ثقافة وفن

حقي وحق بلادي في الحياة

| د. اسكندر لوقا

الحرية مطلب كل إنسان وهي حق من حقوقه وإذا ما اعتدي عليها يكون الاعتداء قد وقع على حقه في الحياة. وبالحرية يستطيع الإنسان أن يقاتل من أجل بقائه حيا موفور الكرامة. هذه المنظومة الفكرية يؤمن بها كل من ذاق طعم الحرية ثم جاء وقت وافتقدها، وذلك على غرار الدول التي كانت تنعم بالحرية وتوفرها لأفرادها، إلى حين استلبت منها ومن مواطنيها لاعتبارات الجشع ورغبة الضالعين في تدمير من هم الأفضل منهم.
سورية في هذه الأيام تعاني أمثال هؤلاء ولكل منهم وسيلته في الانتقام من صرح الحرية التي كانت متاحة لأبنائها، بغض النظر عن مسألة النسبية في هذا الشأن. سورية لم تكن تعرف إلا شعار حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، وهو الشعار العالمي الشهير كما في العالم كذلك في سورية، إلى يوم الانقضاض عليه وتشويه صورته من أعداء الحياة ولا أقول أعداء الحرية فقط.
وحين سيأتي يوم ويقلب المواطن فيه أوراق التاريخ الحديث، سوف يكتشف أن دعاة «الثورة» لم يكونوا سوى دعاة السعي للقيام بأعمال لم تكن مرتقبة في أي وقت وفي أي مكان في رحاب وطننا الغالي. وإذا بشعار الحرية يغدو مدخلا لمفهوم جديد لم يكن يقارب يوماً مفهوم القتل والنهب والاغتصاب وسرقة المعامل والمصانع وتحطيم الأوابد وتشويهها وسوى ذلك من وقائع عاشها السوريون منذ بدايات العام 2011 وما زالوا يعيشونها حتى الساعة.
وفي هذا السياق، باتت حرية الحياة كمبدأ، مهددة، في كل مكان وفي كل لحظة، لأن السلاح أخذ دوره بديلا من الكلمة، ولأن التآمر على حياة المواطن بات مطلب المعتدين على استقرار سورية وازدهارها ومسارها النهضوي الذي كانت قد رسمته لنفسها ببذل الجهد، عرقا ودماء، وعلى مدى سنوات طويلة منذ سبعينيات القرن الماضي حتى تاريخ ولادة الحقد في نفوس أعداء سورية.
أتذكر هذه المحاور وأنا أقرأ للمناضل العربي عمر المختار [1858– 1931] قوله: إنني أؤمن بحقي في الحرية وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح، وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب قد يتوقف عن القتال إذا امتلأت جعبته أو أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه حتى النهاية.
فمن أجل ماذا يقاتل مسلحو أكثر من ثمانين دولة سورية؟ أمن أجل الدفاع عن أوطانهم المبعثرة على سطح الكرة الأرضية، أم من أجل ما عناه عمر المختار، من أجل الاغتصاب والنهب وسوى ذلك؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن