مع بداية العام الدراسي ثمة سباق سواء من الطلاب أو المدرسين الذين تشملهم ظاهرة الدروس الخصوصية بعد أن تحولت الدروس الخصوصية إلى موضة ووسيلة للتفاخر بين الطلاب، وثمة من يبرر أسباب انتشارها، بالحصول على معدلات عالية وبالتالي تكون نتائج الامتحانات أحد أشكال الترويج لهذه الظاهرة. وربما يكون إهمال الأسر لأبنائها وعدم متابعة تعليمهم أحد الأسباب أيضاً، إضافة إلى عزوف بعض المعلمين عن بذل الجهد المفروض في الحصة الدرسية وصولاً إلى كثافة المناهج الدراسية وضخامة المقررات.
لكن بالمقابل لابد من الإقرار إن من بين الأسباب أيضاً غياب المعالجة المناسبة لهذه الظاهرة من قبل الجهات الرسمية وكثرة انتشار مراكز التقوية الخاصة التي باتت تقدم العروض لاستقطاب أكبر عدد من الطلبة، ومن يعمل في الدروس الخصوصية هم المدرسون العاملون في مدارس الطلاب نفسها، ولذلك قضية البحث عن أسباب تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية باتت أهم من الحديث عن آلية معاقبة من يعمل بها لأن البحث عن أسبابها يؤدي إلى إنهاء هذه الظاهرة من خلال علاج أسباب الخلل التي أدت إلى انتشارها بشكل واسع.
واللافت كثرة انتشار إعلانات الدروس الخصوصية في كل مكان والجهات المعنية بالأمر تعلم كما يعلم الجميع أن هذه الظاهرة تسببت في تعميق الفوارق بين التلاميذ وسط ضغط متزايد على ميزانيات الأسر المخصصة لتعليم أبنائها ولذلك يبدو السؤال مشروعاً: ماذا لو كانت المدرسة تؤدي واجباتها؟ هل كنا بحاجة إلى الدروس الخصوصية؟
صحيح إن دوافع الطلبة في الالتحاق بالدروس الخصوصية ما بين راغب في التفوق أو لتعويض الفاقد في المراحل الدراسية، لكن في كل الحالات تشكل هذه العملية عبئاً مالياً إضافياً على الأسر وتعويد الطالب الاتكالية، فالطالب الذي يعلم أن هناك معلماً سيدرس معه كلمة كلمة سيصبح اتكالياً، إضافة إلى أن الأهل هنا يفتقدون أهمية تشجيع طفلهم على التعلم المستمر بدلاً من التعلم بهدف الحصول على معدل عال فقط لأن الاختبار وحده لن يحدد مستوى الطالب.
والسؤال الآخر الذي يبدو لافتاً هو: لماذا يحتاج طالب المرحلة الابتدائية أيضاً إلى الدروس الخصوصية ؟ أما من يقوم بالدروس الخصوصية من معلمين ومدرسين فيبررون ذلك بالحاجة المادية نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، إضافة إلى أنهم يلبون رغبة الطلاب لتحسين قدراتهم وتحصيلهم العلمي ومنهم لعدم استيعابه الدروس في المدرسة. إزاء ذلك كله يبقى السؤال عن غياب الجهات المعنية عن معالجة هذه الظاهرة.