قضايا وآراء

ضرورة التصدي لخطط الكيان على الساحة العالمية

| تحسين الحلبي

تشير الإحصاءات اليهودية العالمية الحديثة إلى وجود جاليات يهودية بأربع وتسعين دولة في العالم وعدد أفراد كل جالية منها يبدأ بمئة فرد أو آلاف أو عشرات الآلاف في معظم الدول، وينتهي بملايين كثيرة في الولايات المتحدة وفي الكيان الإسرائيلي، وبمئات الآلاف في الدول الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لكن اللافت في هذا الانتشار هو أن منظمات الحركة الصهيونية ومنظمة المؤتمر اليهودي العالمي والسفارات الإسرائيلية، تنشط داخل كل جالية وتؤسس نفسها فيها كمرجعية سياسية واجتماعية لهذه الجاليات ونشاطاتها، وبهذا الشكل تتعامل مع أفرادها أو من يقبل منهم، كقوة بشرية احتياطية للكيان وحماية المشروع الصهيوني والهجرة إليه، وبهذا الشكل الواسع ينتشر عدد كبير من المنظمات اليهودية والصهيونية في العالم للتواصل مع هذه الجاليات لتوظيفها في خدمة المشروع الصهيوني العالمي وكيانه الإسرائيلي، وقد اعتادت هذه المنظمات تقديم كل أشكال المساعدات والدعم لهذه القوة البشرية اليهودية في العالم وتجنيد القادرين من أفرادها على خدمة أهداف إسرائيل والتصدي للمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني واتهامهم بمعاداة السامية والإرهاب لتبرير الاحتلال واعتداءاته الوحشية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

بالتالي، لم يكن من المستغرب أن تعرض وسائل الإعلام الإسرائيلية واليهودية العالمية ومن بينها صحيفة «جيروزاليم بوست» في كل عام قوائم تضم أهم الشخصيات اليهودية الأكثر تأثيراً في الدول والعالم ونجد بينها، للعام 2022، رؤساء حكومات مثل رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيت بورن ورئيس أوكرانيا فلوديمير زيلينسكي ووزير الخارجية الأميركي توني بلينكين وعاموس هوخشتاين الذي كان ضابطاً في سلاح الدروع الإسرائيلي ثم أصبح المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الطاقة في الشرق الأوسط، وعمانوئيل رام الذي كان ضابطاً متطوعاً في الجيش الإسرائيلي عام 1991 في جبهة جنوب لبنان ثم أصبح رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما ويعمل الآن سفيراً لواشنطن في طوكيو، وهناك أيضاً رؤساء شركات مالية وتجارية وعسكرية خاصة وابتكارات إلكترونية في عالم فيسبوك وغوغل في العالم.

فمثل هذه البنية للقوة البشرية اليهودية الصهيونية المتنفذة في عدد من الدول والشركات الخاصة العلنية للخدمات العسكرية والاستخباراتية ومعظم أصحابها ورؤسائها ممن تولوا مناصب رفيعة في الموساد، المنظمة الإسرائيلية للتجسس والمهام السرية، وفي وزارة الدفاع، توظف نفسها لخدمة الكيان وحلفائه في عواصم الغرب بل في منظمات الأمم المتحدة، وتستعين بالنفوذ الأميركي المتزايد داخلها، ولا شك أن مجابهة هذه القدرة الصهيونية واتساع نفوذها تتطلب من القوى العربية والإسلامية التي تواجه الكيان الإسرائيلي وحركته الصهيونية العالمية، تجنيد أكبر قدر من قوتها وإمكاناتها لصد العدوان الإسرائيلي ومخططاته، وقد حققت القوى التي تتصدى لهذا العدوان انتصارات ميدانية وإنجازات ملموسة خلال العقدين الماضيين وتغلبت على قدرات الحركة الصهيونية وحلفائها ونجحت في تعديل ميزان القوى لمصلحة الشعب الفلسطيني وحماية حقوقه الوطنية، وهذا ما بدأ يعترف به قادة الكيان من عسكريين وسياسيين وأصبحت الحاجة الآن تتطلب من هذه القوى العربية والإسلامية وفي مقدمها محور المقاومة، حشد المزيد من الأطراف والقوى الإقليمية والدولية الداعمة لها في التصدي لعنصرية الكيان، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني وخاصة في هذه الأوقات التي ينشط خلالها الكيان الآن لتجنيد رأي عام من قلب جنوب إفريقيا هذه المرة، لمنع إدانة إسرائيل بالعنصرية والأبارتايد، فقد نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في 24 من شهر أيلول الجاري مقابلة مع وزير الدفاع السابق لدولة جنوب إفريقيا موسي يوا ليكوتا الذي كان قد سجن مع أول رئيس إفريقي لجنوب إفريقيا بعد تحريرها من المستعمرين البيض نيلسون مانديلا، وزعمت الصحيفة أنه نفى وجود نظام عنصري «أبارتايد» في إسرائيل ضد الفلسطينيين، وفي ساحة المجابهة مع الكيان تعد منظمات الحركة الصهيونية الآن بدعم أميركي وغربي مشروع قرار «يدين» كل من يصف إسرائيل بالعنصرية بأنه معاد للسامية وتطالب بمحاكمته، وكان الكيان قد فرض على أوروبا في الأعوام الماضية بدعم أميركي أن تعد كل اتهام لإسرائيل باحتلال أراضي الشعب الفلسطيني شكلاً من أشكال معاداة السامية، ولذلك تصبح مناهضة هذا المخطط على الساحة العالمية من بين أهم مواضيع جدول عمل حماية حقوق الشعب الفلسطيني وتثبيت مستحقاته التاريخية القانونية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن