قضايا وآراء

مروحة محاصرة واشنطن لروسيا من أوكرانيا إلى مولدوفا فأرمينيا

| رزوق الغاوي

على الرغم من إخفاق الدعم العسكري الأميركي المستمر لأوكرانيا لمواجهة الآلة العسكرية الروسية، في تحقيق أي تقدم ميداني، لا تزال واشنطن تراهن عبثاً على إمكانية محاصرة روسيا عسكرياً عبر أوكرانيا التي باتت عاجزة عن مجاراة القوات الروسية بسبب عدم توازن القوى بين قدرات الجانبين الروسي والأوكراني العسكرية، وتالياً خسارة الآلاف من خيرة الجنود الأوكرانيين والعديد من المراكز والمخازن العسكرية الكبرى.

في ظل هذا الواقع الميداني الراهن وغير المُرضي لها، ذهبت الإدارة الأميركية باتجاه فتح جبهات جديدة على روسيا، انطلاقاً من جوارها الغربي من جهة، ومن منطقة القوقاز الجنوبية من جهة أخرى، على الرغم من اقتناع واشنطن بأنها غير قادرة جراء ذلك على النيل من الصمود الروسي، بل إنها باتت تكتفي من وجهة نظرها على الأقل، بالعمل على إشغال روسيا عسكرياً، أملاً باستنزاف قدراتها، مع قناعة واشنطن الضمنية المسبقة بعدم جدوى ذلك نظراً لانعدام ميزان القوى بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية الموكلة أصلاً بالقتال ضد روسيا نيابة عن حلف شمال الأطلسي.

على ضوء ذلك ذهبت واشنطن والـ«ناتو» باتجاه فتح جبهة مولدوفا، الدولة السوفييتية السابقة، وضخ الأسلحة إليها تمهيداً لعمل عسكري محتمل ضد روسيا تحت ذرائع واهية وغير مبررة، مستغلة في ذلك علاقات التعامل القائمة بين مولدوفا و«ناتو» في المجالين العسكري والعسكري التقني، ونشر وحدات أطلسية على أراضيها، غير آخذة في الاعتبار ومتجاهلة أن من شأن سيناريو كهذا أن يقوض أمن مولدوفا وسيادتها، ولعل في التجربة الأوكرانية خير مثال على ذلك، حيث تشحن الإدارة الأميركية السلطات المولدوفية بفكرة عسكرة سياستها تحت زعم تعزيز قدرة بلادها الدفاعية، ما يعني من حيث النتيجة خلق حالة من التوتر والعدائية غير المبررة تجاه روسيا، ما دفع الحكومة المولدوفية تحت الضغط الأميركي لاعتماد خطط خاصة تتصل بالعمل على زيادة النفقات بهدف إنشاء شبكة دفاع جوي لحماية مجالها الجوي على حد ما جاء في وقت سابق على لسان وزير الدفاع المولدوفي أناتولي نوساتي.

أوساط دولية متابعة للمخططات الأميركية والأطلسية المعادية لروسيا، تؤكد استمرار واشنطن و«ناتو» في خلق بؤر توتر في الشرق الأوروبي المتاخم للأراضي الروسية، وهو أمرٌ من شأنه تهديد الأمن الروسي من جهة، وتبرير الوجود العسكري في تلك المناطق من جهة ثانية، في وقت تعمل فيه السلطات الأميركية والمولدوفية على تشويه سمعة روسيا الدولية في مجال حفظ الأمن في العالم، وتحديداً في منطقة «ترانسدينيستريا» المولدوفية التي يعود الوجود الروسي فيها إلى ثلاثين عاماً في مهمة حفظ الأمن فيها، حيث تعمل الإدارة الأميركية على شحن السلطات المولدوفية بمعاداة موسكو، تمهيداً لخلق أجواء من التوتر قد تؤدي لحرب أميركية مفتعلة ضد روسيا تقوم بها مولدوفا نيابة عن الولايات المتحدة الأميركية.

في موازاة ذلك تدأب الإدارة الأميركية على ممارسة نهجها الاستفزازي في منطقة القوقاز، والذي تمثل مؤخراً بتنفيذ مناورة عسكرية أميركية ــ أرمينية مشتركة تنطلق من واقع ذهاب الزعيم الأرميني نيكول باشينيان باتجاه التعامل العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية الأمر الذي يشكل حساسية للجانب الروسي، وخاصة أن أرمينيا عضو في «منظمة اتفاقية الأمن الجماعي»، مع الأخذ بالاعتبار أن من شأن تلك المناورات أن تثير النزاعات في منطقة القوقاز وتزعزع الاستقرار فيها، وتؤشّر إلى بداية مرحلة جديدة من الكباش الأميركي – الروسي، مسرحه القوقاز الجنوبي، الهدف منه استفزاز روسيا وإرباكها في جبهة جديدة.

وما يؤكد انخراط واشنطن وحلفاؤها الأطلسيون في ما يجري في القوقاز، دعوة رئيس لجنة توسيع الاتحاد الأوروبي في الـ«ناتو» غونتر فيهلينغر، لضمّ أرمينيا إلى الحلف، تلك الدعوة التي تلقفها نائب وزير الخارجية الأرميني فاهان كوستانيان معلناً استعداد بلاده لعملية الانضمام في منطقة القوقاز الجنوبي!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن