شددت على ضرورة مساعدة القوات العسكرية السورية على التمركز على الحدود … طهران: عندما لا تحل مشكلة وجود «النصرة» عبر الحوار فلا خيار سوى الجراحة
| وكالات
أكدت إيران أمس ضرورة مساعدة الجيش العربي السوري على التمركز على الحدود مع تركيا وإرساء الأمن الحدودي الذي سوف يزيل مخاوف الأخيرة التي دعتها إلى مغادرة قواتها المناطق التي تحتلها في شمال سورية.
ونقلت صحيفة «الوفاق» الإيرانية عن كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، علي أصغر خاجي: «هناك مشاكل بين تركيا وسورية، إحدى هذه المشاكل هي الوجود العسكري التركي في سورية، وتعتقد سورية أن الوجود العسكري التركي في سورية يجب أن ينتهي، وترى سورية أنه يجب تحرير أراضيها من الاحتلال التركي أولاً ثم التوجه نحو المحادثات السياسية، ومن ناحية أخرى، تقول تركيا إن لدينا مشكلة أمنية على الحدود مع سورية، وإن الإرهابيين يغزون تركيا من الأراضي السورية، وينفذون عمليات إرهابية هناك، ممّا يقوّض أمن تركيا».
وأضاف: «نحن أمام حقيقتين، وكلتاهما صحيحة، أن احتلال الأراضي أمر غير مقبول، كما أن التمتع بأمن الأراضي هو قول صحيح أيضاً، وبالنظر إلى هذا الموضوع، تسعى الحكومة التركية إلى حسم الموضوع قبل مناقشة الإجلاء العسكري، وترى أنها لا تستطيع معالجة مسألة انتهاء العمليات العسكرية مادامت مسألة تسلل الإرهابيين من سورية تتم مناقشتها، ومن ناحية أخرى، ترى سورية أن تركيا دولة محتلة، ولكن ينبغي النظر في كلا الاعتبارين وفي إطار حسن الجوار واللوائح الدولية والحفاظ على مصالح وأمن البلدين وتأمينهما والمفاوضات مثل تلك التي جرت في أضنة»، مشدداً على أنه ينبغي علينا مساعدة القوات العسكرية السورية على التمركز على الحدود وإرساء الأمن الحدودي الذي سوف يجب أن يزيل مخاوف تركيا «وكذلك يجب على القوات التركية مغادرة الحدود».
وأوضح أصغر حاجي أن من «الأمور التي تتم مناقشتها الآن كيفية التعاون بين تركيا وسورية مع مشاركة إيران وروسيا، لبسط الأمن على الحدود وإنهاء الوجود العسكري التركي في سورية، أما كيفية تنفيذ هذا الموضوع فلم تتحدد آليته بعد، لكن من القضايا المهمة في هذا الاتفاق مسألة مكافحة الإرهاب التي يتفق الطرفان على هذا المبدأ المشترك».
وفيما يتعلق بعودة اللاجئين السوريين، أشار أصغر حاجي إلى أن الدولة التركية لها حق ومخاوفها مبررة، لأن هناك أكثر من ثلاثة ملايين نازح سوري في تركيا، لكن كيفية عودة هؤلاء اللاجئين هي مسألة خلافية. وأكد أصغر حاجي أنه يجب أن يعود هؤلاء اللاجئون، وليس لدى الحكومة السورية أي اعتراض على عودتهم، ولكن عودتهم تتطلب وجود المرافق والبنية التحتية المناسبة لأنه الآن في سورية لا بيت ولا ماء ولا طعام ولا مرافق فكيف يعودون؟! مشدداً على أنه يجب على المجتمع الدولي أن يساعد وينبغي تنفيذ الترتيبات الخاصة بهذه القضايا في اجتماعات بمساعدة البلدان والمنظمات الدولية ولا تزال المفاوضات مستمرة حتى يمكن التوصل إلى نتيجة مقبولة.
ولفت أصغر خاجي إلى نهب قوات الاحتلال الأميركي للنفط السوري وبيعه إلى دول الجوار على حين الشعب السوري يواجه مشكلة نفطية كبيرة وهو مستورد للنفط، وإلى تعاون أميركا مع التنظيمات الإرهابية للضغط العسكري على الحكومة والشعب السوري.
وندد أصغر خاجي بالعقوبات الأميركية الصارمة المفروضة على الحكومة السورية تحت مسمى «قانون قيصر» التي تهدف في الواقع إلى تدمير الشعب السوري من الناحية الاقتصادية.
وأضاف: «لذلك فإن الحكومة السورية تؤكد دائماً ضرورة انسحاب القوات الأميركية من هناك وعدم التدخل، وعدم القيام بمثل هذه التصرفات اللاإنسانية التي تفرضها أميركا عبر الحصار والضغط الاقتصادي، ولطالما لعب الأميركيون دوراً سلبياً في هذه الأزمة وقد أدى ذلك على الدوام إلى تفاقم الأزمة في المنطقة».
وأوضح أصغر خاجي أن هناك أكراداً سوريين وبعض هؤلاء الأكراد موجودون مع الشعب السوري ويعيشون معه لكن قسماً آخر يحاول السعي للانفصال عن سورية بمساعدة ودعم الأميركيين، لافتاً إلى أن القسم الأخير يستخدمهم الأميركيون كورقة لزعزعة الأمن.
ورداً على سؤال إن كان من الممكن أن نشهد مواجهة مباشرة مع الأميركيين؟ لأن الأميركيين أثروا سلباً في خط العبور الذي يربط إيران والعراق وسورية بتعطيلهم، قال أصغر خاجي: «هذه الحقيقة موجودة. فشلوا وعارضوا ذلك دائماً، ومارس الأميركيون ضغوطاً على جميع الأطراف. سياستنا في سورية ليست قائمة على الصراع العسكري مع أميركا، لكننا سندافع عن وجودنا ومواقفنا المشروعة».
وحول قيام معظم الدول العربية بتحسين علاقاتها مع سورية، أعرب أصغر خاجي عن سعادة بلاده بأن العالم العربي راجع سياساته تجاه سورية، واتخذ موقفاً إيجابياً تجاهها، حيث عادت سورية إلى الجامعة الدول العربية، وشارك الرئيس بشار الأسد في قمة جدّة.
ووصف اجتماع لجنة متابعة الملف السوري الذي انعقد في القاهرة مؤخراً بأنه «جيد»، موضحاً أنه بعد تطبيع العلاقات العربية مع سورية، شكلت الجامعة العربية لجنة لمتابعة العلاقات مع سورية تشمل دولاً مثل مصر والسعودية والعراق والأردن ولبنان، وقد تم تقديم خطة عربية التي بادر بها الأردن تحت عنوان «خطوة بخطوة».
وأعرب أصغر خاجي عن أسفه لأن الأميركيين والأوروبيين عارضوا هذه العملية ويحاولون وقف هذا التطبيع ونتائجه الإيجابية وخلق الاضطراب والتعطيل في هذا المجال.
ورداً على سؤال: إلى متى سيستمر الوضع في شمال غرب سورية على هذا النحو؟ خصوصاً أن تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي له حضور فعال هناك وشكل حكومة وغير اسمه وتم تسجيله على لائحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة؟ قال أصغر خاجي: «في سورية، نتفق جميعاً على ضرورة مواجهة الإرهاب، ولكن عندما نريد تعريف الإرهاب وأمثلته نرى أن لدينا إشكالية في هذا الأمر، إن جبهة النصرة هي جماعة إرهابية وأعضاؤها مسجلون أيضاً على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب، في الاتفاقيات التي عقدناها، نصت على ضرورة محاربة الجماعات الإرهابية وفي تصريحات أستانا، ذكرت جبهة النصرة كمجموعة إرهابية، التي تم الاعتراف بها كمجموعة إرهابية من الأمم المتحدة، والآن هم موجودون في إدلب في منطقة خفض التصعيد ويسيطرون هناك ولا تلعب المجموعات الأخرى دوراً كبيراً».
وأضاف: «كان اتفاقنا هو فصل الناس العاديين عن الجماعات الإرهابية في إدلب ويجب التعامل مع الناس بتسوية ومواجهة الجماعات الإرهابية بجدية، ويجب طردها من هناك ونزع سلاحهما، لكن للأسف هذه الاتفاقيات التي تم التوصل إليها حتى الآن لم يتم تنفيذها وهذا الجرح النازف لا يزال قائماً، ويجب أن يتحقق هذا الهدف وينفذ في المحادثات المقبلة بيننا وبين تركيا وروسيا وسورية».
وإن كان ذلك يعني أنه لا توجد إمكانية للعمليات العسكرية في إدلب؟ قال أصغر خاجي: «الآن، تقوم قوات جبهة النصرة في كثير من الأحيان بعمليات داخل إدلب أو للتسلل إلى (مناطق سيطرة الحكومة) في إدلب وتنفذ روسيا والجيش السوري عمليات ضدهم. وليس الأمر كما لو أن هناك ظروفاً طبيعية، لكن لم يتم تنفيذ عملية واسعة النطاق وكل شيء ممكن في سورية، عندما لا يتم حل هذه المشكلة من خلال الحوار، ليس أمامك خيار سوى إزالة هذا الجرح المتقيح من خلال الجراحة».