أوضحت وزارة الصناعة مؤخرا، حال مجمع أسمدة حمص، المتوقف عن الإنتاج-نهائياً- منذ بداية العام الحالي، بسبب عدم تزويده بالكهرباء والغاز.
صمت وزارة الصناعة، طوال سنوات، أتاح تورماً في لغط كبير مسئ لسورية والحليف الروسي، ذلك أن المجمع محكوم باتفاقية شراكة بين وزارة الصناعة وشركة روسية متخصصة، منذ العام 2018، وثمة من اصطاد بالماء العكر لعجز الشركة الروسية عن تشغيله بالطاقة القصوى وتزويد الزراعة السورية باحتياجاتها من الأسمدة.
ما من شك أن سبب اتفاقية الشراكة، إنما يكمن في التوقف الكامل للمجمع عن العمل منذ 2013وحتى العام 2017حسب إيضاح وزارة الصناعة السورية، توقف بسبب الأعمال الإرهابية والاعتداء على خطوط الغاز وحرمان سورية من توليد احتياجاتها من الكهرباء.
وما كان يعد نعمة في زمن السلم تحول إلى نقمة في زمن الحرب الجائرة على سورية، فالمادة الأولية المطلوبة لإنتاج سماد اليوريا -مثلاً- هي الغاز الطبيعي والكهرباء، وقد حرم منهما هذا المصنع طوال السنوات الأربع الماضية، ولاسيما في العامين الأخيرين.
مجمع أسمدة حمص هو الوحيد في سورية المنتج للأسمدة الكيماوية منذ العام 1970 ويحتوي ثلاثة معامل: 1- الأمونيا يوريا، -2- السماد الفوسفاتي، 3- الكالنترو (نترات الأمونيا) أو السماد الآزوتي. وهو يحتاج إلى 1-2 مليون م٣ من الغاز يوميا وإلى 20 ميغا واط كهرباء عند الإقلاع و17 ميغاواط بعد الإقلاع.
وبسبب الحصار الشديد على سورية لم تتمكن الشركة الروسية من استيراد غاز بديل، كما أن وزارة الكهرباء امتنعت نهائيا عن تزويد مجمع أسمدة حمص بالكهرباء (حسب نص إيضاحات وزارة الصناعة مؤخراً)، على الرغم من مطالبة الشركة المستثمرة يومياً بتزويدها بالغاز والكهرباء.
السؤال المر الذي يواجهنا: هل نلبي احتياجات الناس من الكهرباء (الاستهلاك المنزلي)، أم نوفرها للمصانع كمجمع السماد لإنتاج السماد في وقت ممنوع علينا فيه استيراده ونحتاج سنوياً بين 300-500 ألف طن أسمدة، ولا يقل سعر الطن من السماد عن 800 دولار، وهو يعد خبز الزراعة ومادة أساسية في الإنتاج الزراعي وتغذية التربة وجعلها منتجة إنتاجاً زراعياً جيداً.
أدى هذا الواقع إلى تكبد الشركة المستثمرة (الروسية)، خسائر فادحة، إذ أنفقت على إصلاحه الكثير وتسدد رواتب العمال والخبراء.
إن هذا الواقع يجب أن يحفز المخلصين لسورية على التفاني والسهر ليل نهار من أجل إنتاج كهربائي أفضل والاستثمار في توليد الكهرباء التقليدية والمتجددة، وأوضح مثال محطة بانياس التقليدية (الخاصة) لإنتاج 24ميغا واط يمكن توسيعها إلى 56ميغا واط قريباً.
هذا حل ممتاز يمكنه إنقاذ مجمع أسمدة حمص، لو أقيمت من أجله مثل تلك المحطة.
وثمة أمثلة كثيرة عن مصانع حكومية متوقفة أو إنتاجها جزئي بسبب عدم توافر الكهرباء. (معمل حديد حماة)..!
ونلاحظ أنه على الرغم من هذه التضحية بإنتاج مصانع القطاع العام الضخمة، فإن شكوى الناس سواء في حمص أم حماة أو كل المحافظات السورية من غياب الكهرباء مريرة، علما أن الكهرباء المنزلية تستهلك 48 بالمئة من إنتاجنا الكهربائي.
من يجرؤ أن ينادي بتجارب مثل إغلاق الجامعات في كوبا ذات سنة، لحصاد موسم جيد من قصب السكر.!!
والتزام العمال بالذهاب إلى مصانعهم والناس إلى أعمالهم، سيراً على الأقدام في كوريا الديمقراطية لعدم توافر النفط( 1996_2002)
لكن السكوت لا يثمر، فمن أصل 2000 ميغا، يمكن توفير 20 ميغا من كل المحافظات (1-1,5) ميغا من كل محافظة على حدة، كرمى لمجمع أسمدة حمص ولفترة وجيزة. وهذه مسؤولية الحكومة.