«قسد» لا تزال تراهن على الحل الأمني وواشنطن في مأزق … مصادر لـ«الوطن»: دير الزور لانتفاضة جديدة رقعة انتشارها أوسع والانطلاقة من «ذيبان»
| حلب- خالد زنكلو
أخلّت انتفاضة العشائر العربية في ريف دير الزور بالتوازن الذي أوجده وعلى مدار سنوات الاحتلال الأميركي وعملاؤه داخل ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» في المنطقة التي باتت مهددة بالمزيد من التأزيم نتيجة مراهنة الميليشيات على الحل الأمني لقمع أي حراك ضدها وادعاء الاحتلال الأميركي وقوفه على الحياد دون تدخل فعلي يستجيب لمطالب ومظالم العشائر سكان المنطقة الأصليين.
وأوضحت مصادر مطلعة عما يدور بريف دير الزور الشرقي أن ادعاء متزعمي «قسد»، وعلى رأسهم قائد الميليشيات المدعو مظلوم عبدي، بأن «توتر العشائر انتهى»، محض افتراء، الغاية منه «طمأنة» المحتل الأميركي بأن المنطقة تحت السيطرة وأن المحرك الأساسي لانتفاضة أبنائها أجندة خارجية وليس تعديات الميليشيات على حقوقهم ومصادرة قرارهم بحكم منطقتهم التي يشكل المكون العربي أغلبية سكانها.
وأكدت المصادر لـ«الوطن» أن حراك العشائر العربية مستمر بدليل الاشتباكات المتواصلة مع مسلحي «قسد» بين الحين والآخر، واستمرار الأخيرة بحملات الاعتقال التي استهدفت كلاً من شارك في الحراك، ولو على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي رفع منسوب الاحتقان لدى أبناء العشائر ودفعهم للتحضير لانتفاضة جديدة أكثر زخماً من الأولى، بعدما لاحت بوادرها في الأفق وفي نفوس جميع أبناء المنطقة.
وللتدليل على ذلك، وبحسب المصادر، شن مقاتلو العشائر العربية أمس هجوماً واسعاً استهدف مواقع «قسد» في بلدة ذيبان شرقي دير الزور تمكنوا خلاله من السيطرة على أجزاء من البلدة تضم بيت مشيخة قبيلة العكيدات وقتل وجرح عدد من مسلحي «قسد»، إضافة إلى إعطاب وتدمير أكثر من 10 آليات، ما دفع بالميليشيا إلى إرسال تعزيزات عسكرية لاحتواء الموقف وفرض حظر تجوال من بلدة الشحيل إلى بلدة الباغوز جنوب شرق دير الزور.
وتزامن ذلك مع إعلان شيخ مشايخ العشيرة إبراهيم الهفل وعبر تسجيل صوتي جديد بدء «معركة جديدة» ضد «قسد»، ودعا العشائر العربية إلى «النفير العام» لمساندة المنتفضين في ذيبان و«أبناء الفرات» من أنصاره إلى «الإصرار على فرض المكوّن العربي، واسترجاع الأرض والكرامة»، وذلك بعد أن أعلن قبل 3 أيام في تسجيل صوتي آخر أنه موجود ويشرف على قوات العشائر التي تقاتل «قسد»، مشيراً إلى أنه بصدد ترتيب «قــيادة عســكرية» تشرف على قتال الميليشيا.
وتوقعت المصادر أن الانتفاضة الجديدة التي انطلقت من ذيبان، ستتسع لتشمل جميع أرجاء دير الزور الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، وستمتد لتشمل محافظتي الرقة والحسكة الواقعتين تحت هيمنة الميليشيا، لأن معاناة المكون العربي في جميع مناطق شرق الفرات هي ذاتها من تهميش وإقصاء وتغييب عن إدارة ثروات المناطق والإفادة منها، عدا المشاركة في حكم قرى وبلدات المناطق لمصلحة «قسد» الآمر الناهي في تحديد حاضر ومستقبل المناطق.
ولفتت إلى أن معظم مكونات «قسد» من التشكيلات العسكرية العربية، مثل ميليشيا «قوات الصناديد» في الحسكة وميليشيا «ثوار الرقة» في الرقة، سيخرجون عن طاعة «قسد» نصرة لأبناء عمومتهم في حال قيام انتفاضة جديدة، ويدل على ذلك انشقاق الكثير من مسلحي تلك التشكيلات عنها وانضمامهم إلى انتفاضة العشائر الأولى مطلع الشهر الجاري.
المصادر استنكرت موقف قوات الاحتلال الأميركي التي تقيم أهم قاعدتين عسكريتين غير شرعيتين لها داخل «حقل العمر» للنفط و«حقل كونيكو» للغاز بريف دير الزور الشرقي، بعدما ادعت أنها وقفت على الحياد خلال أحداث ريف المحافظة، لكنها دعمت بعمليات الاستطلاع الجوي «قسد» ومنعت النازحين من الوصول إلى الضفة الغربية للفرات حيث مناطق الحكومة السورية، عدا حنثها بوعودها بدعم مطالب وحقوق العشائر العربية خلال جولتي المفاوضات التي أجرتها مع الفريقين المتحاربين.
وأضافت: إن تأخر إدارة الرئيس الأميركي في حسم موقفها حيال إحداث دير الزور وفشلها في معالجة بذور الأزمة، سيفجر الصراع مجدداً، ما يجعلها في مأزق حقيقي كقوة احتلال ويهدد مكاسبها في المنطقة الحيوية إقليمياً ودولياً.
وشككت بنية «قسد» تقديم الخدمات اللائقة لسكان القرى والبلدات العربية بدير الزور، بدليل اتخاذها إجراءات عقاب جماعية بحق السكان كقطع مياه الشرب عنهم ومنع وصول المواد الغذائية والمساعدات الطبية إلى مناطقهم، إضافة إلى عدم السماح للكثير من الأهالي بالعودة إلى مناطق سكنهم، كما في ذيبان والطيانة.
ونفذت «قسد» خلال اليومين الأخيرين حملات اعتقال طالت كلاً من بلدات الشحيل والحصين وأبو حمام وأبو حردوب والحريجية، دارت على إثرها اشتباكات في العديد من المواقع بين أبناء العشائر العربية ومسلحي الميليشيا.
وسبق لأبناء عشائر الرقة والحسكة الخروج بتظاهرات وتنفيذ إضرابات منتصف الشهر الجاري ضد «قسد»، على خلفية قرارها زيادة أسعار المحروقات، واحتجاجاً على الإجراءات القمعية بحقهم، ما ينذر بالمزيد من تصعيد أبناء العشائر ضد الميليشيات.