المنتخب الأولمبي الكروي دق أجراس الخطر في كرتنا … خروج حزين من التصفيات الآسيوية وفوز يتيم على بروناي … الخسارتان مع عُمان والأردن كشفتا موقعنا على الخريطة العربية
| ناصر النجار
خرج منتخبنا الأولمبي لكرة القدم من التصفيات الآسيوية المؤهلة للنهائيات التي تعتبر جسر عبور نحو أولمبياد باريس 2024 بخفي حنين فقد خسر كل رهان عليه بعد أن جاء في المركز الثالث في المجموعة الأولى التي استضافتها الأردن.
ولم يحقق منتخبنا إلا فوزاً واحداً على منتخب بروناي الفتي 11/صفر مع العلم أن هذا المنتخب خسر كل مبارياته، أما اللقاءان المهمان مع عُمان والأردن فقد خسرناهما بهدفين نظيفين في كل مباراة وحصيلة هذه المشاركة صفر من النتائج صفر من النقاط وصفر من الأهداف باعتبار منتخب بروناي خارج كل تقييم.
منتخبنا الوحيد لم يسجل في مباراتي عُمان والأردن وعلى العكس تلقى أربعة أهداف، بينما خرجت الأردن بشباك نظيفة، ولم يدخل مرمى عُمان سوى هدف واحد وبنهاية التصفيات انكشفت الكثير من الأمور الفنية وغيرها وبذلك نكون قد عرفنا موقعنا الحقيقي على الخريطة العربية الأولمبية ولعلنا في آخر النفق المظلم منه فلا يماثلنا في المستوى إلا منتخب لبنان، حتى فلسطين فشلنا في الفوز عليها مرتين خلال شهر واحد فخسرنا أمامها في العراق بهدف وتعادلنا معها في الدورة العربية بلا أهداف، وهذا كله يقرع أجراس الخطر لعلنا ننقذ ما تبقى من هيبة كرتنا ونستعيد هويتها الضائعة التي فقدناها في السنوات الأخيرة منذ تعادلنا مع أستراليا وخروجنا من مباراة الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم (روسيا 2018)، والمشكلة التي تؤرق الجميع أن المنتخب الأولمبي يسير على الخطوات نفسها التي يسير عليها المنتخب الأول، فالثغرات بالمنتخبين واحدة وهذا يؤكد أن مشاكل كرتنا واحدة والحلول مطلوبة من الجميع للعمل على تلافيها بدءاً من الأندية وصولاً إلى المنتخبات.
وإذا أردنا تتبع النواقص لوجدناها في عدة مراكز أهمها مركز حراسة المرمى، وإذا كان رجالنا ينعمون بوجود حارسين أو ثلاثة جيدين فهؤلاء هم حصيلة هذا المركز، وفي الأولمبي ربما اكتشفنا مؤخراً وسيم أيوب وهو بحاجة إلى (شغل) كثير لكن بشكل عام كرتنا فقيرة في هذا المركز الحساس.
في الدفاع مشكلتنا كبيرة والوظائف المتعلقة في هذا الخط وصولاً إلى مركز الارتكاز تبدو غير مفهومة لدى لاعبينا، وأغلبهم فهموا أن المهام الدفاعية تعني إبعاد الخطر ولكنهم تناسوا وظائف كثيرة ومهمة ومنها أن بناء الهجمات يبدأ من خط الدفاع، وبعيداً عن خط الوسط والأدوار المنوطة باللاعبين فإننا نفتقد المهاجم القناص والهداف.
في التصفيات أدى منتخبنا ثلاث مباريات بمستويات مختلفة، ففي المباراة الافتتاحية مع عُمان لم يكن منتخبنا جيداً ووقع ضحية الأخطاء الكثيرة سواء في الدفاع أو في وسط الملعب، ومع بروناي كانت المباراة سهلة وأدى منتخبنا تمريناً جيداً في الشق الهجومي.
وفي اللقاء مع الأردن مسك منتخبنا زمام المبادرة من خلال السيطرة على المباراة، لكنه لم يعرف كيف يقودها نحو الفوز، وكان أصحاب الأرض أشطر من خلال التوازن الجيد بكل الخطوط وترابطها، والحقيقة أن المباراة أشعرتنا أن المنتخب الأردني أوزن ومنتخبنا كان بعيداً عن المستوى الذي وصل إليه أشقاؤنا العرب في محيطنا وفي بلاد الخليج، ولذلك لم يكن غريباً الاعتذار عن المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية.
البناء الصحيح
يدرك اتحاد كرة القدم أن كرتنا بلغت مرحلة الشيخوخة وبات اللاعبون الذين كنّا نفتخر بهم سابقاً غير قادرين على إسعاد جماهيرهم بعد أن توقف عطاؤهم بسبب بلوغهم سن اليأس الكروي، حتى إن بعضهم قد لا يصلح ليلعب في الدوري المحلي، وهذا الأمر يتطلب إعادة البناء والتجديد، وضمن هذا المفهوم بدأ اتحاد كرة القدم بخطة البناء من خلال مشروع تطوير الكرة السورية الذي قارب إنهاء تجربته الأولى، ولاشك أن هناك ملاحظات عديدة، لكن المهم الاستمرار وتدارك الأخطاء والعثرات التي ظهرت ومعالجتها بالشكل الصحيح.
الشيء الآخر الحسن أنه تم إقرار الدوري الأولمبي، وهذه الفكرة الحسنة لنضمن نجاحها على الأندية أن تتعامل معها بجدية، فهذا الدوري ليس عقوبة للأندية، بل هو خلاص لها، لأنه بالفعل بلغت كرتنا مرحلة العجز ولم يعد لدينا الكثير من اللاعبين ولابد من تأهيل جيل جديد، وأصلح الأمور لكرتنا وأنديتنا أن يتم التركيز على فرق الأولمبي وأن تضع لها الأندية خيرة المدربين وأن تلقى كل الدعم والاهتمام، وبالطبع ولأن كرة القدم سلسلة متصلة فلابد من الاهتمام أيضاً بفرق الشباب، وإن تم هذا الأمر بشكله الصحيح ورأت فيه الأندية الخير فساندت وأيدت ودعمت فإن كرتنا ستستعيد عافيتها ولو بعد حين.
وهذا الكلام يقودنا إلى المنتخب الأولمبي الذي لم يقدم المطلوب منه في كل مشاركاته السابقة، فخرج من التصفيات الأولمبية الآسيوية بخفي حنين، والفوز الوحيد في التصفيات على بروناي 11/صفر لم يقدم لكرتنا شيئاً.
المنتخب الأولمبي يعتبر المنتخب الرديف لمنتخب الرجال، لذلك يجب أن يلقى عناية أكبر من ذي قبل، وأن تمنع عنه أصابع التدخل التي أفشلته، والحقيقة أن فشل المنتخب الأمل هذا هو فشل إداري بامتياز، لأن من تدخل بالمنتخب ليس من الفنيين، وعندما يتداخل العمل الإداري بالعمل الفني هنا تكمن الخطورة، لذلك فهذا المنتخب لم يعرف الاستقرار وقد تم إجهاضه والإجهاز عليه ووأده في المهد، وعليه فالمطلوب من اتحاد الكرة إصلاح ما يمكن إصلاحه فهو يضم خيرة مواهب كرتنا ولابد من العناية به بشكل أفضل من خلال طاقم فني عالي المستوى، ومن خلال مشرف فني له خبرته وباعه في عالم التدريب، وهذا كفيل بتقييم عمل المدرب بشكل صحيح، وكفيل بتقييم اللاعبين فلن يحضر مع المنتخب أي لاعب لا لزوم له ولن يقعد على المدرجات لاعب نحن بحاجة إليه. ما دامت القرارات بيد أصحاب الخبرة.
زمن المعجزات
في عالم كرة القدم فإن زمن المعجزات ولى، وقد يحصل أي منتخب على نتيجة مفاجئة وغير متوقعة إنما بوجود مقومات وآليات متبعة، وللأسف فإن كرتنا الحالية لا تملك هذه المقومات وهي عاجزة عن تحقيق أي نتيجة إيجابية في الوقت الحالي، حتى على مستوى الأداء فإنه غائب تماماً، ولو خسر منتخبنا بأداء جيد فإن أحداً لن يلوم أي أحد ولن يحزن على سوء النتائج.
وعلينا اليوم التعامل مع منتخباتنا من باب المنطق والعقلانية فالقادم صعب جداً على صعيد منتخب الرجال (على سبيل المثال) سواء في التصفيات القادمة المؤهلة لكأس العالم أو في النهائيات الآسيوية، وعلينا أن نقتنع أن الظروف ليست بمصلحتنا وأن كرة القدم أدارت ظهرها لنا لأمور نتحمل مسؤولية بعضها، والبعض الآخر كان خارجاً عن إرادتنا.
التحرك الإيجابي اليوم ضرورة تفرضها الظروف والمغامرة مطلوبة رغم قساوتها، علينا أن نبحث عن هويتها الضائعة أولاً وأن نبادر إلى تشكيل منتخب جديد لا يضم كبار السن، فالمأمول منهم ضعيف وهم معذورون لأن إمكانياتهم وصلت إلى الحد الذي لم يعد يقبل التطور، نحن بحاجة إلى منتخب جديد يضم مواهب كرتنا ولا بأس من الاعتماد على بعض لاعبي الخبرة، فصناعة فريق خليط بين الشباب والخبرة هو المدخل الصحيح للعودة إلى كرة القدم.
النتائج مهمة، لكن بالوقت الحالي البناء أهم والأداء مهم ونحن بحاجة إلى دم جديد يبني هوية كرتنا من جديد ويدافع عن ألوانها قد نخسر بالنهائيات كل مبارياتنا، لكن الخسارة بشبابنا ستكون أقل وطأة من الخسارة بالجيل الحالي، لا أمل في الوقت الحالي من منتخبنا، وعلينا أن نجدد الأمل بمنتخب شاب نمنحه الثقة والقوة والخبرة والنتائج ستأتي مع تراكم المباريات.
الأولمبي في عام
أخيراً يجدر الإشارة إلى أنه تولى تدريب المنتخب الأولمبي طاقمان من الفنيين والإداريين، الطاقم الأول بقيادة الهولندي مارك فوته وتمت إقالته بعد المشاركة في بطولة غرب آسيا التي استضافتها مدينة كربلاء بين 8 و15 حزيران الماضي.
الطاقم الثاني كان بقيادة المدرب المصري تامر حسن مع المدرب الوطني فراس معسعس.
في المحصلة العامة لعب منتخبنا الأولمبي في عام 17 مباراة فاز بستٍ منها وخسر سبع مباريات وتعادل في أربع، علماً أن مباراتين من مباريات التعادل خسرناهما بركلات الترجيح واحدة أمام قطر بنصف نهائي غرب آسيا 5/6 والثانية أمام شباب السعودية بنهائي الدورة العربية 5/4 في عهد المدرب الهولندي مارك فوته، فاز في بطولة غرب آسيا التي جرت في السعودية مطلع شهر تشرين الثاني 2022 على السعودية 2/1 وعلى عمان 1/صفر وتعادل مع قطر 1/1 وخسر أمام البحرين 1/2 وجاء منتخبنا في المركز الثالث.
في معسكر لبنان فاز منتخبنا على المنتخب اللبناني 3/1 وخسر 3/2، وفي بطولة غرب آسيا بكربلاء العراقية خسر أمام فلسطين صفر/1 وأمام إيران 1/3.
مع المدرب المصري تامر حسن الأطرش، شاركنا بالدورة العربية التي جرت بالجزائر مع إضافة ثلاثة لاعبين فوق الـ23 سنة، فتعادلنا مع شباب السعودية مرتين 1/1 ومع فلسطين صفر/صفر وفزنا على موريتانيا 4/2 وعلى السودان 2/صفر وحاز منتخبنا المركز الثاني خلف شباب السعودية.
في معسكره بالسعودية خسر أمام الأولمبي السعودي صفر/3، وفي التصفيات الأولمبية الآسيوية لحساب المجموعة الأولى خسرنا أمام عُمان صفر/2 وأمام الأردن صفر/2 وفزنا على بروناي 11/صفر، سجل منتخبنا في عام 30 هدفاً ودخل مرماه 23 هدفاً.
اللاعبون
مثل منتخبنا من اللاعبين في معسكر السعودية والتصفيات الآسيوية التي جرت في الأردن كل من اللاعبين.
حراس المرمى: وسيم أيوب (المجد) مكسيم صراف (روسيا) مؤيد الكرنيب (السعودية) محمد حسوني (أهلي حلب).
ومن المحليين شارك كل من: محمد عثمان (الوحدة) محمد حاتم النابلسي ومحمد نور خميس (الجيش)، محمود الأسود وهيثم اللوز (الكرامة)، محمد أسعد وأحمد حاتم (تشرين)، خالد الحجة (حطين)، مصطفى سفراني (الطليعة) علي الرينة ومحمود نايف وعامر فياض وحسن دهان ومحمد ريحانية (أهلي حلب)، عبد الرحمن الحسين (الفتوة)، المقداد أحمد ومحمود مهنا (جبلة).
ومن المحترفين: يوسف فرحة (السعودية) براء كياع (تركيا)، أوليفر كاسكاو (السويد)، مالك جنعير (الوصل الإماراتي)، أحمد الدالي (التضامن الكويتي)، هوزان عثمان، زياد غنوم (السويد).
واعتذر عن المشاركة عمار رمضان لإصابته في كتفه، وأنطونيو يعقوب لانتقاله إلى فريق جديد في الدرجة الأولى في السويد.
وأصيب في معسكر السعودية: علي الرينة (أصيب مع فريقه أهلي حلب باللقاء مع شباب الخليل) ومحمد أسعد وعامر فياض.