قضايا وآراء

هل نشهد قريباً انتهاء الحروب الوحشية الأميركية؟

| تحسين حلبي

إذا كانت التفجيرات الإرهابية التي وقعت على الأراضي الأميركية في 11 أيلول 2001 قد ذهب ضحيتها أكثر من 3000 من المدنيين الأميركيين وغيرهم ونتج عنها تدمير وخراب واسع، فإن الرد الأميركي العسكري والاستخباراتي عليها ذهب ضحيته أكثر من مليونين من الضحايا المدنيين على يد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان وحدهما، ليتبين في النهاية أن العراق لم يكن له أي دور أو سبب بتفجيرات نيويورك وواشنطن ولم يكن لديه أي سلاح تدمير شامل يهدد به الولايات المتحدة في عام 2003.

وفي دراسة في موقع مجلته التي تصدر في النمسا بمناسبة الذكرى السنوية لتفجيرات الـ 11 من أيلول تحت عنوان: «22 عاماً من الأكاذيب والاستبداد الأميركي»، يقول مدير مركز «مايزيس للأبحاث» رايان ماكميكان وهو ألّف عدداً من الكتب عن الحروب الأميركية: «مازال القراء يتذكرون أسماء مثل بول وولفوفيتش وجون بولتون وكوندوليزا رايس وجوديت ميللير الذين احتلوا مراكز القرار في دوائر واشنطن الحاكمة، وظلوا من دون محاسبة ومن دون أن يقدموا أدنى اعتذار على ما قاموا به» ويضيف: بقي نائب الرئيس ديك تشيني ورئيسه جورج دبليو بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد يفرضون استبداداً أميركياً داخلياً بعد سن قوانين ما يسمى بـ«محاربة الإرهاب» وما كانوا يستحقون «غير المحاكمة لارتكابهم جرائم حرب ضد القانون الدولي والدستور الأميركي».

لقد اتخذ أصحاب القرار السابقون في واشنطن هذه السياسة بعد التفجيرات بهدف محاصرة العالم كله بهيمنة أميركية إمبريالية شاملة تبين ضعفها بعد تسعة أعوام حين أجبرت المقاومة العراقية جيش الولايات المتحدة وحلف الأطلسي على الانسحاب ثم على الانسحاب بعد واحد وعشرين عاماً من أفغانستان، ثم ها هو العالم الآن يلاحظ أن الحرب الأميركية الغربية على روسيا في الأراضي الأوكرانية وقد بدأت تبشر بانتصار روسي وتصعيد سياسي صيني – روسي مشترك ضد الهيمنة الغربية – الأميركية على الساحة العالمية قادر على تفتيتها.

كما يبدو في هذه الأوقات أيضاً، أن المؤتمر العالمي الذي تعقده دول «جي 77» في كوبا سيزداد نشاطه للدفاع عن الدول النامية واستقلالها وتطورها وهو يمثل معظم الدول النامية في العالم وكان قد تأسس في عام 1964، وكانت كل من سورية والجزائر التي عقد أول مؤتمر له فيها، وكذلك مصر والعراق من الدول المؤسسة، وأصبح الآن يضم 134 دولة لكنه حافظ على اسم «جي 77» وتحتل فيه الصين حتى الآن دوراً قيادياً بارزاً في مواجهة الغرب والولايات المتحدة على الرغم من أنها ليست دولة عضواً فيه وهو عقد مؤتمره في كوبا باسم «جي 77 والصين» هذا العام تأكيداً لدورها الداعم له ولأهدافه.

أحد أهم مراكز الأبحاث الأميركية ويحمل اسم «راند» ويديره مستشار الأمن القومي الأميركي سابقا زبينغيو بريجينسكي، تطرق في آخر أبحاثه للعام الجاري 2023 تحت عنوان «لا بد من تجنب حرب طويلة الأمد مع روسيا» بأن انتهاء الحرب الأميركية – الغربية على روسيا سيأخذ شكل هدنة طويلة الأمد وأن الاحتمالات المتوقعة لها ستظهر على شكل نتيجة تتجاوب مع معظم الشروط الروسية لأن أوكرانيا بدأت تكلف ثمناً باهظاً في نفقات الدعم العسكري والمالي للمحافظة على أدنى ما يمكن من استقرارها الاقتصادي والمالي ما جعلها عبئاً على الاقتصاد الأوروبي الذي ازدادت صعوباته الاقتصادية نتيجة لأعباء المواجهة مع روسيا وما تطلبته من إنفاق لا يتوقف على أوكرانيا ومن دون نتائج تبشر بالانتصار على روسيا، ويضيف مركز «راند» الأميركي للأبحاث: إنه «نظراً لعدم احتمال تحقيق انتصار غربي على روسيا فإن أي هدنة سينتج عنها مفاوضات لمصلحة روسيا لأنها لا تزال تحافظ على قدراتها في الميدان ومن دون أن تدفع ثمناً باهظاً من اقتصادها بالمقارنة مع أوكرانيا والأثمان التي دفعتها وما تشكله من أعباء مالية واقتصادية على أوروبا».

يبدو أن عدم جدوى الحرب الأميركية – الغربية على روسيا سيولد احتمالاً متزايداً على انهيار النظام العالمي – الغربي الأميركي، وتجميد أطرافه لجبهة الحرب على روسيا والصين وانتقال الوضع العالمي إلى بداية واقع جديد يوقف الحروب الوحشية الأميركية التي قادتها واشنطن منذ عام 2001 حتى هذه اللحظة في الشرق الأوسط وفي أوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن