وما أجمله!
ما أجمل طيب كلامه، نثريات نوره ونواره!
ما أجمل موصوفه وقمر أوصافه وما أغنى مداد أقلامه المُثلى!
ما أجمله! ونواره يرتسم وكأنّه سرُّ الإلهام ومكنون الضوء والصفاء وكأنّه لحظة الإشراق الأولى لبدء الكلام المُقفى، وبدء نثر جماليات الكلام، وكلاميات البوح المكنون بعظمة كل ما نُظم وكل ما رُتب في قولبة شعرية.
شعرية الوجد الإنساني، الوجد المُزدان بأوزان النطق الكلامي، والنطق الجمالي، النطق الذي يسمو بنا إلى واحات اللغة الأجمل، إلى تراتيل صوتها الرخيم، إلى ترانيم الوجد الإنسانيّ.
ترانيم الصوت الشعريّ الأجمل وبوحه المُلقى على شط الألق الكلامي بكل ما يحتويه، وما يدور في فلكه المُزدان من حيث جمالية الكلمة، وجمالية الترميز اللغوي، جمالية البوح الدال على المكنون ما يختلج في أعماق النفس، في أعماق الذات التي تهوى الشعر وقوافيه وتسمو به.
وقد يزدان الشعر بجرح القوافي ويبدو كأنه يحادث أزليّة الكلام المُرتّب ورنيم صوته الجذاب المُهذّب، وحكايات الرونق اللغوي الموزون وانتظام كلامه بقمريّة البهاء حيث يسود في لحنه الشعري ذلك التقويم الكلامي الذي نشتهي، نشتهي أن يسود النطق الحقيقي وفلسفته وما أبهاه!
ما أبهاه من نطقٍ!
ما أجمل قواميسه وابتهال كلماته وكأنها زخرف من جمال الكلمات الحقيقي وكأنها جمال آخر يجب رصّ كلماتها، رصّ شيء من زُخرفها، من بهاء موزون كلامها الجميل.
بهاء الشعر المستدير حول قمر الكلام وكل نحوياته وكل ما يُفتعل في شأنه، وينحتُ في قاموس موسيقاه، ورنيم موزونه، رنيم وجده النابض بلغةٍ تمتزج بجماليات الكلام، جماليات البوح المُقفى، وزُمرّد لغته ونحت كلماته بلوحة شعرية تصوّر لنا الشعر وكأنّه فسيسفاء لا يُمكن إلا الاندهاش بها، والتمسك ببعض خيوطها وبعض لغاتها الشمسيّة والقمريّة على حدٍ سواء.
هذه اللغات التي تفتعل بجمالية كل بيت شعر تنطق به وجدانيات النّفس الإنسانية التي تشتاق الجمال شعراً، تشتاقُ البوح به حتى ولو علا شأنه جرح وتثاقلت أوزانه بدمع الأيام، تثاقلت كل لغاته بشوق الكلام وبوح الجرح المُقفى.
بوح الأحزان وشدائد احتكامها وكأنها الشعر يُصبح بين رفّة عين وانتباهها ذاكرة مقروءة الوجد الإنساني، أوزانها تحادث الأزمان عما جرى، وتُشكل ذاكرة شعرية لا يُمكن إلا العبور إليها، إلى ضفتيّ وقتها، وإلى أدواح مملوءة بقناديل الشعر وهل أجمل من خبز أقماره؟
هل أجمل من تنوّره العجائبي الوصف العجائبي المدلول، الجمالي، وبعض منطوقه ذو المدى الذي لا يحدُّ، وبعض أوصاف حاله الكلامي الأبهى؟
حاله المُشرق بصفات وموصوف الشعر وما يسكن بين صفحاته الخالدة، التي تبدو خالدة الأوزان، خالدة اللُقى اللغوية وما أجملها!
ما أجمل ناصيات الزمن الشعريّ الذي نحتكم إليه ويسكن فينا ونسكن فيه، نستعذب بعض ألحانه، وبعض ترياق شهده المرتجى حتى لنبحر بين صفاء حاله وترحال جماله، ترحال اللفظة الشعريّة وهل أجمل؟
وهل أبهى من معزوفتها ومعزوفة جمالها اللغوي ومُعلّقات الحال البلاغيّ والاستفهامي والسؤال المُعلن عن حالهما الشعري المُقمر؟ ربما عن معزوفة الموسيقا والبوح الشعري الذي ما زالت أوزانه خالدة الجمال الشعري المميز، وتؤكد على روعة بوح القوافي ومُعلقات جماله الشعري في الزمن الماضي والحاضر معاً.