ثقافة وفن

الندوة الوطنية للترجمة 2023 في مكتبة الأسد الوطنية … د. الياسين: لولا الترجمة لم يتسنَ لنا معرفة الأنواع الأدبية

| مصعب أيوب

في الثلاثين من أيلول من كل عام يحتفي المترجون واللغويون في أصقاع العالم جميعها بيوم الترجمة، تخليداً لأهمية هذه المهنة الإبداعية والنبيلة التي تعكس الإشعاع الثقافي والحضاري التاريخي في بلاد العالم كله، فتعيش بين المعاني والمفردات لتنقل للعالم أدباً وفكراً وعلماً وفناً من خلال تسهيل عملية التواصل بين الحضارات والمضي قدماً في مواكبتها ونقل المشهد الثقافي وقطف ثمار الإنجازات الأدبية والثقافية.

وعليه فقد أقامت وزارة الثقافة ممثلة بالهيئة العامة السورية للكتاب في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق الندوة الوطنية للترجمة 2023 بعنوان «أثر الترجمة في الحركة الأدبية والفنية في العصر الحديث» وذلك بالتعاون مع مجمع اللغة العربية واتحاد الكتاب العرب واتحاد الناشرين السوريين.

نشاط فكري وحضاري متميز

من جانبه الدكتور نايف الياسين بين أن القائمين على الندوة السنوية للترجمة يختارون في كل عام موضوعاً مختلفاً للندوة ليكتب فيه الباحثون والمختصون، ونحن نقيم هذه الندوة للتأكيد على أهمية الترجمة حيث لها أثر كبير في جميع الحركات سواء الأدبية أو الفكرية، ونحن نركز على هذا الجانب من أجل إبراز الجوهري الذي تؤديه الترجمة، وإننا بحاجة للمزيد من أجل التأكيد على دورها المحوري في المشهد الثقافي والفكري والمعرفي.

وتابع الياسين: لا بد من تسليط الضوء على هذا النشاط الفكري والحضاري المتميز بحيث أنه لولا الترجمة لم يتسن لنا معرفة الأنواع الأدبية من رواية وقصة ومسرح والشعر الحر، وكذلك الكثير من الحركات الأدبية والفكرية والفنية التي عرفناها بواسطة الترجمة.

أخطاء فادحة

مدير الجلسة الأولى وعميد المعهد العالي للترجمة د. فؤاد الخوري أوضح لـ«الوطن» أن اللقاء اليوم يأتي ضمن التقليد السنوي الذي تنظمه وزارة الثقافة وهو مهم جداً لتعريف الجميع بأهمية الترجمة التي إن توقفت تتوقف أمور حيوية كثيرة إذ إنها ضرورة ملحة لكثير من الاختصاصات، وبالتالي فإن المؤسسات والأكاديميات والجامعات والمراكز العلمية ومراكز التأهيل والتدريب ستعمل بشكل أفضل على جودة المترجمين الذين تقوم بتأهيلهم وتدريبهم لتقديمهم بالصورة الأمثل، وبين أنه من المؤسف أن واقع المترجمين يبدو سيئاً اليوم حيث أن الجمهور لم يعد تعنيه الجودة، وإنما بات العمل والتقديم عشوائيين وفوضويين والأخطاء والترجمات في مواضع كثيرة تكون فادحة ولا تغتفر وكذلك التحريف والترجمات الأدبية التي تبتعد عن النص وتخون الأمانة الأدبية، ونحن نهدف من خلال هذه الفعالية السنوية توعية الجهات المعنية من أفراد ومؤسسات وجامعات إلى أهمية هذه المهنة كي تكون وسيلة تواصل وجسر محبة وسلام بدلاً من أن تكون عثرة في أحيان كثيرة.

مشكلات وحلول

كما أفاد مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور باسل المسالمة أن الندوة فيها من الأهمية الشيء الكثير بحيث يتباحث فيها المترجمون والمترجمات المشكلات التي تعترضهم في الترجمة، وهذا العام ستكون الندوة عن أثر الترجمة في عصر النهضة العربية، كيف أثرت وكيف حسنت من الذوق العربي في اختيار النصوص وما إلى ذلك، إضافة إلى أن الندوة تناقش مشكلات المترجمين وتطرح بعض الحلول لها، ولاسيما في يوم الترجمة العالمي الذي يتعاضد فيه المترجمون حول العالم لنشر رسالة الترجمة وهي نشر السلام في جميع أنحاء العالم وتعزيز القيم التي ترنو إليها هذه المهنة النبيلة.

إعداد الخطط الدراسية

وقد أكدت الأستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتورة ميسون علي في حديثها لـ«الوطن» أنه من الأهمية بمكان أن تقام هذه الندوة ولاسيما حول موضوع مهم وذلك بحضور القائمين على أهم المؤسسات والجهات المعنية بشأن الترجمة وإعداد التدريب وتخريج الشباب، وأنا أشارك فيها للحديث عن دور الترجمة في إثراء المسرح الحديث والمعاصر وأتطرق فيها بداية إلى موضوع ترجمة مصطلح المسرح لأن العرب لم يعرفوا المسرح إلا على صعيد النص وبعض الظواهر المسرحية، ولذلك أخذنا بعض المصطلحات عن الغرب وتمت ترجمتها ومنها مصطلحات الكوميديا والتراجيديا، وأول من استخدم مصطلح المسرح هو الكاتب المسرحي توفيق الحكيم منتصف القرن المنصرم، ولذلك سأتحدث عن موضوع ترجمة المصطلحات وترجمة النص المسرحي الأجنبي في سورية وبداياتها وما الذي أسهم في تطورها بحيث قامت وزارة الثقافة بترجمة الكثير من النصوص والدراسات المسرحية، وتزامن ذلك مع افتتاح المعهد العالي للفنون المسرحية الذي أدى بدوره إلى مساعدة الطلاب والمدرسين على إعداد المناهج والخطط الدرسية في المعهد وإن كانت في بدايتها بسيطة ولكن مع إنشاء الهيئة العامة السورية للكتاب بدأ الاهتمام بالنصوص المعاصرة.

جسر للتواصل

مدير التأليف في الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور غسان السيد أكد أن وزارة الثقافة حريصة على إقامة هذه الندوة في موعدها السنوي حيث تقدم مجموعة من الموضوعات التي تمس الترجمة وآفاق العمل في هذا المجال لأن الترجمة هي جسر للتواصل ونقل المعرفة من ثقافة إلى ثقافة أخرى، وأنا استهللت مداخلتي بسؤال مهم للغاية وهو لماذا نترجم؟ لأننا لدينا بعض المفكرين يدعون إلى التوقف عن الترجمة معتبرين أن الغرب يتقدم ويستمر ونحن نلحق به، وهو حقيقةً أمر غير ممكن لأن الوقوف عن الترجمة هو الوقوف عن التفكير، ونحن لا ننتج المعرفة ولا بد لنا من نقل المعرفة من اللغات الأخرى وهذا ليس عيباً، فإن نقل الثقافة والفكر تنتهجه الدول العظمى والدول الأقوى هي الدول الأكثر ترجمةً في كل المجالات وهو ما يؤكد حاجتنا الماسة للترجمة من اللغات جميعها، وشدد على أن الترجمة موجودة ولكنها ليست بالمستوى المطلوب ولو أنه أتيح للهيئة مزيد من الإمكانات لقدمت أعمالاً أكثر أهمية وأكثر عدداً وكماً ونوعاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن