من دفتر الوطن

يا طائرَ المينا.. عذراً

| فراس عزيز ديب

لم يكن يجول في ذهنِ طائرِ المينا وأجدادهِ بأنهُ سيتحول بينَ ليلةٍ وضحاها إلى تريندٍ على مواقعِ التواصل الاجتماعي في العالم العربي، ولو قُدِّرَ لأحفاده أن يتحولوا إلى صانعي محتوى على شاكلةِ مانراهم هذهِ الأيام من صُناعٍ للتفاهة لكانوا كما يقول المثل الشعبي «قبروا الفقر» ليسَ فقط من وارداتِ تفاهاتهم ولكن من حجم التعويضات التي سيتلقونها عن دعاوى تهمة «تشويه السمعة» التي تعرضوا لها نظراً للاتهامات التي طالت هذا الطائر والروايات التي بدأَ ينسجها البعض حوله لدرجةٍ بتنا فيها نتسائل :

هل يتحدثون فيها عن طائر المينا أم عن طائرٍ خرافي؟

من الاتهامات التي أوردتها الدول التي قرَّرت مكافحتهُ بأنه طائرٌ خطِر يعتدي على الممتلكات العامة، تباً لهُ إذن وتباً لكل من يعتدي على الممتلكات العامة أو يسرقها تحديداً تلكَ «الطيور البشرية» التي تُشبه طائر المينا وتقوم بإشغال الأرصفة المخصصة للمشاة أو تعتدي على أراضي الدولة في هذهِ المناطق أو تلك، بما فيها المناطق البحرية، متى سنكافحهم على طريقةِ مكافحة طائر المينا!

في السياق ذاته هناك من يتهم هذا الطائر اللعين بأنه يشكل خطراً على التوازن البيئي نظراً لقيامهِ بالتهام صغارَ الطيور الأخرى لكونهِ من بين أشرس مئة كائن حي على وجه الأرض، تباً لهُ كذلك الأمر على هذه العدائية غير المبررة التي تنتهك حدود التوازن البيئي، لكن ماذا عن تلكَ «الطيور البشرية» التي لا تعرف أي حرمةٍ لمايسمى بالتوازن البيئي إن كان بالصيد الجائر أو عدم احترام أسابيع التكاثر عند الطيور، هل من مناطق يتم فيها استخدام الديناميت للصيد البحري غير هذا الشرق البائس؟ متى سنكافحهم على طريقةِ مكافحة طائر المينا!

ختاماً، هناك من تحدث باختصار بأنَّ هذا الطير يأكل الأخضر واليابس، على هذا الحال لم يتبقَ لهُ أكثرَ من تهمة «ويقوم بإشعال الحرائق في الغابات ويتاجر بالآثار « عندها سيكون هذا الطائر جديراً بالحصول على إحدى جنسياتِ هذا الشرق البائس، هذه الصفة يبدو هذا الطائر منها براء، لأنها مرتبطة فقط بمن لا تشبع بطونهم ولا تمتلئ خزائنهم، أما هذا الطائر البسيط الذي قد لايتعدى وزنهُ «وقية» فهو بالكاد قادر على التهامِ مايسد رمقه ذاك الرمق الذي باتَ يبحث عنهُ المواطن البائس بين مخالب ثعالب رفع الأسعار وحيتان فساد المواد الضرورية.

في الخلاصة: حاولتُ جاهداً أن أنتقي عباراتي بالكثير من الروية، لم أكتب أي اتهامٍ يتعلق بهذا الطائر إلا بعدَ تأكيدات علمية بأن هذا الطير هو كذلك فعلياً لا لشيء لكني خفتُ أن ينتفض هذا الطير بعدَ نشر هذه الزاوية ويأخذها إلى قانون مكافحةِ الجريمة الإلكترونية، لما لا؟ فمن يمتلك كل هذهِ الصفات هو حكماً لايمتلك شجاعةَ الاعتراف بأخطائِه وسيحسبها اتهامات قد توهن عزيمةَ الطيور الباقية، لكن مخاوفي تبددت عندما همسَت إلي متخصصة بـ»بيولوجيا الحيوان» وهي أقرب إلي من حبلِ الوريد قائلةً:

لا تقلق..هذا المينا ليس كما ذاك المينا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن