قضايا وآراء

جيش الاحتلال والبحث عن دعم من القوة البشرية الأميركية

| تحسين حلبي

لعل أكثر ما تخشاه إسرائيل في هذه الظروف بموجب ما يقوله أحد قادة منظمة «اللجنة اليهودية الأميركية» آفي ماير، هو أن «تندلع حرب تشرين ثانية»، ففي تحليل نشره في صحيفة «جروزليم بوست» الإسرائيلية تحت عنوان «هل تندلع حرب على غرار حرب تشرين في هذه الأوقات؟».

يرى ماير أن «إسرائيل التي تعاني صدمات كثيرة تخشى الآن من تكرار حرب تشرين عام 1973 ضدها، فتلك الحرب كادت تنهي وجود إسرائيل وذكريات أحداثها لا تزال ماثلة في الذاكرة حين قتل فيها أكثر من 2656 من الجنود وأصيب 7251 بجراح، أي عشرة آلاف بين قتيل وجريح»، وتساءل ماير: «هل تواجه إسرائيل مرة أخرى إخفاقات متزامنة في الاستعداد العسكري والاستخبارات وقدرة القيادة إلى درجة تصبح فيها غير قادرة على القيام برد فعال على هجوم عربي ضخم ومنسق يعرض وجودها ذاته للخطر؟».

ويبين ماير أن أي حرب مقبلة تخوضها إسرائيل ستتطلب من الولايات المتحدة «دعماً عسكرياً أميركيا لا يتوقف لأنها ستكون بحاجة لإمدادات بعشرات الآلاف من أطنان المعدات والذخائر بل وبالقوة البشرية»، وهناك من يرى في أوساط المحللين العسكريين الإسرائيليين أن جيش الاحتلال في ظروفه الراهنة سيحتاج لقوة بشرية أكبر بكثير لأنه سيواجه حرباً على ثلاث جبهات ذات أنظمة قتالية متنوعة من الشمال والوسط والجنوب، ولا شك أن الدوامة التي واجهها الكيان خلال سنوات كثيرة نتيجة عمليات المقاومة المستمرة داخل الأراضي المحتلة وضد مستوطنات الاحتلال، قد تسببت بهجرة عكسية لعدد من المستوطنين المسجلين في قوات الاحتياط وهذا ما جعل ماير يعترف بأن «القيادة العسكرية تشعر بالقلق المتزايد من مضاعفات هذا الموضوع على قدرة الجنود ومدى تنفيذهم لمهامهم وخاصة بعد أن شارك جنود وضباط في حركة الاحتجاج علناً ضد الحكومة وتعديلاتها على النظام القضائي، وحين هددت نسبة منهم بالامتناع عن تلبية الخدمة في الجيش».

يونا جيرمي بوب، كشف في الصحيفة نفسها في تموز الماضي أن «عدد العسكريين الذين شاركوا في حملة الاحتجاج زاد على عشرة آلاف، تبين أن 1200 منهم من سلاح الجو و1200 من سلاح الاستخبارات العسكرية، ناهيك عن ضباط الخدمات الطبية وجنود وضباط الوحدات الخاصة، وهذا ما جعل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في 31 تموز الماضي يعلن أمام لجنة الكنيست لشؤون الأمن أنه «على الرغم من استعداد الجيش لأي حرب مقبلة إلا أن التزايد المستمر في عدد الرافضين للخدمة يمكن أن يؤدي إلى تآكل الاستعداد العسكري وتفاقمه إلى درجة أدنى»، وحذر غالانت من «انهيار الاستعداد العسكري مع مرور الوقت دون معالجة سريعة».

يبين ماير أن القوى التي تقاوم إسرائيل تتابع بشكل متواصل كل ما يجري داخلها وتزيد من استعداداتها العسكرية، واستشهد بآخر خطاب ألقاه أمين عام حزب اللـه حسن نصر اللـه والثقة التي عبر عنها حول قدرات الحزب وحلفائه في مواجهة «جيش ممزق ومنهار سيختفي من الوجود».

ويعترف ماير أن هذا الوصف للجيش الإسرائيلي من قبل نصر اللـه هو الذي دفع رئيس الاستخبارات العسكرية هيرتزل هاليفي إلى مخاطبة أعداء إسرائيل قائلاً: «على أعدائنا أن يعرفوا أن الروح المعنوية للجنود ووحدة الصف في الجيش الذي قاتل في حرب تشرين عام 1973 لا تزال تدل على الاستعداد لمواجهة أي حرب متعددة الجبهات».

لكن هذا الخطاب الإسرائيلي لا يعكس الواقع الراهن في الكيان وخوف قادته من تراكم قوة المقاومة وتزايد خياراتها في مجابهة الكيان، وهذا ما تدل عليه افتتاحية صحيفة «جروزليم بوست» في 22 أيلول الجاري حين ناقشت موضوع «ضرورة أن تعقد تل أبيب مع الولايات المتحدة اتفاقية دفاع مشترك تتبنى فيها واشنطن مبدأ تقديم الدعم بقوة بشرية أميركية على أراضي الكيان لحمايته» عند اندلاع أي حرب شاملة تشنها قوى محور المقاومة ضد جيش الاحتلال وهذا التفكير الإسرائيلي يثبت بوضوح أن الكيان عاجز وحده وبقدراته البشرية عن حماية وجوده واحتلاله في هذه الظروف التي بدأت فيها مناقشة هذه الفكرة غير المسبوقة في علاقاته مع الولايات المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن