزٍ سيكون الدور عليه مستقبلاً تحديداً أن رموزنا كثر؟ أكاد أجزم بأنه سيكون من جنوب الوطن الحبيب، لكن بمعزل من هو الرمز القادم رسالتي لكل عاقلٍ في هذا البلد، أن يكونَ الرمز رمزاً لايعني أن يكون الحفيد أو الابن صورة عن رمزيته، هذه المقاربة ضرورية عندما نبدي ردات فعلٍ غير مدروسة على مثل تلكِ الأكاذيب كالتي قدمت نفسها سليلة «العظمة» لنكتشف بأنها ومشغليها سقف طموحاتهم «عضمة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن