اقتصاد

شطيرة «البيرجـر» تنافس آيفون لقياس الدخـل!

| د. سعـد بساطـة

قام مركز الدراسات بمجلة مرموقة «Think tank» منذ سنوات طويلة باستنباط مؤشر Index لقياس ومقارنة سعـر سلعـة ما في بلدان مختلفة (وبالتالي للاستدلال عـلى مستوى المعـيشة)؛ هل تخيلت في يوم من الأيام أن تكون شطيرة «البيرجر» مقياساً لقيمة عملة بلدك؟ كما أنها من الممكن أن تعطيك علامات واضحة عن نسبة الدخل القومي؟ للإجابة عن هذا السؤال يفضّل أن نلقي نظرة عن كثب على مؤشر «البيج ماك»، لذا سنسلّط الضوء حول أطرف مؤشر في عالم السوق المالي.

القصة كالتالي: عام 1986 طوّرت مجلة الإيكونوميست (The Economist)، مؤشر بيج ماك (The big mac index)، كدليل طريف لمعرفة ما إذا كانت العملات في مستواها الصحيح. يقوم هذا المؤشر على نظرية تعادل القدرة الشرائية المقارنة (PPP) Purchasing Power Parity حيث اتخذ المؤشر تلك الشطيرة معياراً له. وقد أضحى ذلك المؤشر مؤخراً معياراً عالمياً، إذ تم إدراجه في العديد من الأدبيات الأكاديمية الاقتصادية، كما تصدّر عناوين العديد من الدراسات الأكاديمية المتخصّصة في مجال الدراسات الاقتصادية! ويعمل مؤشر بيج ماك بطريقة وُجدت لتسهيل فهم نظرية سعر الصرف، ولكن كيف؟

كما ذكرنا فالمؤشر يقارن أسعار شطيرة بيج ماك في جميع فروع ماكدونالدز في العالم، ونلاحظ أن سعر الشطيرة نفسها يباع بقيمة معقولة في بلدان معينة مثل مصر، في حين تكون قيمتها عالية في بلدان أخرى مثل سويسرا، وذلك باعتبار أن الولايات المتحدة هي المعيار الذي يتم القياس عليه. فعلى سبيل المثال، كان سعر البيج ماك في شهر كانون الثاني 2018 في الولايات المتحدة الأميركية 5.28 دولار، في حين يعادل 1.93 دولار في مصر، و6.67 دولارات في سويسرا في الوقت نفسه، ما يعني أن قدرة الدولار الشرائية تختلف من دولة إلى أخرى. يعيدنا هذا المثال إلى نظرية القدرة الشرائية المقارنة للعملة، والمقصود بالعملة هنا (الدولار)، أي إن السلع التي سنشتريها بمقدار دولار واحد في أمريكا، تختلف عن السلع التي سنشتريها بالدولار نفسه في مصر وسويسرا، ومعنى ذلك أن قيمة الدولار الفعـلية مرتفعة أكثر في مصر، وأننا نستطيع شراء الكثير من السلع بدولار واحد مقارنة بأميركا، في حين سنشتري سلعاً أقل بقيمة الدولار نفسه في سويسرا.

يقوم مؤشر بيج ماك بقياس ما إذا كانت أسعار الصرف في السوق لعملات البلدان المختلفة مبالغاً فيها أو تم تقييمها بأقل من قيمتها الحقيقية، وذلك عن طريق قياس كل عملة مقابل معيار مشترك، ألا وهو بيج ماك في مؤشرنا هذا.

رغم كل الجدل حول الطعام السريع غير الصحي، فإن «بيج ماك» حافظ على شهرته ومكانته عند الكثيرين في جميع أنحاء العالم. ولكن هل علم أصحابه أنه تحوّل إلى مؤشر اقتصادي؟

أينما كنت تعيش في طوكيو أو موسكو أو كولومبو أو أوسلو، يمكنك الخروج والتوجه إلى أقرب مطعم ماكدونالدز، وتناول فطيرتي لحم، خس، جبن، مخلل، وبصل، وكلها مغطاة بصلصة خاصة ومحشوة داخل قطعة خبز دائرية. مع قطعة بيج ماك كبيرة (ستحصل على ما يقرب من 500 سعرة حرارية من السعادة). قد تختلف قطعة بيج ماك قليلاً من بلد إلى آخر في المظهر والأحجام والسعرات الحرارية، إلا أن الوصفة الأساسية للهامبرغر الأكثر شهرة في العالم تظل كما هي.

مكونات بيج ماك هي منتجات غذائية منتشرة ومتوفرة بكل البلدان. ويمكن الحصول عليها في محال البقالة المحلية: البصل واللحوم والخس والجبن والمخللات، إلخ. لذلك يمكنك تسميتها بسلة البضائع الجاهزة. لهذا السبب في منتصف الثمانينيات جرى اختيار تكلفة مكوناتها كأداة بسيطة لتحليل قيمة العملات.

لنأخذ مثلاً دولتين، هما الولايات المتحدة والصين ونقارن أسعار البيج ماك فيهما بالعملات المحلية. سنجد أن نتيجة الفرق في الأسعار هي سعر صرف بيج ماك، الذي غالباً ما يختلف عما نحصل عليه من المصادر الرسمية، ويمكننا معرفة ما إذا كانت العملة المعنية قد زادت أو نقصت قيمتها مقابل العملة الأخرى.

سؤال يتبادر لنا الآن هل يمكننا استخدام مقارنة سعر بيج ماك للتداول؟ والإجابة أن هذا المؤشر ليس مجرد طريقة مضحكة للعبث بالاقتصاد؛ فقد أصبح معياراً عالمياً على مر السنين.

الآن ولمزيد من الدقة فقد قامت منظمة الإحصاء العـالمية بدراسة لدول حول العالم World of Statistics

كم يحتاج مواطنوها (من رواتبهم الشهرية) للإنفاق من رواتبهم للحصول على سلعـة أخرى (أكثر تعـقيداً) هي: الآيفون15برو ماكس الذي يقدر سعره بنحو 1199 دولاراً:

[سويسرا – 20 بالمئة – سنغافورة – 24 بالمئة – الولايات المتحدة – 28 بالمئة-الإمارات – 34 بالمئة-أستراليا – 35 بالمئة-هولندا – 35 بالمئة-الدنمارك – 35 بالمئة-النرويج – 37 بالمئة- كندا – 39 بالمئة- ألمانيا – 40 بالمئة].

وفي بلدان فقيرة مثل بنغلادش قد يستلزم الأمر راتب 12 سنة! نلاحظ الفرق الشاسع (وهو يمثل مدى ضعـف القوة الشرائية لتلك البلدان)!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن