رحيل حسين منذر «مؤسس فرقة العاشقين» … عاش في دمشق فعشقها وعشق تبنيها للقضية الفلسطينية
| وائل العدس
نعت نقابة الفنانين في سورية، الفنان القدير حسين منذر الملقب بفنان الثورة الفلسطينية المولود في مدينة بعلبك اللبنانية.
نذر حياته بالكامل لفلسطين وترجم ذلك من خلال «فرقة العاشقين» التي أسسها عام 1969 وأحيت حفلات كثيرة، وكان لها حضور رائع وجمهور ينتظرها ويلاقيها أينما وجدت.
صدحت حنجرته منذ سبعينيات القرن الماضي بعشرات الأغاني، التي تركت أثرها في نفوس العرب ومناصري القضية الفلسطينية بوجه الكيان الصهيوني المحتل.
وتلقى محبو حسين نبأ وفاته في دمشق بسبب وعكة صحية، ونعاه كثيرون على منصات التواصل الاجتماعي بكلمات مؤثرة استرجعوا فيها تراثه الغنائي الفلسطيني، وعدّه بعض محبيه أنه من أواخر الأعمدة الفنية، الذي كرس مسيرته الفنية في سبيل القضية الفلسطينية.
كان يعتلي المسرح واضعاً الكوفية الفلسطينية على كتفيه، ويغني بحماسة استثنائية، تمزج بين الأسى والألم، والخيبة والأمل بالعودة لأرض فلسطين المحررة، ويواظب على رفع يديه، وكأنه يريد نقل عدوى الحماسة إلى الجمهور والناس، حتى لا يملوا من الغناء لأجل فلسطين والدفاع عنها بوجه الظلم التاريخي الذي تعيشه.
عاش في دمشق التي شهدت انطلاقته، فعشقها وعشق نضالها وتبنيها للقضية الفلسطينية.
حب لفلسطين
في كل بيت عربي مساحة حب لفلسطين، وحنجرة نذرها صاحبها «أبو علي» للقضية الفلسطينية فأهداها أكثر من 300 أغنية رغم معاناته الطويلة من المرض الذي غلبه أخيراً.
«من سجن عكا طلعت جنازة»، «يا طالع ع جبال النار»، «اشهد يا عالم علينا وعبيروت»، «هبت النار»، نماذج من أغنيات كانت فيها العزيمة والفخر والإيمان بالقضية حتى تجاوز عددها الـ 300 يحتفظ بها كثيرون في مكتباتهم الموسيقية ويتغنون بها على الدوام لما فيها من طاقة ثورة وفعل حياة.
كان على تواصل دائم مع نضالات الداخل الفلسطيني، يواكب عمليات شباب المقاومة لحظة بلحظة من جنين إلى نابلس التي أهدى شبابها «عرين الأسود» أغنية يتردد صداها في المناطق الفلسطينية عنوانها: «عرين الأسود.. رصاص العز».
الرئيس الفلسطيني كان قد كرّمه قبل 5 سنوات حين منحه وسام الثقافة والعلوم والفنون: «مستوى الابتكار، تقديراً لمسيرته الفنية النضالية الملتزمة والمشرّفة، وتثميناً لعطائه وإنشاده الملتزم في فرقة «العاشقين» الوطنية وإيصاله بصوته رسالة فلسطين إلى العالم، فلسطين حية طالما لها مكان في كل قلب».
سبق أن قال في تصريح صحفي: «أنا عربي وأعشق فلسطين، أعشقها عشقاً لا يوصف، دمي واسمي وعنواني عربي فلسطيني أحمل بداخلي كل المكوّنات العربية».
كذلك قال إنه ورث عن والده الصوت الجبلي القوي الذي يحمل بين طبقاته مشاعر الثائر الفلسطيني من حب وغضب وأسى وحنين.
نعي رسمي
نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الفنان الراحل، وذكرت وكالة «وفا» الفلسطينية أن عباس ينعى، إلى شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، وأمتنا العربية، وأحرار العالم، فنان الثورة الفلسطينية، قائد فرقة العاشقين، المناضل الكبير الفلسطيني والعروبي حسين منذر.
وقال: «إن فلسطين فقدت ابناً من أبنائها المناضلين الأوفياء الذين كرسوا حياتهم لخدمة الثورة الفلسطينية، عبر مسيرة فنية ونضالية شكل خلالها نموذجاً فنياً سيظل خالداً في الوجدان الوطني الجمعي لشعبنا».
وأضاف: «الفنان الراحل حوّل بأغانيه وأناشيده الوطنية تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة ومعاركها وبطولاتها إلى صورة حيّة، من خلال فرقة العاشقين التي اقترن اسم الفنان الراحل بها».
كما نعى السفير أنور عبد الهادي مدير عام دائرة العلاقات العربية لمنظمة التحرير الفلسطينية الفنان نفسه، مشيراً إلى أن الفنان المناضل حسين منذر لبناني الأصل فلسطيني الهوى، وهو ابن حركة فتح وملك الأغنية الوطنية حيث أوصل بصوته رسالة فلسطين إلى العالم أجمع.
وأضاف: «إن الفنان الفدائي الراحل حسين منذر كان صاحب الصوت الذي صدح ثورة ونضالاً وعبر عن مشاعر الثائر الفلسطيني من حب وغضب وأسى وحنين، ووظّف هذا الصوت في خدمة الفن الملتزم الذي يناصر القضية الفلسطينية، حيث وضع بصماته الصوتية على ما يزيد على 300 أغنية وطنية.