ثقافة وفن

أطفال بسمة يرسمون الأمل والحياة في «تفاح أخضر» … شكلوا بألوانهم صورة مستقبل سيكونون حاضرين فيه

| مايا سلامي

بمشاركة 58 طفلاً وطفلة من مرضى سرطان الأطفال افتتح غاليري آرت هاوس بدمشق المعرض الخيري «تفاح أخضر» العائد ريعه لدعم أطفال جمعية بسمة، والذي أقيم بمبادرة من المهندسة كلوديا الخن وبمشاركة أساتذة وخريجين من كلية الفنون الجميلة.

وبالحب والأمل والإصرار رسموا لوحاتهم التي عكست روحهم الطفولية البريئة التي شوهها المرض بقسوته وألمه، وشكلوا بألوانهم صورة مستقبل سيكونون حاضرين فيه بقلوب نقية تبث الخير والسلام إلى كل من حولها.

أمل بالمستقبل

وأوضحت المديرة التنفيذية لجمعية بسمة ريما سالم أن الفكرة بدأت بإقامة ورشة عمل للأطفال المصابين بالسرطان ليعبروا عن طريق الرسم عن أفكارهم ومواهبهم، ثم تطور المشروع من زيارتين فقط إلى ست زيارات بسبب تفاعل الأطفال وفرحهم بهذا النشاط الذي قاموا به حيث عبروا برسمهم وألوانهم عن أملهم بالمستقبل وكان هذا مهماً جداً، ومن ثم انتقل المشروع من حالة الدعم النفسي إلى إقامة معرض يعود ريعه بالكامل لأطفال جمعية بسمة.

وقالت: «في جمعية بسمة لدينا مشروع دعم نفسي لأطفال مرضى السرطان وهناك فريق تطوعي يزورهم يومياً ويمضي وقتاً معهم بأنشطة مختلفة كالرسم والأشغال اليدوية ونتمنى أن تستمر مثل هذا المبادرات لأنها ترفع من معنويات الأطفال وتعطيهم الأمل بالمستقبل».

خلاقون ومبدعون

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بينت المهندسة كلوديا الخن أن فكرة المعرض «تفاح أخضر» استلهمت من إحدى ورشات العمل عندما قام طفل برسم لوحة لتفاح أخضر وهو يتألم بصمت من جرعة العلاج التي أخذها بوقت سابق، لكنه أنجز عملاً مفعماً بالحب والدقة والإتقان ورسم أجمل لوحة وكانت مؤثرة جداً وتكريماً له قررنا أن يكون هو نجم هذا المشروع.

وأوضحت أن الأطفال كانوا متعاونين جداً واختاروا بأنفسهم المواضيع التي سيرسمونها والألوان التي يحبونها وكانوا خلاقين ومبدعين في اختيار أفكارهم.

وقالت:» نحن تواجدنا معهم لندعمهم نفسياً ولننسيهم الأوقات الصعبة التي يعيشونها ولنثبت لهم أن هذا الوقت الطويل والحزين من الممكن أن يمر بفرح وهم يرسمون ويبدعون، فالعلاج بالفن متعارف عليه عالمياً لكن هذه المرة الأولى التي أحاول فيها التقرب من طفل يواجه أشرس وأعتى مرض».

وأضافت: «أحببت أنا وثلاثة غيري من الفنانين أن نقدم أعمالاً أيضاً كتبرع إلى الجمعية، ولوحتي رسمتها على عدة مراحل فبعد كل زيارة إلى المستشفى كنت أرسم جزءاً منها فحملت مشاعر متناقضة بحسب الحالة التي أكون فيها وقد يكون الفرح غائباً عنها لكنها تحمل الكثير من الأمل».

علاج بالفن

وقال أستاذ الفنون الجميلة د. عبد الله صالومة: «في البداية كانت فكرتنا أن نقوم بزيارات لأطفال بسمة في مستشفيي الأطفال والبيروني لنخرجهم من حالة المرض التي يعيشون فيها ولنقدم لهم نوعاً من العلاج بالفن عن طريق رسمهم للأشياء التي يحبونها».

وأكد أن نفسية الأطفال تحسنت شيئاً فشيئاً وأصبحوا أكثر تفاعلاً وحماساً وأحبوا الرسم والألوان، كما خرجوا من حالة الاكتئاب التي كانوا يعيشون فيها.

وفيما يتعلق بالمعرض ومشاركته به، أوضح: «بعد أن انتهينا من هذه الورشة معهم ارتأينا عرض اللوحات وبيعها ليكون ريعها بالكامل لدعم أطفال جمعية بسمة وتمت الموافقة على الفكرة من قبل غاليري آرت هاوس الذي قدم صالته مجاناً، وأنا قدمت لوحة حاولت فيها أن أشبّه المجتمع بالتفاح، لذلك رمزت بالتفاح الأخضر إلى الأشخاص المعطاءين وبالتفاح غير الملون إلى الأشخاص الذين لا دور أو أثر لهم في المجتمع، وهناك ثلاث تفاحات مريضة هي دلالة على هؤلاء الأطفال الواجب على المجتمع احتضانهم وتقديم كل الدعم المادي والنفسي لهم».

أثر الفن

وبين الفنان عمار الفرح أن الهدف من هذا المشروع كان إظهار أثر الفن في الساحة الاجتماعية، منوهاً بأن هذه التجربة كانت رائعة جداً فتعلموا منها دروساً كثيرة حيث كانوا يشعرون بطاقة عالية بمجرد أن يشاهدوا بسمة الأطفال وفرحتهم بالألوان.

وأشار إلى أنه شارك في هذا المعرض بلوحة تحدث فيها عن هذا المرض، كما وضع فيها بعض الجوانب الطفولية، موضحاً أنه رمز للأطفال بالتفاح الأخضر الذي يدل لونه على الخير والعطاء والجمال لكنه في الوقت نفسه طعمه حمض وفي ذلك إشارة إلى لوعة المرض والألم، لكن على الرغم من ذلك هناك حبل نجاة وأمل يرمز إلى الأيادي الممدودة لهؤلاء الأطفال حتى يستعيدوا عافيتهم ويعودوا إلى حياتهم الطبيعية.

براءة الأطفال

كما قال الفنان محمد هادي القاوقجي: «هذه التجربة كانت جميلة جداً وتعلمنا منها الكثير لكن في الوقت نفسه تأثرت كثيراً بمعاناة هؤلاء الأطفال وشعرت بآلامهم التي يخبئونها بطاقة إيجابية عالية وفرح وحب للحياة».

وأضاف:«شاركت بلوحة كانت عبارة عن فتاة تأكل تفاحة استلهمتها من طفلة منهم كانت جالسة أمامي وعلقت في ذهني ونفذتها على الفور، وحاولت أن أظهر في لوحتي براءة الأطفال الكبيرة التي شاهدتها فيهم والتي جعلتني أشعر بأنهم أقوى منا بكثير»..

وأكد ضرورة استمرار هذه المبادرات لأن هؤلاء الأطفال بحاجة إلى دعم كبير من الجوانب المادية والمعنوية كافة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن