مصادر «الوطن» في بكين: اللقاءات والمباحثات مع رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب الصينيين كانت ممتازة … الرئيس الأسد: دور الصين يحقق فائدة مشتركة للشعوب بدلاً من الربح على حساب الآخرين
| بكين - سيلفا رزوق
اختتم الرئيس بشار الأسد أمس سلسلة لقاءاته الرسمية مع كبار المسؤولين الصينيين بلقاءين مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني تشاو له جي، في العاصمة الصينية، على حين أكدت مصادر متابعة في بكين لـ«الوطن» أن اللقاءات كانت ممتازة.
وخلال لقائه لي تشيانغ، أكد الرئيس الأسد أن اللقاء مع الرئيس شي جين بينغ كان ناجحاً جداً ومن أهم نتائجه الإعلان الاستراتيجي للعلاقة بين بلدينا، موضحاً أن الصين اليوم تلعب دوراً كبيراً على الساحة الدولية.
وقال: «أهنئكم على التنظيم الرائع لافتتاح بطولة الألعاب الآسيوية منذ يومين، وأود التوجه بالشكر لكم على الاهتمام بكل تفاصيل هذه الزيارة لتكون زيارة ناجحة، ويسعدني أن ألتقي بكم اليوم بعد لقاء ناجح جداً بيني وبين الرئيس شي في خانجو وتحدثنا خلاله بالعناوين العامة والعريضة، وكان من أهم نتائج هذا الاجتماع هو الإعلان الإستراتيجي للعلاقة بين بلدينا».
وتابع: «أتقدم بالشكر لحكومتكم على الدعم الذي قدمته لسورية خلال الحرب بشكل عام، وخلال الزلزال الذي أصاب سورية في بداية هذا العام بشكل خاص، هذا الدعم، سواء كان دعماً إنسانياً أو سياسياً، يعبر عن مواقف الصين المتقدمة جداً على الساحة الدولية، وكان له أثر كبير في تخفيف آثار الحرب عن سورية وفي دعمها في معركتها ضد الإرهاب وضد الحصار».
وقال الرئيس الأسد: «لا شك أن الصين اليوم تلعب دوراً كبيراً على الساحة الدولية، والصداقة أو العلاقة القديمة التي تكلمتم عنها والتي بنيت عبر آلاف وعبر عشرات السنين مؤخراً، خلقت ثقة كبيرة بين بلدينا، والسبب أنها مبنية على تاريخ متشابه، والأهم على مبادئ ثابتة، هذه المبادئ هي نفسها التي يمكن أن ننطلق منها باتجاه المستقبل».
وأضاف الرئيس الأسد، بحسب فيديو نشرته صفحة الرئاسة الرسمية على تلغرام: «اليوم العالم يتغير، والصين تلعب دوراً مهماً في إعادة التوازن الدولي في هذا العالم ونعتقد أن هذه العلاقة يمكن أن تنطلق من خلال المبادرات الصينية: مبادرة الحضارة العالمية، مبادرة الأمن العالمي، مبادرة التنمية العالمية، والجانب التطبيقي الآن لهذه المبادرات هو مبادرة «الحزام والطريق» التي نستطيع أن ننطلق منها باتجاه تطوير علاقاتنا في المجال الاقتصادي، وفي المجال الثقافي، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية.
وأضاف الرئيس الأسد: سيكون لدينا ربما الكثير من التفاصيل لبحثها لاحقاً على مستوى المسؤولين، وأشكركم على كل الترتيبات لهذه الزيارة وأتوجه بالشكر لكل أعضاء الحكومة الصينية.
وبحسب الفيديو، قال رئيس الوزراء الصيني من جهته: «فخامتكم صديق عزيز وقديم للشعب الصيني، وتربط الصين وسورية صداقة تاريخية قبل أكثر من ألفي سنة، وبدأنا التواصل الاقتصادي والتجاري والشعبي من خلال طريق الحرير القديم».
وأشار لي تشيانغ إلى أن سورية من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة، وعلى مدى 67 سنة مضت، صمدت هذه العلاقات أمام اختبار تغيرات الأوضاع الدولية، ونمت بشكل مضطرد من خلال تبادل الدعم والثقة، وزادت الصداقة متانة مع مرور الزمن.
وقال: في السنوات الأخيرة وبإرشاد إستراتيجي من الرئيس شي وفخامتكم، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين، ويتقدم التعاون والتواصل في كل المجالات، إلى الأمام، وقبل يومين عقد الرئيس شي مع فخامتكم لقاءً مثمراً في خانجو، وكل العالم يهتم بهذا اللقاء حيث تم إعلان إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين، مما رسم خطوطاً عريضة جديدة، وأضافت ديناميكية جديدة على تطور العلاقات الثنائية.
وأوضح لي تشيانغ أن الجانب الصيني يعقد الأمل مع الجانب السوري على حسن تنفيذ التوافقات المهمة بين الرئيسين وتحقيق إنجازات جديدة للتعاون بين البلدين باستمرار.
وفي لقاء آخر منفصل مع رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني له جي اعتبر الرئيس الأسد أن الانتقال من العالم القديم الذي يعتمد على القوة إلى العالم الجديد الذي يعتمد على الأخلاق يجب أن ينطلق من دور الصين التي تنتهج سياسة أخلاقية وتنمية أخلاقية، وتقدم مبادرات للعالم أجمع، مشيراً إلى أن المبادرات التي طرحها الرئيس شي جين بينغ تشكل أملاً وأبواباً مفتوحة لعالم جديد.
وقال: «أنا سعيد والوفد المرافق أن نكون في الصين بعد نحو عشرين عاماً، وقد تبوأت الصين مكانة عالمية كبيرة وقامت بقطع خطوات مهمة في مجالات مختلفة، في المجال الاقتصادي، في المجال التقني، وطبعاً الدور السياسي الذي تلعبه اليوم، وأريد أن أبدأ بتوجيه الشكر لكم وللشعب الصيني ولمؤسسات الدولة الصينية التي وقفت مع سورية في حربها القاسية التي استمرت حتى اليوم، نحو ثلاثة عشر عاماً فيها مزيج من الحصار الاقتصادي لتجويع الشعب السوري ودعم الإرهاب وما خلفه من تخريب وغير ذلك». الرئيس الأسد لفت إلى أن الصين وقفت مع سورية سياسياً انطلاقاً من السياسة الصينية المبنية على رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سياسة الدول، ونبذ الإرهاب، كذلك وقفت معنا في الجانب الاقتصادي والإنساني من خلال مساعدتها للشعب السوري على تخفيف آثار الحصار، لكل ذلك نتوجه لكم بالشكر الكبير على كل ما قامت به الصين.
وتابع: في هذا الإطار نفسه، نحن نتطلع لدور الصين الحاضر والمستقبلي، سورية والكثير من دول العالم تتطلع لهذا الدور المحدد بشكل واضح عبر مبادرات ثلاث هي: مبادرة الحضارة العالمية، مبادرة الأمن العالمي الأمن للجميع، ومبادرة التنمية العالمية التي تعني أن نتبادل الفائدة كشعوب بدلاً من أن نربح على حساب بعضنا بعضاً.
واعتبر الرئيس الأسد أن هذه المبادرات التي تلقى دعماً من معظم شعوب العالم ومعظم دول العالم ما عدا قلة قليلة، هي قاعدة أساسية للانطلاق باتجاه أي تعاون ثنائي أو جماعي بيننا وبينكم، بين الصين وبقية دول العالم، وبين دول العالم بشكل عام، أتمنى أن تشكل هذه الزيارة قاعدة لمستقبل أكثر استقراراً لسورية، للشرق الأوسط، للعالم بشكل عام.
وقدّم الرئيس الأسد التهنئة للصين على نجاحها في إنجاز الاتفاق السعودي- الإيراني، معتبراً أن هذا النجاح هو دليل على أن الصين تشكل اليوم قوة دولية حضارية سياسية وأخلاقية.
واليوم تجري السيدة الأولى أسماء الأسد زيارة للقسم العربي في جامعة بكين، حيث تلقي كلمة لها وتجري حواراً مع الطلبة الصينيين الدارسين باللغة العربية بحضور عدد من السفراء والباحثين والطلاب.
مصادر متابعة في بكين كشفت لـ«الوطن» أن اللقاءات والمباحثات الثنائية التي أجراها الرئيس الأسد في قاعة الشعب العظيم وسط بكين مع لي تشيانغ وكذلك مع تشاو له جي كانت ممتازة، والصين بدأت بالفعل باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإطلاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين وهذا قرار من أعلى السلطات الصينية وبتوجيهات من الرئيس شي بعد لقائه بالرئيس الأسد.
وأضافت المصادر: إن للصين مواقفها المعروفة من سورية، لكن الآن وبعد هذه الزيارة دخلنا مرحلة جديدة وهي مرحلة ستكون استراتيجية وسياسية بامتياز وتكون ثمارها فيما بعد اقتصادياً.
وختمت المصادر بالتأكيد على أن الصين لم تكتفِ فقط بحفاوة الترحيب، بل انتقلت إلى مرحلة العمل الجاد من أجل إطلاق الشراكة الاستراتيجية مباشرة من دون تأخير وأن رئيس الوزراء الصيني أكد أمام الرئيس الأسد أن بلاده ماضية في كل الترتيبات اللازمة من أجل بدء المرحلة الجديدة في العلاقات بين البلدين.