طقوس وأعراف بيع وشراكة الخيل العربية … كيف تسجل الخيل في السجلات الرسمية السورية؟
| مصعب أيوب
يعد وجود الخيل في البيت عند البعض من أبرز مظاهر الرخاء والترف والسلطان، وباستخدامها حققت العرب فتوحات كثيرة وانتصارات عدة، ونظراً لندرة الوثائق وقلة المهتمين بالأحاديث والتفاصيل التي تتمحور حول شراكة الخيل وبيعها، وبعد أن حصل الكاتب كمال الشوفاني على عدد من الوثائق والحجج المعنية بذلك، فإنه عمد إلى حفظها في مؤلف أسماه (وثائق شراكة الخيل وبيعها عند العرب) وقدمها في الكتاب الذي صدر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب على شكل دراسة وتحقيق ليكون في متناول أي شخص عنده الشغف في ذلك والتعمق في حيثياتها وتفاصيلها.
بطاقة شخصية
بداية استهل الشوفاني الكتاب بالحديث عن نظام الأرسان الذي اتبعته العرب في تحديد أصل الخيل وتنظيمها، مبيناً أنها طريقة للحفاظ على أصالة الخيول وتعرف عند العرب بـ(حجة فرس) ويذكر فيها كل التفاصيل حول الخيل، فتعد حجة الفرس بمنزلة بطاقة شخصية تعريفية لا يمكن أن تباع الخيل من دونها لأنها الوثيقة التي تثبت حجة الشراء، ومن أهم هذه الأرسان المعنقات وهي ذات الأعناق الطويلة، والعبيات التي ترفع ذيلها أثناء الركض، والشويمات التي تكثر الشامات في جسمها، إضافة إلى الكحيلات التي يكثر السواد حول عينيها، والهدباء ذات الأهداب الطويلة على عينيها وناصيتها.
كما أن العرب تميز الخيل حسب لونها الذي يعد أحد أبرز مظاهر الجمال، ومنها الأدهم الخالص السواد، والأصفر الخالص البياض، والأشقر وهو البني الفاتح، والأشهب ذو اللون الأبيض الذي خالطه سواد الورد الأحمر، خالص، وكميت الذي تميل حمرته إلى السواد، والأبلق المتعدد الألوان.
الشراكة والبيع في جبل العرب
طرح المؤلف ضمن الدراسة أشكالاً عديدة لبيع الخيول والشراكة فيها في جبل العرب والتي من جملتها امتلاك شخصين أو أكثر لرأس واحد من الخيل من خلال تقسيم الحصص إلى ٢٤ سهماً ومن يدفع ربع الثمن يكون له ٦ أسهم والنص له ١٢ سهماً وهكذا، ومنها المقاصرة وهي بيع أحد الشركاء حصته لشريك آخر ويكون سببها حسب د. علي أبو عساف عجز صاحبها عن الاعتناء بها ورعايتها، وللشوفاني رأي آخر إذ إن أصحاب الخيول هم بطبيعة الحال من أثرياء القوم وميسوري الحال وعزا السبب إلى وجود بعض الخلافات بين الشركاء.
ومن أشكال الشراكة أيضاً ما يعرف بالفياضة التي تعني الزيادة والفيض، وهي تخلي الشريك عن حصته بعد ولادة الفرس وبالتالي تصبح الفرس لأحدهما والمهرة للآخر، ومن أشكالها أيضاً بيع حصة في فرس لشخص غير الشركاء فيصبح هناك شريك جديد.
كما ضم الكتاب رسائل متبادلة بين الشركاء تؤكد أواصر المحبة والألفة والصداقة والعلاقات الاجتماعية الطيبة التي تنتجها شراكة الخيل حيث يكثر التواصل الأسري والزيارات المتبادلة والرسائل، كما تضم الصفحات نسخاً عن حجج وكالات مختلفة تتعلق بالخيل والشركاء وإيصالات الدفع والاستلام، وحجج الدفع من أجل نفقات الفرس، وحجج شراكة فرس بين أخوين، وحجة تأجير فرس لمن يحتاجها في سفر، وشهادة تسجيل فرس بما يعرف بـ(حكومة جبل الدروز) فترة الانتداب الفرنسي، وبالطبع فإن كل ما ذكر مرفق بنسخ وصور ووثائق تثبت وتؤكد ما طرحه الشوفاني في كتابه مزودة بالتاريخ وأسماء الشهود والأماكن.
وثائق خيل عربية
يستعرض المؤلف وثائق من بعض الدول العربية واصفاً عملية الحصول عليها بالصعبة والمعقدة، ومنها وثائق سورية من خارج جبل العرب ولاسيما دمشق وحوران والبادية السورية، ووثائق خيل أردنية حيث كان يتم فيها بيع الخيل بثلاث طرائق وهي البيع المقفلع التي يبيع بموجبها صاحب الفرس فرسه من دون المطالبة بدفع شيء سوى الثمن المتفق عليه، والطريقة الثانية هي بيع المثاني وفيها يدفع المشتري ثمن الفرس إضافة إلى إعطاء البائع المهرتين الأولى والثانية من مواليدها، والطريقة الثالثة يختار فيها البائع بين أن يقبض الثمن ومعه المهرة الأولى ومبلغ من المال، وبين أن يقبض الثمن وإبقاء المهرة واستردار الفرس وهو ما يعرف بالمناصفة، وضم الكتاب أيضاً وثائق خيل مصرية وفلسطينية ووثائق خيل من الجزيرة العربية والكويت.
توثيق الخيل وتسجيلها في سورية
أسست شعبة تسجيل الخيول العربية في سورية في ١/١/١٩٩٤ وتتبع لوزارة الزراعة الإصلاح الزراعي وتصدر عنها وثائق تتعلق بالجواد المراد تسجيله وهي:
طلب تسجيل مولود فرس عربية أصيلة مسجلة وهي وثيقة تتضمن اسم المولود وجنسه وتاريخ ولادته واللون والرسن والأم والأب وما إلى ذلك.
نقل ملكية جواد عربي أصيل وهي تنوب عن حجة الفرس في الماضي.
شهادة تلقيح فرس عربية أصيلة مسجلة وتشبه شهادة النسب وهي وثيقة تلقيح للمولود القادم المتوقع من تلقيح هذه الفرس بذاك الحصان لإثبات نسب المولود الجديد.
شهادة تسجيل جواد عربي أصيل، وهي مصنوعة من الورق المقوى بجودة عالية مسجلة عليها بيانات الخيل باللغتين العربية والإنكليزية تتوسطها صورة رأس جواد ضمن خريطة الجمهورية العربية السورية.
كما يحوي الكتاب الذي أنجز بما يقرب الـ٢٥٠ صفحة العديد من الملاحق التي ذكر فيها بعض أرسان الخيل الموثقة وصور لبعض الوثائق وفهرس بأسماء الأماكن والإعلام.